هل سبق لكم أن أحببتم شخصا لم تتعرفوا عليه من ذي قبل؟ هذا ما حصل معي حين قرأت»ديوان السندباد».كتاب جمعت فيه المجاميع القصصية للأستاذ «أحمد بوزفور». هذا الرجل الذي طالما حدثني عنه الأديب عبد الله المتقي بشكل غير عادي.وصفه بشيخ القصة، بالمتواضع، بالشخص الذي تعلم منه أشياء كثيرة، ووو...لمست في صوت الأستاذ المتقي ذلك الاحترام المغموس بالمحبة والشغف الراسخين في شغاف القلب بذلك الرجل الذي أعطى للقصة مفهوما متميزا، ومعنى عميقا، ولذة آسرة. هكذا وجدتني أتورط فيما «أسميته بالمحبة عن بعد» لهذا الرجل الذي أصبح بالنسبة لي، من خلال كتاباته مرجعا كبيرا في القصة. سافرت بين سطور الديوان أحس دعوة هناك للإبحار في يم الكلمات، وبين أمواج المعاني، لتكون كل قصة على حدة مغامرة مشوبة بالصعوبة واللذة، بحثا عن لآلئ المعاني والقص الماتع. كنت أنتقل بين مجاميعك القصصية كمن يقفز من مجرة إلى أخرى، وفي كل واحدة تلزمني أزمان كي أشرب من معين قص عميق.كنت كل مرة ألتقي بكائنات مختلفة، وأنفتح على عوالم ابتلعها اليومي والروتيني، وطمسها الاعتياد والتعامي، وسطرتها وأنت تحمل جمرتك في كفك، بكل ثقلها الرجراج والملتبس، مضرجة بحرقة القص ولوعته، لتكتب من نور ونار حكاية القصة معك وحكاياتك معها. كأنك مدرسة يا بوزفور... بل أنت كذلك حين ترسم للسرد خيوطا حبكتها ثقافتك وخبرتك وعمقك الإنساني، فتبعث في القارئ الدهشة الكبرى وتحمله على المسائلة العظمى. أعترف أني كنت أسجل وقفات طويلة مع نفسي وأنا أقرأ قصصك، كلما جمعت خيوطا من الحبك، تركتها تطير من بين يدي رفقة فقاقيع ملونة من الأفكار، كي أستمتع فقط برؤيتها. كلما صعدت نحو السماء، تسامى الحلم وتعاظم السؤال، واتسعت دوائر الدهشة. وكنت حين أنتهي من قراءة قصصك، أغرق في الصمت. الصمت الذي وصفته ب»معنى الصوت»،الصمت المثقل بالكلم المدثر بالمسائلة والدهشة...وأجد الحل في الوقوف لإرهاف السمع لذاك الصمت الذي يحيل إلى حل وحيد»الحل الوحيد أن تكتب،الحل الوحيد أن تصحو...»هكذا سطرت ذات قصة. فإذا كان»الفن ألما»فما تكون الكتابة سوى ألم الألم الذي يقطع أشواطا ليعبر إلى ضفة نشوة الألم،التي هي في حد ذاتها الفرح الأعظم. وكنت ذات رؤيا أراك ماشيا في شارع أنيق،هادئ وخال سوى من بنايات شاهقة،نوافذها على شكل قلوب... لم تهمس ببنت شفة،فقط بسمة رشيقة حطت أجنحتها على شفتيك كما فراشة ملونة.كنت تسير بانسياب الحرف،والنوافذ...عفوا القلوب هناك مفتوحة تنظر إليك وتنظر إليها. والمرأة... عفوا القصة التي خرجت من القمقم الذي تحمله بين يديك،تحكي... وتحكي... وتحكي...وجزر القصص تنمو حولكما،جزر المغامرات والأسفار السبعة. ف«السندباد لايموت...السندباد ينتج القصص.»