مثل خطاب جلالة الملك، الذي وجهه أول أمس الثلاثاء بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين للمسيرة الخضراء، تأكيدا مغربيا جديدا على ثوابته بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، بالإضافة إلى تواصل التزامه بالمسار الديمقراطي الإصلاحي والتنموي. الخطاب الملكي جاء إذن مؤكدا للثوابت المعروفة في الموقف المغربي بخصوص قضية الصحراء، لكن ظرفية الخطاب وتزامنه مع جولة كريستوفر روس في المنطقة دفع كثيرا من المحللين إلى اعتبار الخطاب بمثابة رسالة مغربية قوية إلى كافة الأطراف المعنية بهذا النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للبلاد. وقال جلالة الملك بأن مبادرة تخويل الصحراء المغربية حكما ذاتيا في إطار سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية، شكلت منعطفا هاما في مسار التسوية النهاية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، لافتا إلى أن الدينامية التي أطلقتها هذه المبادرة، لم تفض لحد الآن، إلى التوصل إلى الحل السياسي التوافقي والنهائي المنشود، وذلك بفعل غياب الإرادة الصادقة لدى الأطراف الأخرى وتماديها في خطة العرقلة والمناورة. ومن هذا المنطلق، جدد الملك التزام المغرب على الدفع قدما بهذا المسار، على أساس ثوابت المفاوضات وأهدافها كما حدد ذلك مجلس الأمن، وشدد على ضرورة الالتزام بمعايير البحث عن التسوية، وخاصة التحلي بالواقعية وروح التوافق الإيجابي، وهو ما تجسده المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تحظى بالدعم المتزايد للمجتمع الدولي. وفي السياق نفسه، دعا جلالة الملك المجموعة الدولية للانخراط القوي لوضع حد للمأساة التي يعيشها المحتجزون في تيندوف، كما جدد النداء للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين للقيام، بحكم مسؤولياتها في مجال الحماية، والالتزامات الدولية للجزائر باعتبارها بلد الاستقبال، بتسجيل وإحصاء سكان المخيمات، تطبيقا لقرارات مجلس الأمن لسنتي 2011 و2012. وارتباطا بالموضوع نفسه، جدد جلالة الملك التأكيد على أن النظام المغاربي الجديد، أصبح اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، ضرورة ملحة، يتعين ترجمتها إلى واقع حقيقي وملموس، لبناء البيت المغاربي المشترك، داعيا، في هذا الإطار، إلى العمل، بصدق وحسن نية، لبلورة آليات للتضامن والتكامل والاندماج، كفيلة بالاستجابة لتطلعات الشعوب المغاربية الشقيقة... وبهذا إذن عبر الخطاب الملكي عن رؤية مغربية متكاملة في موضوع النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، وهي تقوم على التشبث بثوابت السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة والالتزام بالواقعية والتوافق كما تجسدهما مبادرة الحكم الذاتي، ثم دعوة المجتمع الدولي لوضع حد للمأساة في تيندوف، والتطلع إلى بناء الاتحاد المغاربي بين بلدانه الخمسة، وهي الرؤية التي تحمل رسالة مغربية واضحة موجهة اليوم إلى كل الأطراف الأخرى المعنية بالنزاع. ومن جهة أخرى، فقد كان لافتا كذلك تأكيد جلالة الملك على أن المغرب، ومن منطلق إيمانه القوي بعدالة قضيته، وصواب توجهاته، ووعيه الكامل بواجبه تجاه سكان صحرائه، لن يسمح في كل الظروف والأحوال بأن يكون مصير صحرائه رهينا بحسابات الأطراف الأخرى، ومناوراتهم الفاشلة. وتأكيدا لهذا الحزم الواضح، أعلن جلالة الملك عن الاستمرار في مسيرات التنمية والتحديث في الصحراء، بمزيد من العزم والجهد الدؤوب، والالتزام بتفعيل الجهوية المتقدمة، وجعل الأقاليم الجنوبية في صدارتها، داعيا إلى بلورة نموذج تنموي جهوي مندمج ومضبوط، يطبق على أوسع نطاق، ويهدف إلى تحقيق التفاعل والتكامل بين البرامج القطاعية، ورفع مختلف التحديات التي تواجهها المنطقة... الخطاب الملكي جاء إذن بمثابة رسالة قوية وواضحة إلى الكل، وعرض رؤية متكاملة ببعد وطني داخلي وآخر يعني مسار المفاوضات الهادفة إلى الحل السياسي النهائي... الكرة في ملعب الآخرين الآن.. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته