أشغال ترميم بالحديد والإسمنت المسلح تهدد الأسوار العريقة تعرض السور المحاذي لباب سيدي المخفي بمدينة آزمور، لانهيار جزء كبير منه مؤخرا، وخلف ذلك هلعا شديدا لدى ساكنة المنازل المحاذية. ولم تسفر حادثة الانهيار عن أي خسائر على مستوى الأرواح وفق ما أعلنت عنه السلطات المحلية التي حضرت إلى عين المكان رفقة رجال الوقاية المدنية. ولولا أن زمن وقوع الحادث كان حوالي الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال، لكانت الحصيلة ثقيلة، إذ أن في مثل هذا الوقت غالبا ما تكون الساحة المحاذية للسور المنهار شبه فارغة من المارة ومن ساكنة الحي المجاور التي تفضل البقاء في منازلها خوفا من اشعة الشمس اللاهبة. وعلى خلفية الانهيارات المتكررة التي أضحت تعرفها أسوار المدينة العتيقة بآزمور، والتي يعود تاريخ بنائها لبدايات العصر الوسيط، استنكر مهتمون بالشأن المحلي، صمت السلطات التي لم تتخذ إجراءات لإنقاذ أرواح المواطنين التي أصبحت مهددة في أي وقت، علما أنه سبق لفريق المعارضة بالمجلس البلدي بآزمور والمتمثل في مستشاري حزب التقدم والاشتراكية أن تقدم بنقطة بجدول أعمال دورة أبريل 2010 تتعلق بالحالة المزرية لهذه الأسوار مطالبا بإدراجها ومناقشتها وقد تمت الاستجابة لهذه النقطة، وذلك على أساس أن يتم تقديم ملتمس لوزارة الثقافة للعمل على إصلاح ما تهدم وإعادة الاعتبار لهذه المعلمة التاريخية، التي بات من الأساسي إعداد ملف بشأنها وتقديمه لليونسكو من أجل إدراج مدينة آزمور ضمن التراث العالمي، وقد قوبل هذا الطلب بالتجاهل من طرف المكتب المسير وكأن الثقافة لا تعنيه في شيء. ويأتي انهيار هذا الجزء الهام من سور أعرق المدن المغربية في وقت تتعرض فيه آزمور لأبشع جريمة ترتكب في حق اسوارها العتيقة الشاهدة على حضارتها و تاريخها، حيث يعرف السور الجنوبي الشرقي والسور الشمالي الشرقي المحاذي لأم الربيع من جهة باب الجياف، أشغالا لا تنطبق والمعايير الفنية والتقنية الخاصة بترميم المدن الأثرية، حيث اعتمد في ترميمه على استعمال الإسمنت المسلح والآجور والحديد، مما يطمس معالم الأسوار التاريخية، الشيء الذي جعل عددا من الجمعيات المدنية، كجمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث ومنظمة الطلائع أطفال المغرب فرع آزمور و حركة الطفولة الشعبية فرع آزمور وجمعية بيئتي تنميتي إلى جانب مركز التراث المغربي البرتغالي بالجديدة، تستنكر هذه الأشغال وتطالب بالاعتماد على المعايير المنصوص عليها دوليا في عملية الترميم هذه. لتبقى الإشارة أنه من الأسباب الحقيقية لتهاوي أسوار المدينة العتيقة بآزمور هو الإهمال الذي طالها لعدة سنوات، إذ أن آخر عملية ترميم عرفتها كان في عهد المغفور له الملك الحسن الثاني سنة 1986، استهدفت الواجهات فقط دون السطوح، التي تآكلت بفعل التغيرات المناخية الكبيرة من حرارة وأمطار قوية ونظرا لقدم الأسوار، وهشاشة المواد المستعملة في بنائها من طين مدكوك وانعدام أعمال صيانة عميقة تحد من تأثير هذه العوامل، مما جعلها عرضة للتلف، إذ أصبحت تعتريها شقوق وتصدعات، ورغم أن سمك هذه الأسوار يصل حتى أربعة أمتار فإنه أحيانا تتسرب المياه إلى أسفلها مما يساعد في حدوث شقوق وشروخ واضحة، هذا إضافة إلى الفعل البشري في ظل عدم المراقبة للبناء من طرف المصالح المعنية وهو ما سمح بانتشار بنايات عشوائية ملاصقة للأسوار، مع ما تمثله عملية أشغال البناء من تهديد واضح لسور المدينة عبر الحفر في أساسها والذي يشكل خطرا واضحا سواء على هذه الأسوار أو المباني المشيدة بطرق عشوائية منافية لكل القوانين.