الملك محمد السادس يضع خارطة طريق لمبدعي ومهنيي الفن السابع بالمغرب وضع الملك محمد السادس خارطة طريق لمبدعي ومهنيي الفن السابع، بل ولمختلف الأطراف المؤسساتية المعنية، تتأسس على انطلاقة سينمائية مغربية ثانية تمكن من الارتقاء بالإنتاج السينمائي الوطني ومجالاته الإبداعية٬ بما يتيحه ذلك من فرص لإشعاع المغرب في هذا المجال. مضامين هذه الخارطة تضمنتها الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس لمهنيي السينما وتلاها مستشار جلالته عبد اللطيف المانوني خلال افتتاح أشغال المناظرة الوطنية الأولى من نوعها حول السينما، أول أمس الثلاثاء بالرباط، وهي تنبني أيضا على الدعوة لمواصلة إعمال المقاربة التشاركية بين مختلف المتدخلين في المجال من أطراف مؤسساتية ومبدعين ومهنيين، والاستمرار في توفير مناخ الحرية المسؤولة٬ أو اعتماد أسلوب الدعم والتحفيز المباشرين، والتي كانت بمثابة مفاتيح النجاح والحضور المتميز بل والإشعاع البارز لهذا القطاع طيلة مساره خلال الخمسين سنة الماضية. هذا وأكد جلالة الملك في هذا الإطار على عنايته الخاصة ورعايته للشأن السينمائي الوطني ومهنييه، وإيلاء الاهتمام لكل المخططات التي تهدف إلى حسن تأهيل القطاع وتطويره، وذلك عبر توفير الدعم والرعاية للإنتاجات والمبادرات والتظاهرات السينمائية، مثمنا جلالته في هذا الإطار الصيت الذي أضحت تتمتع به السينما المغربية عالميا، قاريا وإقليميا، إذ باتت نقطة جذب ثقافي فني للمغرب. كما شدد جلالته على ضرورة العمل من أجل تطوير الإنتاجات والتظاهرات السينمائية وحسن مواكبتها وتأطيرها٬ وتنمية قدراتها المهنية والاحترافية٬ بجدية ومسؤولية٬ وذلك لضمان استمرارها والرفع من جودتها ومستوى أدائها، مستحضرا في هذا الصدد عطاءات السينما المغربية خلال العقود الخمسة المنصرمة٬ وما أسهم به كتابها ومخرجوها وممثلوها وفنيوها من أعمال، والتي كانت نتيجة للسياسات العمومية التي واكبت إيجابيا وأطرت هذا العطاء الفني٬ سواء بتوفير مناخ الحرية المسؤولة٬ أو باعتماد أسلوب الدعم والتحفيز المباشرين. هذا وكانت إحدى الرسائل الأساسية التي تنضاف إلى دعوة جلالته لإحداث انطلاقة سينمائية مغربية ثانية، تلك التي تخص إعمال المقاربة التشاركية بين مختلف المتدخلين في المجال من أطراف مؤسساتية ومبدعين ومهنيين والتجاوب الدائم مع انشغالاتهم وتطلعاتهم٬ وثمن جلالته اعتماد هذه المقاربة في إعداد المخطط التأهيلي الشامل للقطاع، داعيا جلالته في هذا الصدد إلى تبني التنسيق والتعاون بين كافة القطاعات الحكومية المعنية، وإلى التعامل الإيجابي والبناء مع الخلاصات التي ستسفر عنها أشغال هذه المناظرة الأولى من نوعها. ويشار إلى أن مهنيي قطاع السينما ومختلف المتدخلين بتنوع مجالاتهم سيقاربون، خلال هذه المناظرة التي اعتمدت على مضامين الدستور الجديد كمرجعية مؤطرة لأشغالها وورشاتها، خاصة بما يرتبط بالمادة 25 منه والتي تنص «على أن حرية الإبداع، في مجال الفن مضمونة»، وكذا التوجهات التي يتضمنها البرنامج الحكومي، (سيقاربون) عددا من الإشكالات التي ترتبط بوجه خاص بالإطار القانوني المنظم للقطاع السينمائي والذي أصبح من وجهة نظر بعض المراقبين قانونا لا يواكب التطور الحاصل في المجال. كما ستتتم مقاربة إشكالية النهوض بفعالية منظومة الدعم السينمائي وإنجاح إرسائها، فضلا عن تناول مسألة التكوين والتأهيل والانفتاح على الخبرات التقنية، وعصرنة مهن السينما ودعم البنية