شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    الدورة الثانية للمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب 2024.. مشاركة 340 عارضا وتوافد أزيد من 101 ألف زائر    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    "وزيعة نقابية" في امتحانات الصحة تجر وزير الصحة للمساءلة    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة في الذكرى ال 25 لحرية الكلمة والبحث العلمي حول:
نشر في بيان اليوم يوم 11 - 07 - 2012


راهنية مهدي عامل في ظل الوضع العربي المستجد
بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاستشهاد المفكر الشيوعي مهدي عامل (حسن حمدان)، نظمت قيادة الحزب الشيوعي اللبناني مؤخرا لقاء فكرياً، في مركز توفيق طبارة – بيروت، حاضر فيه كل من الباحث الاجتماعي د. أحمد بعلبكي، والمؤرخ د. مسعود ضاهر، ونديم علاء الدين عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني. حضر اللقاء الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني د.خالد حدادة ونائب الأمين العام للحزب د. ماري ناصيف – الدبس، وأعضاء من المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب، وعائلة الشهيد مهدي عامل، وعدد من المثقفين وحشد من المفكرين والمثقفين والمناضلين.
افتتح اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد الحزب الشيوعي اللبناني والوقوف دقيقة صمت تحية لشهداء حرية الكلمة والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
قدم اللقاء الأستاذ ربيع ديركي وممّا جاء في كلمته: «مهدي عامل مفكر شيوعي حَفَرَ في النظرية الماركسية – اللينينية باللغة العربية، وفي حفره أدرَكَ خطورة ما يقوم به بقوله «إنها لمخاطرة كبرى أن يُفكرَ الواحد منّا واقعه باللغة العربية»، في حفره أنتج مهدي جديداً(...) أسسّ له بتمييز كونية قوانين النظرية الماركسية – اللينينية في موقع الماركسي بالذات لمعرفة واقعنا. وشتان الفرق ما بين ماركسيتنا والتوطين وما بين التمييز». وأضاف: «معرفة واقعنا نوليها نحن الشيوعيين اللبنانيين الموقع الرئيسي في نضالنا من أجل التغيير الديمقراطي الثوري، الذي هو سيرورة مقاومة الاحتلال والتغيير، إنها العلاقة الديالكتيكية في الممارسة السياسية للحزب الشيوعي اللبناني التي فيها تتحقق النظرية في الممارسة السياسية. لذا، وفي الذكرى الخامسة والعشرين لاغتيال مهدي عامل نعود إلى رفاق رووا بدمائهم زمن الضرورة الضاحكة أبداً اليافعة دوماً... زمن الحزب الشيوعي اللبناني الذي أطلق من بيروت الوطنية في السادس عشر من أيلول/شتنبر 1982 رصاصة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي حررت بيروت من الاحتلال الإسرائيلي في السابع والعشرين من أيلول/شتنبر 1982، وبقيت تلاحق العدو الى أن حررت معظم الأراضي اللبنانية دون قيد أو شرط، دون قرارات دولية ودون أن تلغي التلازم بين المقاومة والتغيير الديمقراطي الثوري كونهما وجهين للصراع الطبقي».
د. أحمد بعلبكي: الارتدادات الإيديولوجية للأزمات الدولية في المجتمعات العربية
بعد ذلك تحدث د. أحمد بعلبكي الذي قال: «مهدي كان ويبقى راهناً ليس بما أتوافق معه في كتاباته وفي تحليلاته، إنما راهنيته تبقى أنه دائماً بما كنّا، ليس في لبنان فقط إنما أيضاً في بلدان عربية مثل الجزائر وتونس ومصر، نتساجل فيه مع مهدي، لخلاف أو لتوافق، ومهدي كان هو العنوان الذي يساجل معه في الأطروحات العالية للجامعيين وحتى الباحثين، إذن راهنية مهدي هي في أنه ساهم في تطوير الكثير من الأفكار سواء الموافقة أو المعارضة معه وهكذا سيبقى مهدي في كتاباته».
