حملات طبية تلقى تجاوبا كبيرا من طرف المواطنين بإقليم الراشيدية تسجيل أزيد من 1600 متبرعا يعرف المغرب اليوم نقصا حادا في كميات الدم المتحصل عليها من المتبرعين، حيث تصل النسبة المئوية الى0,8%، وهي تظل بعيدة عن الرقم الذي تشترطه منظمة الصحة العالمية لتأمين حاجيات المرضى من هذه المادة الحيوية، إذ يجب أن لا تقل نسبة المتبرعين بالدم عن5%من العدد الإجمالي للساكنة،حيث تعتبر المشتقات الدموية مصدر الحياة الوحيد والذي لا بديل له في الصيدليات لكثير من المرضى، وهذا ما يضاعف معاناة المرضى في الكثير من المدن المغربية، ليضطر هؤلاء إلى البحث عن متبرعين لفائدتهم حتى يحصلوا على الدم اللازم للعلاج و الاستمرار في الحياة، فلابد إذن من سلوك يصل بنا إلى ثقافة للتبرع بالدم تكون سليمة وبعيدة عن كل المفاهيم الخاطئة التي تعيق قيم والتكافل الاجتماعي، حيث يمكن لأي طرف التحسين من أدائه من أجل الرفع من معدل التبرع بالدم في مجتمعنا المغربي والوصول به إلى معدل يليق بما يحمله التبرع من قيم إنسانية نبيلة. يعتبر الدم مادة حيوية لا يمكن تصنيعها، ولابد أن تأتي من الإنسان السليم صحيا للإنسان المريض المحتاج إليها من أجل العلاج، ويعتبر التبرع بالدم الوسيلة الوحيدة لحصول المرضى على ما يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة. وحسب تصنيف الفصائل الدموية المتعددة فإنها تتوزع مابين الفصائل دموية متوفرة وأخرى نادرة من قبيلO- وO+ وA- وA+. ومن هنا، لابد من التحلي بالوعي الثقافي الذي من شأنه أن يشجع على التبرع المستمر لفائدة المرضى ممن هم في حاجة ماسة للدم، وفق تصور إنساني حول ما يمكن القيام به من حماية للأرواح وانقاد العديد من المرضى من الموت. كما أن التبرع بالدم سلوك اجتماعي وجمعوي، لابد من التحسيس بالقيمة المعنوية له داخل المجتمع ارتباطا بالوازع الديني باعتبار التبرع صدقة جارية. التبرع اختيار واع وواجب إنساني فمن أهم المؤشرات البنيوية السليمة للتبرع، توفر عدد كبير من المتبرعين الطوعيين الذي لا يعلمون من سيستفيد من دمائهم، فهم الذين يتبرعون طوعا بدون وجود مريض مقرب منهم، ودون وجود أي ضغط عليهم للتبرع بالدم، وعيا منهم بأنه واجب إنساني وديني، إذ يعتبر دمهم أكثر سلامة للمريض لأنهم يجيبون على أسئلة الطبيب بكل صدق و لا يتوخون منفعة عاجلة من وراء التبرع، وهنا يجدر الأمر بان تكون النسبة مرتفعة من هؤلاء المتبرعين حتى تتمكن جميع المدن من الوصول إلى نسبة 100 بالمائة، وهذا ليس بالأمر الصعب إذ تم الوصول إلى اعتماد آلية للتبرع المنتظم وفق عمل مشترك بين مراكز تحاقن الدم وجمعيات المجتمع المدني، مع توفير الإمكانيات اللوجستيكية لذلك، ليتم بهذا السلوك القضاء نهائيا على المتبرع «التعويضى» وما يسببه ذلك من مشاكل صحية باعتباره متبرعا من الأهل والأصدقاء لانقاد حياة قريبه، إذ يكون هناك شعوره بشيء من الاضطرار إما من أجل قريبه أو من أجل جني مقابل مادي من المريض، مما يجعله يضطر لإخفاء بعض الموانع التي تكون لديه عن الطبيب أثناء الفحص، فهو مصدر غير آمن، محفوف