التحتية للصناعة السينمائية، وكذا عدد من التحديات التي بات يفرضها تلاحق التطورات التكنولوجية وأثرها على الإنتاج والترويج، وظاهرة استمرار تراجع عدد القاعات السينمائية والعزوف المتنامي عنها، بل وتناقص عددها إذ لم يعد يتجاوز 46 قاعة حاليا عوض 250 قاعة سنة 1980، علما أن مقاربة مختلف تلك الإشكاليات يتزامن وإصدار الحكومة مؤخرا لمجموعة من المراسيم تتعلق بشروط ومساطر دعم إنتاج الأعمال السينمائية، ورقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية وتنظيم المهرجانات. وقال وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي٬ أمس الأربعاء، إن المناظرة الوطنية حول السينما محطة مفصلية في تاريخ تطور السينما الوطنية وورش إصلاحي يتجاوز الزمن السياسي الحالي لينفتح على المستقبل. وأوضح الخلفي٬ في كلمة خلال بداية أشغال اليوم الثاني من المناظرة الوطنية للسينما، أن هذه المحطة النوعية تروم تطوير وإرساء أسس صناعة سينمائية وطنية قوية قادرة على رفع تحديات العصرنة والمنافسة الدولية٬ ومواكبة التطورات التي يشهدها المغرب. وأضاف٬ في هذا الصدد٬ أن السينما الوطنية تتطلع اليوم٬ بعد مضي أزيد من نصف قرن على انطلاقتها٬ إلى بناء معالم وأسس هذا القطاع على مدى الخمسين سنة المقبلة وذلك على أساس تشاركي وإصلاحي متدرج٬ طويل النفس٬ ومتسلح بإرادة وعزيمة قويتين٬ مؤكدا أن الرسالة الملكية الموجهة للمناظرة تشكل إطارا توجيهيا أساسيا٬ إذ «تنقل القطاع السينمائي من الهامش إلى المركز٬ وتدعو مختلف الفاعلين إلى بلورة سياسة مندمجة٬ وتضع العناصر لتثمين الهوية والانفتاح الواعي والمتبصر على القيم الكونية». من جهته٬ أكد المدير العام للمركز السينمائي المغربي، نور الدين الصايل، أن المغرب راكم تجربة نوعية على مستوى القطاع السينمائي وطنيا ودوليا٬ جعلته يحظى باعتراف دولي وحضور قوي على مستوى الخريطة العالمية للمنتجين السينمائيين وذلك من خلال تنظيمه سنويا لأزيد من عشر تظاهرات سينمائية كبرى وأربعين مهرجانا «تحيي العلاقة العضوية بين المتفرج والمثقف المغربي والفن السابع». وأضاف أنه يتعين٬ من أجل تطوير صناعة سينمائية وطنية٬ التركيز على تطوير السوق الداخلية وتقوية البنيات التحتية ببناء مركبات سينمائية بمواصفات عصرية٬ مبرزا أن هذه المناظرة تسعى إلى فتح نقاش جماعي يروم تمكين المغرب من التوفر على «كيان سينمائي خاص به»٬ يعكس ما راكمه في هذا المجال٬ ويستلهم التجارب العالمية٬ ويساهم في تكريس وترسيخ تعبيرات سينمائية متعددة. ومن جانبه٬ قال السيد عبد الله ساعف رئيس اللجنة العلمية للمناظرة إن هذا اللقاء يعد محطة نوعية ذات دلالات قوية في مسار تطوير القطاع السينمائي الوطني في أفق إصلاحه ووضع سياسة عمومية مندمجة واستراتيجية استشرافية٬ مضيفا أن هذه المناظرة تسعى أيضا إلى بلورة أجوبة جماعية تشاركية تسمح بوضع كتاب أبيض يحدد عناصر التشخيص ومحاور الإصلاح ومخططات مستقبلية. يشار إلى أن برنامج هذه المناظرة، التي تنظمها وزارة الاتصال على مدى ثلاثة أيام ، مع المركز السينمائي المغربي وبمشاركة مجموع الهيئات المهنية في قطاع السينما، يشمل تنظيم ثماني ورشات تعنى بالإنتاج الوطني والتكنولوجيات الحديثة وآفاق التطور التكنولوجي، والبنية التحتية والتوزيع والاستغلال والاستثمار، والتقنيين والمهن الموازية، والتكوين والتأهيل. ويحضر فعاليات هذه المناظرة أكثر من 300 مشارك من بينهم خبراء مغاربة وأجانب من دول متعددة.