وركز بعلبكي في محاضرته على قيادات الإسلام السياسي في الوضع الراهن وارتدادات أزمات النيوليبرالية في الأطراف العربية، حيث أشار إلى أنه قد «تراجعت في أنظمة الاستبداد العربية غير النفطية حضور الأطر السياسية القومية واليسارية والنقابية لصالح توسع للحركات الإسلامية التي وجدت أن المطالبة بالتعددية البرلمانية كالوصول إلى السلطة في مواجهة المركزيات المستبدة والفاسدة تشكل خلاصاً مرغوباً لغالبية الفئات الاجتماعية ومقبولاً لدى مراكز القرار في الدول الإمبريالية التي كانت قد يئست من صمود أنظمة العجز المحسوبة عليها. إلا أنه سرعان ما تبين خلال العام الأول من انتقال الشرعية إلى الأكثريات الإسلامية أن هذه الحركات تنتقل وتنقل مجتمعاتها معها الى مخاض جديد تبدو فيه عاجزة عن بناء نظام بديل لمواجهة الأزمات التي نمت في ظلها. ووصلت إلى السلطة لتجد نفسها أمام أصعب مستويات تأزمها ومستويات التعارض داخل هيئاتها القيادية وأمام الحلف الإمبريالي – الخليجي الذي وفر للحركات الإسلامية والسلفية منها الكثير من تسهيلات الوصول إلى إقناع الناس بصدقية توجهاتها. ووجدت نفسها في مواجهة أعلى مستويات التحدي التي شكلت محور خطابها التعبوي وهي:
1- تحدي تفاقم الفقر والإفقار الذي يغلب على توجهاتها في معالجتهما التزهد والإغاثة المدعومين من الأنظمة الخليجية.
2- وتحدي توسع المنافسة مع السلفية الوهابية – الخليجية التي دعمت حراكها.
3- والتحدي المتمثل بتزايد التعنصر الصهيوني وتهويد القدس قبلتهم التي قضوا أكثر من نصف قرن في التعبئة من أجل تحريرها وتحرير المسجد الأقصى فيها.
إن هذا المستوى من التحدي سيؤدي إلى انفراز طبقي وسياسي داخل التحالفات الإسلامية داخل هيئاتها. وأن تعامل الليبراليين واليساريين والديمقراطيين سيؤثر في تسريع تعطيل هذا الانفراز.
وأشار بعلبكي الى أن «قيادات الإسلام السياسي تجد نفسها اليوم، في الانتقال من إدارة التعبئة في الجوامع الى إدارة السلطة والأسواق»، وأضاف «إن الإسلام السياسي ممثلاً بخليط المقاربات الاجتهادية والقياسية والتفسيرية والإفتائية في التنظيمات العريقة كالإخوان المسلمين مدعو اليوم إلى الانتقال من الاختلاف بين المقاربات داخل تنظيماته إلى زمن الاختلاف والفرز بين الخيارات السياسة – الاجتماعية والاقتصادية المحرجة بين مكونات قياداته بالذات، وهي خيارات لا تحسم في خطب التعبئة الدينية في الجوامع وفي وسائل الإعلام لأنها ترتبط بحقوق ومعاش الشرائح الأوسع داخلياً من جهة، وترتبط، من جهة ثانية، بالمصالح والعلاقات الإقليمية والدولية لبرجوازيات الدولة والأسواق المتعدية للحدود».
وختم بعلبكي « إن التعهدات المتكررة باعتماد نهج حكم مدني التي أطلقها حزب الجماعة عشية الانتخابات (المصرية) تبقى كلاماً فوقياً لقيادات الإخوان عن رحابة أخلاق الإسلام الإنسانية، ويبقى كلاماً لا يتحكم، في تقديرنا، بضيق التزمت الذي خلقه الخطاب التعبوي على امتداد عقود طويلة في نفوس جماهير المحبطين الذين حملوا المصاحف وأفتيّ لهم في زمن التعبئة بتكفير الأنظمة المتخاذلة في مواجهة الصهيونية والتعدي على الأقصى، وأفتيّ لهم بتكفير المحبطين الآخرين الذي لا يقولون قولهم. أوليس للدهماء تدينها وقيادات أزقتها التي تدفعها فيستعصي ردعها».
د. مسعود ضاهر: راهنية فكر مهدي عامل، النقد أولاً
ومما قاله د. مسعود ضاهر: «نحن جيل يفتخر بأنه عرف مهدي عامل، عايشه عن قرب ناقشه في كثير ممّا كتب، أحبه وتعلم عليه الكثير، خاصة أن مهدي كان من رواد النقد. لقد أنتج مهدي ثقافة شمولية موسوعية في مختلف جوانب حياتنا الثقافية بفكر متنور».
وأضاف ضاهر: «عندما نقرأ كتاب (في الدولة الطائفية) لمهدي عامل، نجد أنه انطلق فيه من خلفية نظرية ومنها كان مهدي يؤسس لمفهوم المواطنة في لبنان وذلك في مرحلة كانت فيها الجماعات اللبنانية، وما زالت، رعايا في دولة هشة يقودها نظام سياسي متخلف مبني على توازنات طائفية مدمرة، لهذا السبب يبقى هذا الكتاب راهناً إلى أن تتحول هذه الجماعات إلى مواطنين، والثقافة اللبنانية تفتقر إلى هذا النوع من الكتب التي يجب أن لا تدرس في أوساط الشيوعيين فحسب، بل أيضاً في أوساط جميع المثقفين اللبنانيين والعرب، فمهدي في كلامه على الدولة الطائفية طرح الغالبية الساحقة من الموضوعات من وجهة نظر فيلسوف، والطائفية كظاهرة اجتماعية يمكن أن تدرس من جوانب متعددة».
