«خاصكم تهربوا، فبلاصة ما تبقاو تفرجوا فيا» هو تحذير مضمر وجهته القناة المغربية الثانية لمشاهديها أثناء وجبة الإفطار في شهر رمضان، من خلال إشهار قدمته لأحد المنتجات. فما إن تنقضي أول ربع ساعة عن آذان المغرب حتى تأخذ مواقع التواصل الاجتماعي في الامتلاء بجحافل الهاربين من وجبة الإشهار الدسمة التي تقدمها القناة الثانية، لدرجة يكاد يصعب معها التفريق بينها وبين القنوات الفضائية المخصصة للإشهار المنتشرة على قمر «نايلسات» والتي لا يشاهدها أحد. هذه القنوات التي لا تملك غير الإشهار كمصدر دخل، في حين يدفع المواطن المغربي ضريبة شهرية مقابل البث الإذاعي والتلفزيوني الوطني. ولعل من أبرز حسنات البرمجة التلفزية لهذه القناة هو بالأساس تحويلها لكل مشاهد مغربي إلى ناقد تلفزيوني بامتياز، فصفحات مواقع التواصل الاجتماعي تكتض يومياً بعد الإفطار بالتعاليق عن هذه البرمجة : بين من يسخر منها راسماً البسمة على محيا باقي الزوار ، الدور الذي كان يفترض أن تتكلف به برامج الثانية، وبين آخر يندب حظه ويتوعد باعتزال متابعة التلفزة المغربية. فدوزيم في هذه الفترة من اليوم تجود على متتبعيها بفاصل كوميدي قصير بين برامجها الإشهارية المتنوعة ، ضاربة بعرض الحائط كل الانتقادات و الملاحظات التي وجهت إليها في هذا السياق لسنوات عدة سابقة. هذا ووصف مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي مستوى البرامج بالحضيض وعبروا عن غضبهم إزاء ما سموه ب «الضحك على الذقون» حول برامج الكاميرا الخفية والتي يظهر من خلالها وبجلاء تواطؤ ضيف البرنامج مع المسئولين عنه، كيف لا وهذا الأخير لا يتصرف على طبيعته بل يتقمص الشخصية «الكوميدية» التي اشتهر بها؟ بل ونادت بعض الصفحات إلى مراسلة القناة بهدف الحصول على توضيحات مقنعة بخصوص مستوى بعض البرامج، بحيث لم تنل إلا قلة منها بعضاً من إعجاب فئات دون أخرى من عموم المشاهدين. يبقى التساؤل إذن، إذا ما كان الغرض من البرمجة الرمضانية لساعة الإفطار هو تسلية المشاهد المرهق بعد يوم من العمل والكد والصوم؟ أم استغلال فترة الذروة لتحقيق أكبر عدد من الأرباح والمداخيل من الإشهار؟ وألا ينبغي على البرلمان أو الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري التفكير في مشروع قانون يلزم الدوائر المختصة في شأن التلفزيون الوطني بتحديد سقف زمني للعرض المخصص للإعلانات الإشهارية أو بالأحرى إنقاذ المشاهد من شبح الهروب من أمام التلفزيون المغربي.