بخطر الأمراض المتنقلة عبر الدم،علما، أن هذه الظاهرة غير صحية بالمرة رغم أنها ما زالت موجودة في اغلب المدن،حيث يمكن القضاء عليها من خلال تحسيس المواطنين للتوجه بانتظام إلى مراكز تحاقن الدم، لنصل إلى نسبة كبيرة للمتبرع المنتظم الذي يرتاد المركز على الأقل مرة واحدة في السنة، فهو المتبرع الأكثر أمنا للمريض، حيث أن حالته الصحية تكون مراقبة باستمرار في المركز ويكون على قدر مهم من الوعي بموانع التبرع بالدم. ويعتبر الدم علاجا حقيقا للكثير من المرضى من خلال مشتقاته الأساسية، حيث إن الدم كسائل يتكون من: الكريات الحمراء التي تتجلى مهمتها في نقل الأوكسجين إلى الخلايا، والكريات البيضاء والتي يتمثل دورها الدفاع عن الجسم من أي خطر خارجي، ثم الصفائح الدموية التي تمنع تسرب الدم خارج العروق و لها دور فعال في تخثر الدم، فالبلازما كسائل تسبح فيه جميع الخلايا السالفة الذكر و يتكون من البروتينات بالإضافة إلى عوامل تخثر الدم ومواد أخرى، فيساهم كل ذلك حسب الحاجة في علاج فقر الدم المنجلي وفقر الدم وفقر الصفائح الدموية وسرطان الدم أو اللوكيمياّ، ومرض الناعور ومرض فيلبرون، وحالات النزيف عند الولادة وغيرها وحالات عدم التوافق بين فصيلة دم الأم والطفل،وأمراض السرطان والحروق. فضل التبرع بالدم.. إنتاج الخلايا الدموية وتسهيل سيولة الدم أما بخصوص الفضل الذي يعود على المتبرع من الفوائد الصحية فيتمثل في تجديد كريات الدم عبر تنشيط عمل النخاع العظمي المسؤول عن إنتاج الخلايا الدموية وتسهيل سيولة الدم، وعلاج بعض حالات الشقيقة، ورفع عوامل التخثر في الدم، وبالتالي المساهمة في علاج بعض حالات النزيف كالرعاف، القرحة...والوقاية من أمراض القلب، حيث ثبت أن الأشخاص المتبرعين بدمهم أقل عرضة لأمراض القلب، ومعنويا تتمثل الفائدة من التبرع في تخفيف الجسد والتميز عبر الانخراط في عمل إنساني متميز يعد قمة مظاهر السخاء والعطاء، أما اجتماعيا تتكرس الفوائد بوجود متبرعين متطوعين ومنتظمين، حيث يضمن المجتمع لفئة المستفيدين من الدم شروط العيش الكريم، ويجنبهم عناء البحث عن متبرعين لتعويضهم، مما قد يجعلهم عرضة لتجار الدم، إذ يعد التبرع بالدم تعبيرا عن أسمى قيم التكافل والتضامن الاجتماعي، كما أن تبرعا لا يتجاوز وقته نصف ساعة من عمر المتبرع قد يكون سببا في عمر طويل لثلاث أشخاص، من خلال المساهمة في علاج ثلاث حالات مرضية بواسطة عملية تبرع واحدة، حيث ،ن كيس الدم الواحد يتم فصله إلى ثلاث أكياس (كيس الكريات الحمراء- كيس الصفائح – كيس البلازما ) ليستفيد كل مريض من المادة التي يحتاجها ، فبذلك يجني المتبرع بالدم عدة فوائد صحية ونفسية واجتماعية. فمن الواجب الاجتماعي والصحي أن نتبرع وننشر ثقافة التبرع، على اعتبار انه خلال كل ثلاث ثوان هناك شخص يحتاج إلى نقل الدم، وواحد من كل عشرة مرضى يدخلون المستشفى في حاجة إلى نقل الدم، ودم متبرع واحد يمكن أن ينقذ ثلاثة أشخاص وليس شخصا واحدا في ظل عدم وجود أي بديل اصطناعي للدم ومشتقاته، كما أن المتبرع بالدم يستفيد صحيا من الحصول على نتائج فحوصات