بحلول شهر رمضان الكريم، ونظرا للنقص الحاد الذي يعرفه المركز الجهوي لتحاقن الدم بالحسيمة، تنظم جمعية " تودرت " للمتبرعين بالدم ، بتنسيق مع المركز الجهوي لتحاقن الدم بالحسيمة حملات للتبرع بالدم كل أيام الاثنين و الخميس من هذا الشهر المبارك قبالة المسجد العتيق الكائن بشارع طارق بن زياد بالحسيمة بعد صلاة العشاء. وبهذه المناسبة، تدعو الجمعية كافة المواطنات والمواطنين المساهمة في إنجاح هذا العمل التطوعي الإنساني وذلك بالتبرع بدمائهم قصد إنقاذ الأرواح البشرية التي هي في أمس الحاجة إليه. بعض من فوائد التبرع بالدم يعلم الجميع أن الدم المتبرع به ينقذ حياة أشخاص يكونون في أمس الحاجة إليه، هؤلاء الأشخاص إما يعانون من أمراض فقر الدم أو من مرض القصور الكلوي المزمن أو فقدوا دماءهم بسبب حوادث السير أو أثناء الولادة إلخ...، لكن ما يجهله الكثير من الناس، أن التبرع بالدم في حد ذاته له منافع كثيرة ومهمة للمتبرع أيضا. فبالنسبة للإنسان العادي، السليم فإن كمية الدم التي توجد به تتراوح مابين 5 إلى 6 ليترات، وتبرعه بكمية تقارب 350 إلى 450 مل، لا يؤثر على صحة جسمه، بل بالعكس، فإن التبرع بالدم يعمل على تجديد الدم، وتجديد حيوية ونشاط الجسم. نعلم أن داخل الشرايين والأوردة الدموية، تسبح كريات الدم الحمراء إلى جانب كريات الدم البيضاء والصفائح الدموية في البلاسما. ومن المعلوم أيضا أن مهمة الكريات الحمراء، هي إيصال مادة الأكسجين الضرورية إلى جميع الخلايا لتتنفس وبالتالي لتعيش وتمنح الحياة للجسم بشكل مستمر. وإذا تابعنا الحالة الصحية لشخص قبل تبرعه وبعد تبرعه، سنلاحظ أنه قبل عملية التبرع بالدم، تكون عدد الكريات الحمراء لديه مرتفعة، مما يجعلها مزدحمة وبالتالي فإن وصولها إلى الخلايا لتزويدها بالأكسجين بطيء، وبالتالي عمل الخلايا يكون ضعيفا، وذلك لقلة الأكسجين الذي يصلها، فنلاحظ أن الشخص يكون أقل نشاطا وأقل حيوية. أما بعد التبرع بالدم، فإن عدد الخلايا في الدم يصبح أقل، وبالتالي فوصول الكريات الحمراء إلى الخلايا لتزويدها بالأكسجين يكون سريعا، بسبب كمية الدم الناقصة من جسم المتبرع، إذن فنشاط وعمل الخلايا سيكون مائة بالمائة، ويتبلور عنه زيادة في نشاط وحيوية الجسم. هذا التفسير ليس تفسيرا نظريا فقط، وإنما أكدته التجربة من خلال المتبرعين المنتظمين، فهؤلاء يلجون مراكز تحاقن الدم بعد شهرين أو ثلاثة على الأكثر بعد تبرعهم السابق، قصد التبرع مرة أخرى، لأنهم أحسوا بنوع من الخمول وحالة غير مريحة في الجسم. كما أثبت العلم الحديث مؤخرا بالدراسة والتجربة أن التبرع بالدم، يكون العلاج الأنسب لبعض الحالات المرضية سندرجها فيما يلي: بعد التبرع بالدم، يسترجع المرء البلاسما في 24 ساعة، الكريات البيضاء في 24 ساعة، الكريات الحمراء في ثلاثة أسابيع، والصفائح بعد أسبوع. إذن بعد عملية التبرع يحصل لدى المتبرع ما يسمى ب: HEMODILUTION. يعني أن الكريات الحمراء والبيضاء والصفائح أقل عددا، وأن البلاسما يحتل الحجم الأكبر، وبالتالي فإن عوامل التخثر الموجودة في البلاسما يكون أكثر تركيزا في الدم، وتصل بسرعة للمكان الذي يشكو من النزيف، و إذا علمنا أن عوامل التخثر تلعب دورا أساسيا في إيقاف النزيف، فالتبرع بالدم يعالج حالة النزيف مثل نزيف الأنف، كذلك بالنسبة للبروتينات في البلاسما، التي تلعب دورا في انسداد الجروح، تكون مركزة في السائل الدموي وتصل بسرعة إلى مكان الجرح. فمثلا عند المريض الذي يعاني من قرحة المعدة، إذا تبرع فإن البروتينات ستصل بكمية كبيرة وبسرعة إلى المعدة لعلاج وسد القرحة. مقارنة مع إنسان مريض بقرحة لا يتبرع بالدم، فإن هذه البروتينات لن تصل بسرعة لمكان الجرح، وبالتالي فانسداد الجرح سيستغرق وقتا أطول. نذكر أيضا حالة الشقيقة التي ترجع أساسا إلى تقلص قطر بعض شرايين الدماغ، فإن الكريات الحمراء الحاملة للأكسجين تجد صعوبة للوصول إلى خلايا الدماغ وبالكمية المطلوبة فينتج عن هذا، آلام حادة في نصف الرأس. ولكن بعد عملية التبرع بالدم، رغم تقلص الشرايين، فإن الكريات الحمراء ستكون قليلة وبالتالي يمكنها اختراق هذه الشرايين والوصول إلى خلايا الدماغ وتزويدها بالأكسجين فيزول ألم الرأس بإذن الله. كما خلصت دراسة فلندية أجريت على مجموعة 2682 شخص تتراوح أعمارهم ما بين 42 سنة إلى 60 سنة، منهم 153 متبرع منتظم، وذلك خلال مدة 5 سنوات، ومن بين الأشخاص الذين أصيبوا بمرض القلب المزمن (0.7%) منهم من اللذين يتبرعون بدمائهم و (3.8%) من غير المتبرعين بالدم. إذن فنسبة الإصابة بمرض القلب المزمن منخفضة عند المتبرعين بالدم. ولقد فسر العلماء أن انخفاض تخزين الحديد الناتج عن التبرع بالدم هو الذي يحمي المرء من أمراض القلب المزمنة، و أثبتت المعلومات الطبية أن تخزين الحديد بصفة مستمرة يرفع من نسبة الإصابة بأمراض القلب. كما أكد العلماء أن المتبرعين بالدم يتمتعون بصحة جيدة، ولهم ميزات صحية كثيرة، ولقد انتهى ناشرو هذه الدراسة لضرورة إجراء دراسات أخرى في هذا المجال، وخاصة بالنسبة للحالات المرضية التي تجد صعوبة في العلاج، والتي يمكن تفاديها بالتبرع بالدم. إننا نقف مبهورين أمام عطاء يمنحنا الأجر الكبير، ويمنحنا الصحة، ونسترجع دمنا بسرعة، ونمنح الخير لغيرنا. أي عطاء غير هذا، يتصف بالسمو و يسمو به صاحبه معنويا وصحيا؟