وزير الثقافة يعلن أن قرار الدعم المسرحي جاهز وبتصور جديد تكريم ثريا حسن وزكي الهواري من أقوى اللحظات كانت لحظة التكريم من أروع وأقوى لحظات حفل افتتاح المهرجان الوطني للمسرح بمكناس الذي انطلقت فعاليات دورته الرابعة عشرة مساء الجمعة الماضي على خشبة دار الثقافة محمد المنوني وسط جمهور من المسرحيين والمثقفين ومحبي المسرح، كان المقام مؤثرا حين صعد إلى الخشبة عملاقان من قيدومي مهنة التمثيل ببلادنا، الفنانة ثريا حسن والفنان زكي الهواري. لم يقويا على اعتلاء الدرج الذي يؤدي للركح إلا بمساعدة مرافقين، حيث بلغ بهما الكبر عتيا، وفورما استويا على الخشبة بديا شامخين كجبلين من جبال الأطلس. ازداد المشهد شموخا وكبرياء حينما التحق وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي بالخشبة وجلس القرفصاء بجانب المكرمة ثريا حسن حتى لا يضطرها خجلها إلى الوقوف لتحية الوزير الذي أصر على البقاء جالسا بجانبها ليسلمها باقة ورد تقديرا لها واعترفا لها بريادتها كإحدى النساء المغربيات القلائل اللواتي اخترن التمثيل والظهور على خشبة المسرح في تحد صارخ لضغوطات المجتمع الذكوري وقهر ومنع السلطة ءانذاك... كانت لحظات التكريم في ذلك المساء المفعمة بروح المحبة والعرفان تنم عن إحساس صادق ساد لدى الجميع يعكس مدى حاجة الفنان اليوم إلى مثل هذه الالتفاتات الاعتبارية التي توقظ فيه شعورا جميلا بالانتماء لوطنه وثقافته وهويته، وتلهب في دواخله توهجات النشوة والنخوة، وتغمره بالإحساس بأنه دائم الوجود والحضور، وبأنه غير منسي... ذلك ما انعكس بالفعل في الشهادات والكلمات التي قدمت بالمناسبة في حق المكرمين. حيث توجه أمين الصبيحي في كلمة الافتتاح إلى المكرمين في هذه الأمسية بتحية إكبار وإجلال، قائلا إن «الفنانة ارحيمو الناصري أو ثريا حسن كما يعرفها عالم المسرح المغربي، التي طلعت على المسرح زهرا ونشيدا من منابت العناد، تعتبر من النساء الأوائل اللواتي ولجن خشبة المسرح في زمن صعب واستثنائي، والفنان زكي الهواري يعتبر أحد أعمدة المسرح المغربي الذي لا يزال صوته عبر الإذاعة الوطنية يرن في آذاننا».. من جانبه وقف الكاتب المسرحي رضوان حدادو في شهادته (التي ألقاها بالنيابة عنه الدكتور النقيب مسعود بوحسين) على المسارات الوعرة للفنانة ثريا حسن التي «كانت بحق أول من تجرأ وألقى بالحجر الأول على سطح البركة الآسنة لتتوالى بعد ذلك الأحجار»، مضيفا، وهو الباحث المتخصص في تأريخ الظاهرة المسرحية بمنطقة الشمال المغربي، أن الفنانة ثريا «وحدها كانت حينما قررت وأصرت على امتطاء المخاطر ومعاندة الموج من أجل حقها وحق كل النساء في المسرح وفي التمثيل». الفنان عزيز موهوب تحدث عن المكرم الممثل زكي الهواري بحميمية وتلقائية رائعتين حين حكى عن الظروف التي جمعتهما معا وكيف تعرفا على بعض والأعمال المسرحية التي شاركا فيها جنبا إلى جنب، وتوقف عزيز موهوب عند سمة كانت ولا تزال تطبع زكي الهواري، وهي ولعه باللغة العربية إلى درجة أنه لا يتردد في التصحيح لكل من لحن في اللغة أثناء التمثيل أو التدريب، وتميز زكي الهواري، يقول موهوب، «بالإخلاص في المضمون والصدق في الأداء، وكان في معاملته رجلا، وفي صدقه مخلصا، وفي فنه متفانيا.» من جهة أخرى، وفي كلمته الافتتاحية، كشف وزير الثقافة عن مخطط وزارته القطاعي لهذا الموسم، مركزا على الجوانب المتعلقة بقطاع المسرح الاحترافي، معلنا أن الدعم الذي تخصصه الوزارة للمسرح سيعرف تطورا جديدا بتصور جديد يرنو العمل على تعزيز الموارد الكفيلة بتلبية الحاجيات الآنية والمستقبلية للقطاع المسرحي وإصلاح الاختلالات التي عرفتها تجربة الدعم منذ بدايتها.. مذكرا أن وزارة الثقافة عملت مؤخرا على توزيع عدد كبير من العروض المسرحية على أوسع نطاق، كما تم اقتناء مجموعة من الإبداعات المسرحية الجديدة