قال مصدر عليم من وزارة الصحة أن الضجة الإعلامية التي أثيرت حول الأدوية المضادة للزكام تضمنت عدة مغالطات، وبأن توصيات السلطات الفرنسية المعنية حول هذا الموضوع ليست وليدة اليوم. وأثارت جرائد ومواقع الكترونية وطنية خلال اليومين الأخيرين تساؤلات حول مخاوف محتملة من استخدام بعض الأدوية المضادة للزكام بعد تداول الآلام الفرنسي لأخبار تتضمن نوعا من التحذير منها. وأوضح المصدر في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، يوم أمس، أن الأمر يتعلق بتوصية أصدرتها اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية بفرنسا في شهر دجنبر من سنة 2011، حيث ظهرت هنالك حالات وصل عددها إلى 15 حالة في تلك الفترة، تبث ظهور مضاعفات خطيرة لديها جراء تناولها لأدوية مضادة للزكام، عن طريق الأنف، مما حدا باللجنة المعنية إلى إصدار توصية بشأن الاستعمال المعقلن لهذه الأدوية وعدم الإفراط في استخدامها. وتم التأكيد آنذاك أيضا على أنه لا يجب تناول هذه الأدوية لمدة أطول من خمسة أيام، كما يحظر تناولها بالنسبة للأطفال أقل من 15 سنة وبالنسبة للأشخاص المعرضين لمضاعفات صحية (personnes à risque). وأضاف مصدرنا أن الأمر يتعلق تحديدا بالأدوية التي يتم تناولها عن طريق الأنف والتي تستعمل للحد من حالات الاحتقان التي تصاحب الأمراض الشتوية (الزكام، الانفلونزا، ونزلات البرد)، وقد يكون لها تأثير على الدورة الدموية مما يشكل خطرا على القلب والدماغ. ولا يهم الأمر، كما يقول مصدرنا الأقراص أو أنواع الشراب والمحاليل التي يتم تناولها عن طريق الفم. وكانت صحيفة "ليكسبريس" الفرنسية قد أوردت، يوم الجمعة الماضي، خبرا مفاده أن اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية الفرنسية أعلنت أنها تدرس إمكانية إصدار رأي استشاري بخصوص الأدوية المضادة لاحتقان الأنف في حالات الزكام، يوصي بعدم بيع هذه الأدوية في الصيدليات بدون وصفة طبية. ومن بين الأدوية المعنية بهذا التحذير ما يحمل أسماء متداولة ومستعملة على نطاق واسع مثل "أكتيفيد" وإيميكس" و"ودولي ريم"، و ذلك لما تنطوي عليه المواد الفعالة في هذه الأدوية، وعلى رأسها مادة "بسودوفيدرين" من مخاطر على صحة الإنسان مرتبطة بارتفاع الضغط الدموي والجلطات واضطرابات في الدورة الدموية والجهاز العصبي. وهي المخاطر التي تعتبر نادرة الحدوث (بنسبة واحد في المليون) ولكنها تبقى محتملة، خاصة في حال استعمال هذه الأدوية بصفة عشوائية وبدون استشارة طبية. وأكد مصدرنا في وزارة الصحة أن السلطات الصحية المغربية ومن خلال المرصد الوطني لليقظة الدوائية ومحاربة التسمم ظلت متابعة للوضع عن قرب منذ ظهور تلك الحالات المتضررة في فرنسا، إلا أنه لم يتم التوصل بأي معلومات تفيد وقوع حالات مماثلة عندنا. وأشار أن وزارة الصحة تعمل في نفس الوقت على تحسيس مختلف مهنيي الصحة من أطباء وصيادلة، وكذا عموم المواطنين، بضرورة تكريس ثقافة اليقظة الدوائية، وبالنسبة إلى جميع حالات الاستشفاء والتداوي وليس فقط الأمراض الشتوية، من أجل عدم اللجوء إلى استخدام الدواء إلا في حالة الضرورة وبعد استشارة الطبيب، وحتى في حال غياب الوصفة الطبية فإن المريض مطالب بالإدلاء بالمعلومات الضرورية حول حالته الصحية للصيدلي المختص أو مساعديه، قبل اقتناء الدواء في الصيدلية، كما أنه مطالب، قبل تناوله للدواء، بقراءة نشرة الدواء (la notice) التي تحتوي على معلومات كافية حول الآثار الجانبية والمضاعفات المحتملة لدى استخدام أي من الأدوية. وتصبح هذه التوصيات أكثر أهمية ودقة عندما يتعلق الأمر بالأشخاص المعرضين للخطر كالأطفال والمسنين والمصابين بالأمراض المزمنة وعلى رأسها ارتفاع الضغط الدموي. وتجدر الإشارة إلى أن معظم الأدوية المستخدمة في حالات الزكام لا تمتلك خاصية علاجية بقدر ما تعتمد على التخفيف من حدة الأعراض. ويوصي المختصون في هذه الحالات بغسل الأنف بواسطة المحلول الفيزيولوجي (serum pysiologique) والتحلي بالصبر لمدة أسبوع قبل بدء اختفاء تلك الأعراض.