وتساءل د. ضاهر»كيف تحولت الظاهرة الطائفية إلى أن تصبح متداخلة في كل شيء في لبنان، ليس فقط في البناء الفوقي والبناء التحتي، بل أيضاً في السياسة والاقتصاد والمجتمع وبناء الدولة والمؤسسات، وما وصلنا إليه خير دليل على أن الظاهرة الطائفية أقوى من جميع من كتبوا عنها وما زالت مزدهرة إلى الحد الأقصى من الازدهار، هنا نسأل كيف أمكن لهذه الظاهرة أن تحكم المجتمع اللبناني بهذه الطريقة وتقوده باتجاهات عمياء من خلال تحول النظام السياسي الى نظام زبائنية ونظام رعايا وتتراجع هيبة الدولة وتعود مؤسسات المجتمع الأهلي السابقة على قيام الدولة لتصبح أقوى ممّا كانت عليه. بالفعل إنه لمن المعيب أن نتكلم، ونحن في القرن ال 21، عن قمع دولة أو دولة طائفية أو دولة وراثة سياسية». وبعد أن أشار الى ضرورة فتح ورش نقاش حول أسئلة نواجهها اليوم مثل: لماذا يبقى الناس رعايا؟ ولماذا لم يتحولوا الى مواطنين؟ وما هي علاقة الطائفية بالدين؟ هل هي علاقة تدين أم علاقة سياسية؟.. لفت د. ضاهر الانتباه إلى أن «سيطرة البرجوازية هي سيطرة طبقية وليست سيطرة طائفية وهي تبقي على الشكل الطائفي لسيطرتها لأنها تؤمن لها مصالحها ولم تستغنِ عن هذا الشكل لحد الآن لأنها ما زالت تجد فيها طريقاً لاستغلال الناس عبر الزبائنية والتهييج الطائفي والمحاصصة الطائفية». لذا، رأى أن «الكلام الذي كتب في اتفاق الطائف حول إلغاء الطائفية السياسية هو خداع كلامي، كما الكلام على تطوير الجامعة اللبنانية وكتابة كتاب تاريخ مدرسي موحد أيضاً مجرد خداع كلامي، وما دام المجتمع اللبناني طائفياً بهذه الدرجة من الحدة فلن يكون هناك كتاب تاريخ مدرسي موحد لما في ذلك من مصلحة لزعماء الطوائف».
وأكد ضاهر أن «مشاريع الحلول الطائفية، برأي مهدي عامل، هي مشاريع حلول وهمية وأن التناقض في الدولة اللبنانية هو تناقض مأزقي وطالما هناك طائفية فلن يكون هناك حل، الحل يكمن في إزالة هذا النظام الطائفي بكامل مؤسساته وأجهزته وأيديولوجيته. إن وظيفة الطائفية في المستقبل المنظور، وقد وصلنا إليه، هي تعطيل دور الدولة، ومن يعطل دور الدولة هي الطائفية، ولا يمكن عزل زعماء الطوائف عن ذلك، فالزعماء الطائفيون مستعدون لتدمير الدولة والوطن حفاظاً على مصالحهم».
وختم د. ضاهر بالقول: «طالما بقي اللبنانيون رعايا وليسوا مواطنين أحرارا في دولة مستقلة ذات سيادة، فإن كتاب مهدي عامل (في الدولة الطائفية) سيبقى راهناً، والمطلوب من حزب خرج من صفوفه مهدي عامل ألاّ يكون مهزوماً لا في الفكر ولا في الممارسة، وعليه أن يحول فكر مهدي عامل وفكر حسين مروه وغيرهما إلى قوة نظرية فاعلة ليس فقط على مستوى المثقفين التقدميين اللبنانيين بل على مستوى المثقفين العرب. نحن أمام مرحلة مهمة جداً من تاريخ لبنان والعرب، والانتفاضات التي شهدها ويشهدها العالم العربي فتحت الباب أمام التغيير، وعلى قوى التغيير أن تدخل بكل طاقاتها في هذا الباب وأن تمنع انسداده مجدداً، لأن باب التغيير قد أغلق خلال ال 40 سنة الماضية وبفضل الشباب على اختلاف انتماءاتهم فتح باب التغيير، وعلى كل مثقف يدعي التغيير وعلى كل حزب يدعي التغيير الانخراط في هذه المعركة لقيادة الجماهير في الاتجاه السليم.. عندئذ نجد أن فكر مهدي عامل راهناً في جميع هذه الانتفاضات».