الدم الخاصة به كفصيلة الدم والكشف عن أمراض مثل: الزهري – السيدا – الالتهاب الكبدي من نوع ب و س، وهنا لابد من محاربة العديد من المفاهيم الخاطئة المتداولة، من قبيل عدم التبرع بالدم خوفا من بيعه، والخوف من الأمراض المتنقلة، إضافة إلى تفضيل الحجامة بالطريقة التقليدية على التبرع بالدم، والخوف من نتائج التحاليل وما قد تكشفه من أمراض، أو الخوف من الإصابة بفقر الدم، بمعنى أن التبرع بالدم لا يمكن أن يكون مهما لدرجة آن اجعله من أولوياتي فأجد له وقتا ولو مرة في السنة، وهذا كله خطأ. مدينة نموذجية في التبرع بالدم ومن الجهات المؤثرة في العملية الصحية هاته، نجد المراكز الجهوية لتحاقن الدم تحت إشراف المركز الوطني لتحاقن الدم، وجمعيات المتبرعين بالدم تحت إشراف رابطة جمعيات المتبرعين بالدم، والمواطن بوعيه اتجاه التبرع بالدم، فلكل جهة من هاته الجهات بصمتها على التبرع بالدم بالمغرب خاصة أن للمركز الوطني لتحاقن الدم إستراتيجية في هذا المجال تم تطويرها مند سنة2011، بعد استقراء معمق لوضع التبرع بالدم قي جميع المدن، لتجتهد جمعيات المتبرعين بالدم بالتنسيق مع مراكز تحاقن الدم في بعض المدن المغربية لتطوير أساليب التواصل مع المواطنين لإقناعهم بان التبرع بالدم مسؤولية الجميع. وتعتبر مدينة الرشيدية نموذجا في التبرع بالدم، حيث إنه مند تأسيس جمعية أصدقاء المركز الجهوي لتحاقن الدم بالمدينة وشراكتها مع المركز باستراتجيته الجديدة في تنظيم الحملات المتنقلة للتبرع بالدم بشراكة مع المؤسسات الحكومية والتعليمة وهيئات المجتمع المدني، بحضور للهلال الأحمر المغرب كفاعل وداعم للهاته المبادرات من جهة، واطر الإسعاف والصحة المجتمعية من جهة أخرى، وأمام التوعية والتواصل المستمر لأطر الجمعية والمركز الحهوي لتحاقن الدم، تم التوصل إلى حصيلة مهمة من المتبرعين سنة 2012 تجاوزت بكثير الأرقام المحصل عليه سنة 2011، حيث بلغ عدد المتبرعين 1609 سنة 2012 مند شهر يناير إلى حدود 12 يوليوز منهم 1249 متبرعا طوعيا، إضافة إلى 360 متبرع منتظم، حيث تم القيام بسبعة حملات متنقلة كانت أخرها حملة التبرع بالدم بالمجلس العلمي للرشيدية. وبالمقارنة مع سنة 2011، بلغ عدد المتبرعين خلال هذه السنة، 1041 متبرعا منهم 658 متبرعا طوعيا و383 متبرعا منتظما حيث تم القيام بحملة متنقلة واحدة، مما يستنتج منه أن ثقافة التبرع بالمدينة موجودة لكن لابد من التحسيس المستمر وربط التواصل الدائم مع المجتمع المدني كشريك في التوعية والتحسيس والقيام بالمبادرات، إذ أن الحملات المتنقلة أصبحت آلية ناجعة لتوفير الاحتياط اللازم من الدم لجميع المرضى، حيت يغطي المركز 100 % من حاجيات المرضى وكذا طلبات المستشفى الإقليمي مولاي على شريف، بل يساهم المركز في دعم الأقاليم والجهات المجاورة، وإذا تم السير على نفس النهج سيحقق المركز فائضا بالنظر إلى تجاوب المواطنات والمواطنات بالمدينة مع كل المبادرات ورغبتهم في تقديم العون و المساعدة، إذ أن المتبرع موجود بالرشيدية فقط يجب الوصول إليه، وهو ما يقوم به المركز والجمعية