التي تم إنتاجها بالإمكانيات الذاتية للفرق المسرحية، ودعم ترويجها لتصل إلى الجمهور في عدد كبير من المدن المغربية.. وفي ذات السياق كشف أمين الصبيحي أن وزارته شرعت في إعداد تعديل لقرار الدعم المسرحي وفق مقاربة تشاركية وبشكل تشاوري واسع، بحيث ساهمت في إعداد قرار الدعم المعدل كل الهيئات والجمعيات والنقابات المهنية المتخصصة في المجال المسرحي، يقول الوزير، متمنيا «أن يبعث هذا المنحى الجديد لسياسة الدعم نفسا جديدا ودينامية قوية في الجسد المسرحي وأن يساهم في خلق حركة مسرحية منتظمة.». كما أعلن المسؤول الحكومي أنه تم الشروع في إصلاح المنظومة الإدارية والبيداغوجية للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي حيث تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات في هذا الشأن، وذلك، يقول الصبيحي، «إيمانا منا بأهمية التكوين في هذا الميدان الحيوي، وحتى نفسح المجال لشاباتنا وشبابنا لإيجاد فرص للتكوين العلمي والمهني المناسب». بالإضافة إلى الاهتمام بتجربة مراكز التكوين المسرحي التي بدأت تعرف حضورا متميزا في عدد من المدن بفضل مجهودات مجموعة من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي الذين يشرفون على هذه المراكز بمدن الرباط والدار البيضاءومكناسومراكش وطنجة.. وفي ذات السياق، سينصب اهتمام وزارة الثقافة، يقول الصبيحي، على تعزيز البنيات التحتية الأساسية لممارسة النشاط الفني عموما والمسرحي على وجه الخصوص، حيث سيتم إحداث مجموعة من المراكز الثقافية الجديدة التي تضم بداخلها مسارح أو قاعات مجهزة للعروض. وبخصوص مهرجان مكناس الوطني للمسرح، اعتبر وزير الثقافة أنه يشكل أحد المكاسب التي «استطعنا جميعا الحفاظ عليها وترسيخها على مدى سنوات متتالية، وهي مكاسب تجسد مظهرا من مظاهر الاهتمام بالتعابير الدرامية بكل أنماطها وتلويناتها ومن خلالها بالتنوع والتعدد الثقافيين لبلادنا، وتكرس علائق وسجايا الأخوة والتسامح وتنمي قيم السلام والحوار والتماسك الاجتماعي». وفي كلمة رئيس الجماعة الحضرية لمكناس التي تعتبر شريكا لوزارة الثقافة في تنظيم المهرجان، تحدث أحمد هلال عن علاقة الثقافة بالتنمية معتبرا أن المسرح يشكل حجر الزاوية في كل تنمية بشرية، مؤكدا على الدور الذي كانت ولا زالت تلعبه مدينة مكناس في الإشعاع الثقافي حتى أصبحت العاصمة الإسماعيلية فضاء للتجارب المسرحية مما أضفى عليها دينامية خاصة في إطار من التقارب والتفاعل بين عدد من القضايا الاجتماعية والإبداعية والثقافية. هذا وانطلقت فعاليات المسابقة الرسمية للمهرجان بتقديم عرض «دارت بينا الدورة» لفرقة مسرح تانسيفت من مراكش مباشرة بعد حفل الافتتاح، وتوالت العروض في اليوم الموالي ويوم أمس الأحد بتقديم مسرحيات «تمارين في التسامح» لفرقة نحن نلعب للفنون» من الرباط، و»الأستاذة أمل» لفرقة خشبة الحمراء من مراكش، و»الدق والسكات» لفرقة المدينة من الرباط، وستقدم اليوم الإثنين كل من مسرحية «كولو» لفرقة دابا تياتر من الرباط و»الوردة الحمراء» لفرقة البديل المضيء من الخميسات. وفي الجانب الثقافي، انطلقت أول أمس السبت أشغال الندوة الفكرية «نقد التجربة/ همزة وصل» التي تنظمها الوزارة بشراكة مع الهيئة العربية للمسرح وبتنسيق مع جمعية نقاد المسرح بالمغرب. وبعد الجلسة الافتتاحية التي ترأسها الحسن النفالي مستشار وزير الثقافة ومندوب الهيئة العربية للمسرح بالمغرب، والتي تحدث فيها كل من غنام غنام عن الهيئة العربية للمسرح وسعيد الناجي عن جمعية نقاد المسرح بالمغرب، وعبد الحق أفندي عن وزارة الثقافة، عرفت الجلسة الأولى المتحورة حول تجربة الطيب الصديقي تدخلات كل من الأستاذ أحمد مسعاية الذي أدار أشغال الندوة والباحث الدكتور عبد الواحد ابن ياسر الذي أسهب في الحديث عن مسارات الطيب الصديقي وتجربته الغنية.