في منطقة سوس، وبمناسبة حلول هذا الشهر الفضيل يعود السكان إلى صفوة العلاقات بينهم فيتركون المشاكل والنزاعات ليعيشوا طقوس هذا الشهر الفضيل بتعبد وروحانية. وفي قرى المنطقة خاصة في واشتوكة وإداوتنان وتارودانت ومناطق أخرى يتميز السوسيون بعادات عن سواهم، فيبدأ استعدادهم لهذا الشهر المبارك نهاية شهر شعبان بمراقبة هلال رمضان في اليوم 29 من شعبان، حيث بكل دوار أو قرية يوجد مكان معتاد يلجأ إليه أهل المنطقة لرصد هلال رمضان بأم أعينهم، عملا بالسنة النبوية . وبخصوص ليالي رمضان بهذه الربوع فكل ليلة بعد الإفطار يلتقي الرجال والشباب وحتى الصبيان في المساجد لأداء صلاة العشاء والتراويح، وبعدها يلتئمون في البيوت لتبادل أطراف الحديث، ويحرص كل واحد منهم في هذه اللمة العائلية على جلب طبق أو طبقين من الأكل من بيته، وفي نهاية اللمة يتوزعون إلى حلقات صغيرة حول هذه «الطواجين»، وبعد الأكل يستمرون في سمرهم الليلي حتى اقتراب منتصف الليل ليغادر الواحد تلو الأخر إلى بيته لأخذ قسط من الراحة قبل موعد السحور. ويحرص أهل المنطقة على أداء صلاة الفجر في المساجد ثم يتفرقون بعدها إلى عملهم اليومي حيث يظلون إلى غاية صلاة الظهر ليلتحق الرجال بالمساجد وتعود النساء من الحقول إ لتحضير وجبة الإفطار في البيوت. ويسهر أغلب سكان منطقة سوس على إعداد حساء «اسكيف» الذي يحضر بدقيق القمح أو الذرة أو الشعير، يغلى في الماء والزعتر، تقدم في وجبة الفطور، بالإضافة إلى التمر والقهوة. ومن عادات سكان القرى تناول وجبة العشاء بعد قبل صلاة العشاء وغالبا ما تكون هذه الوجبة عبارة عن «طاجين» من اللحم وبعض الخضر، ويختم العشاء بتناول كأس من الشاي. أسواق المنطقة في رمضان تنشط في الصباح الباكر إلى حدود الظهر، لان الغالبية العظمى من الناس تفضل التبضع قبل صلاة الظهر. وتعج الأسواق بأصناف جديدة من السلع والمعروضات الخاصة بهذا الشهر الكريم . وتستيقظ النساء في بوادي سوس في وقت مبكر حيث يباشرن العمل خارج البيت بجلب الماء وتحضير علف الماشية وسقيها كذلك، وإطعام الدواجن، وإحضار الحطب، وغيرها من الأعمال اليومية، ثم بعد ذلك على المرأة إعداد وجبة الإفطار وطعام العشاء، وإضافة إلى هذا كله عليها الاعتناء بالأطفال. ويحرص سكان سوس في رمضان على أداء الصلوات في المساجد التراويح بالخصوص وحضور الدروس الدينية بعد صلاة العصر والاحتفاء بليلة القدر في المساجد، وإخراج زكاة الفطر والاحتفال بالعيد، بشراء الملابس الجديد للأطفال والنساء. وفي هذا الشهر الكريم يحرص سكان المنطقة عن قراءة القرآن كلما فرغوا من أعمالهم، والبعض يحمل في جيبه مصاحف صغيرة يقرأونها عندما تتاح لهم الفرصة لذلك،وجرت العادة أن ينتظم الرجال في المساجد في حلقات لقراءة القرآن مصغرة بعد صلاة الظهر.