نديم علاء الدين: ثورة عربية بغياب الأحزاب الشيوعية
أما نديم علاء الدين فأشار إلى أن «لا مبالغة في القول إن كل مشروع مهدي عامل في ما كتبه، وفي الأسباب الموجبة لما كتبه، في ما يخص حركة التحرر الوطني العربية، صار اليوم، في ضوء التطورات العاصفة والجارية منذ عقدين من الزمن، (صار) له أبعاد ومضامين عالمية. فالمشروع برمته راهني، بدءً من انهيار المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفياتي السابقين، وما فرضه هذا الانهيار من ضرورة إعادة بحث شاملة في المفاهيم الماركسية وتطبيقاتها، كان مهدي عامل قد دعا نفسه ودعانا للقيام بها قبل ذلك الانهيار، فكان سابقاً لعصره، في الحاجة إلى توطين الفكر الماركسي في تربتنا العربية، أو على إعادة إنتاج المفاهيم الماركسية فيها».
ورأى علاء الدين «إن الثورات العربية الراهنة، وربما العنوان اشتق منها، تجعل من كل إنتاج مهدي عامل النظري مادة للبحث في راهنيته، ذلك أن مهدي هو منظر هذه الثورات، وكل محاولته ومجمل أعماله تدور حول بناء نظرية للثورة العربية».
وطرح علاء السؤال التالي: «كيف تخفى الثورة على الثوار، كيف هذا الشباب الثائر كان ولا يزال بعيداً عن الماركسية، ذلك الفكر الذي ارتبط بالثورات، أو كيف أن هذا الفكر بعيد عن وعي الشباب الذين أسقطوا الطغاة. سؤال ينبع من الماركسية بعمق، لأنها بجوهرها نظرية الثورة، وهي النظرية التي تقول بأن الصراع الطبقي محرك التاريخ، وما الثورة الاجتماعية في جوهرها سوى اللحظة التي يتجلى فيها الصراع الطبقي».
وفي هذا السياق توقف علاء الدين عند مسألتين: الأولى تتعلق بتوصيف ما جرى: هل هو ثورة أم لا، والثانية تتعلق برؤية المسار اللاحق، استناداً إلى نظرية مهدي عامل في الثورة وفي الحزب الثوري.
وأشار علاء الدين الى أنه «من المعروف أن مهدي عامل قدم أطروحته حول الثورة وعملية التغيير الثوري في طابعها العام، في طابع نظري، بمعنى وضع الضرورة النظرية، وكان يريد استكمال ذلك ببرنامج عملي تاريخي يوصل إلى الأفق الاشتراكي المنشود (...). صحيح أن مهدي في بحثه حول أزمة حركة التحرر الوطني العربية استنتج أن هذه الأزمة لا يمكن الخروج منها إلا بتولي الطبقة العاملة قيادة هذه العملية لأنها وحدها القادرة على الجمع بين مهام التحرر الوطني والتغيير الاجتماعي، لكنه هنا كان يرسم الأفق الاستراتيجي لعملية التغيير، بما هي سيرورة، وهي أطروحة لا تزال قائمة وصحيحة، أو راهنة، يكفينا دلالة على ذلك هو استمرار الأزمة نفسها، واستمرار المراوحة، لا بل استفحالها، سواء في عجز القيادة أو في عجز البديل، حتى يستمر الطرح النظري إياه». وتابع علاء الدين «الأزمة لا تكمن في عجز البرجوازيات العربية، فهذا تحصيل حاصل، إنما الأزمة تكمن في عجز البديل عن توليه مهام القيادة، واستمرار الأزمة هذا الوقت كله بعد هذه الرؤية الصحيحة يكمن فقط في عجز البديل. من هنا نقول اذا كانت البرجوازية عاجزة، وكان البديل الثوري عاجزا، فهل على الطبقة العاملة الانتظار حتى يخرج قائدها على عجزه، بكل بساطة ما فعلته الجماهير في انتفاضتها الثورية هو أنها لم تنتظر، وتركت للأحزاب الشيوعية أن تلحق بها».
وأشار علاء الدين إلى أن الثورة «لم تأتِ من فراغ، إذ لا يمكن تغييب دور النضالات التي سبقتها في بناء وعي متراكم ومخزون نضالي، شكل أساساً لتلك الثورة، كما أن ما حدث كان يجري في سياق ارتكزت تفاعلاته على المطالب الاجتماعية... حيث كانت مظاهر الاحتجاج تتراكم دون مستوى الانتفاضة...»
وختم علاء الدين «الحزب الشيوعي لا يملك خاتماً لتوقيع الثورة، إنما خاتمه هو الفعل الثوري الذي يمارسه... فكي تكتمل الثورة وتصل إلى نهاياتها لا بد من أن نجعل من الممارسة الراهنة جزءً عضوياً من ذاك الأمل المرتقب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.