وشركاؤهما، لكن لابد من توفير الإمكانيات اللوجسيتكية الكافية لذلك، إذ أصبح من اللازم دعم المركز بالأجهزة الضرورية للحفاظ على الدم، وبالتالي إيجاد وسيلة أمنة لنقله حتى لا يضيع الدم دون الاستفادة منه، علما، أن حياة مكونات الدم محدودة في 42 يوم بالنسبة للكريات الدموية بحرارة 4 درجات، و 5 أيام بالنسبة للصفائح الدموية بحرارة ما بين 18 و 22 درجة، و سنة بالنسبة للبلازما بحرارة 30 درجة. خلاء دم المتبرعين من داء السيدا ومن جهة أخرى لم يسجل مركز تحاقن الدم بالرشيدية أية حالة متبرع مصاب بداء المناعة المكتسبة طيلة ما يزيد من عشر سنوات الماضية، لكن الحاصل هو تسجيل عدة حالات لداء التهاب الكبد الفيروسي من نوع – ب- ساهمت عمليات التبرع في اكتشافه المبكر ومن تم سهولة العلاج، خاصة وان مثل هاته الأمراض يكون علاجها صعبا عند الاكتشاف المتأخر، كما أنها من الأمراض التي لا تظهر أعراضها إلا بعد مدة معينة، قد تكون طويلة حسب الحالات المرضية، وحسب المعطيات المستقاة من حصيلة المتبرعين بالدم، خلال الخمسة الأشهر الأولى من سنة 2012، إذ نجد أن هناك 29 حالة إصابة بهذا الداء من أصل 1609 متبرع بنسبة 1,8 % . وبشكل عام ساهمت الحملات المنظمة والمتنقلة في فحص أعداد كثيرة من المواطنين والمواطنات، والوقوف عند أمراض التي يعاني منها البعض منهم، مثل ارتفاع الضغط الدموي، وحالات أخرى مرضية تم تقديم النصح للمصابين بها، مما جعل حملات التبرع بالدم تكون أيضا محطات طبية للتوعية والإرشاد والتوجيه، وهذا الدور قام به المركز الجهوي لتحاقن الدم بالرشيدية وعلى رأسه الدكتورة فاطمة الكباس. ويتجلى هذا الدور في الحملات المتنقلة وأيضا بالمركز التواجد بمحاذاة المستشفى الاقليمي، مما جعل مكتب جمعية أصدقاء المركز الجهوي لتحاقن الدم يفكر في تنظيم قوافل طبية بالموازاة مع حملات التبرع بالدم، وذلك بمساهمة أطباء متطوعين من القطاعين العام والخاص، وبعض الصيادلة ممن أصبحوا أعضاء شرفيين بالجمعية، وهنا تجدر الإشارة أيضا إلى دور الهلال الأحمر المغربي في كل هاته المبادرات الصحية، حيت كان له دور في الكشف عن مرض السكري وتقديم أساليب الإسعاف الأولي. إنها صورة عن عمل تشاركي متداخل بين أطراف عديدة أبت إلا أن تساهم في دعم الإستراتجية الصحية للوزارة الوصية، من منظور التفكير والعمل المشترك لتصحيح الأوضاع السلبية للقطاع، وهكذا ستعمل جمعية أصدقاء المركز الجهوي لتحاقن الدم على برمجة لقاءات تحسيسية وحملات توعوية بأهمية التبرع بالدم ومحاربة الرشوة، كما ستبادر الجمعية بالقيام بحملات طبية متعددة بشراكة مع جمعيات أخرى مهتمة بالمجال داخل الوطن وخارجه، وهي الرسالة النبيلة لدور المجتمع المدني كشريك أساسي في مشاريع التنمية المحلية الشمولية، فلنجعل من التبرع بالدم عمل إنساني راق، قليل التكلفة، كثير النفع على فاعله و على المجتمع عامة، لان للمغاربة جميع المؤهلات للانخراط فيه بكثافة و بمسؤولية، إلا انه يحتاج لتطويره لدعم جميع الجهات من مراكز مسؤولة، جمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام.