يحتل المغرب مكانة مهمة في علاقة الجوار مع الاتحاد الأوربي، باعتباره شريكا متميزا، بحسب ما أعلن عنه رئيس مؤسسة كونراد اديناور، الذي دعا إلى تعزيز الحوار السياسي بين الطرفين لإعطاء ديناميكية جديدة لعلاقاتهما. وقال الرئيس الأسبق للبرلمان الأوربي والرئيس الحالي لمؤسسة كونراد أديناور الألمانية، هانس جغت بوترين، الذي كان يتحدث مساء أول أمس عن العلاقات المغربية الأوربية والتحولات في العالم العربي، في إطار اللقاء العلمي الثامن الذي نظمته جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة والذي حضره رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ومستشار جلالة الملك أندري أزولاي، وعدد من ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالرباط، إن الوضع المتقدم الذي منحه الاتحاد الأوربي للمغرب «وسيلة مهمة، وإشارة سياسية قوية للاتحاد الأوربي اتجاه المغرب»، باعتباره البلد الوحيد من الضفة الجنوبية للمتوسط الذي يحظى بهذا الوضع، وهو ما يمنحه دور الريادة في المنطقة. وشدد هانس بوترين، العضو بالبرلمان الأوربي، على ضرورة تدعيم الحوار السياسي بين المغرب والاتحاد الأوربي، داعيا في هذا الصدد إلى إنشاء لجنة برلمانية مشتركة بين الجانبين تكون فضاء لهذا الحوار، الذي من شأنه أن يعطي ديناميكية جديدة للعلاقات بين الطرفين. وأكد رئيس مؤسسة كونراد أديناور أن المغرب شكل شريكا استراتيجيا للاتحاد الأوربي بفضل ما حققه من مكتسبات في مجال الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وأضاف أن تجربة المغرب في هذه المرحلة من تاريخ الدول العربية، تعتبر نموذجا يحتذى به في المنطقة. وقال إن وضعية العالم العربي الآن تختلف من بلد إلى آخر، فهناك من جهة الوضعية الكارثية التي لازالت تعيشها سوريا بسبب ما تعرفه من أحداث دموية، وسياسة التقتيل، ثم هناك ما عرفته دول مثل مصر وتونس وليبيا، إلا أن المملكة المغربية، على حد تعبيره، توجد في وضعية مريحة قياسا مع باقي البلدان، وتعتبر نموذجا يجب الاقتداء به من دول المنطقة، بفضل ما عرفه من مكتسبات في مجال الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، مضيفا أن هذا الوضع الذي يعرفه المغرب يحتم على دول الاتحاد الأوربي تعزيزه للوصول إلى شراكة عميقة في علاقاتهما. واستعرض هانس التحولات العميقة التي شهدتها أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ومختلف مراحل البناء الديمقراطي الذي أفضى إلى بناء صرح الاتحاد الأوربي «الذي لم يكن أحد يتوقع أن يتوسع ليشمل 27 دولة وأزيد من 500 مليون نسمة». وبحسبه فإن السياسة هي فن الممكن ولا شيء يستحيل، مبرزا في ذات الوقت أن السياسة تحتاج إلى الشجاعة وقاعدة قيم تشمل الكرامة الإنسانية والحرية والديمقراطية والسلام والتضامن، وهي القيم التي تأسس عليها الاتحاد الأوربي. وخلص الرئيس السابق للاتحاد الأوربي بالقول إننا سعداء في دول الاتحاد الأوربي لأننا تمكنا من حل مشاكلنا، وقادرون على رفع التحديات التي تواجهنا وقال «صحيح أننا لسنا متفقين كثيرا، ولكننا لا نطلق الرصاص على بعضنا البعض ولم تنشب الحروب بين دولنا»، مبرزا أن الاتحاد الأوربي في حاجة إلى علاقات ذكية وقوية لتدعيم أسس الاتحاد ليكون فضاء اقتصاديا وسياسيا قويا. واعتبر بوترين أن صراع الحضارات لن يحدث أبدا، ومن يعتقد ذلك فهو واهم، لأن وقوع صراع الحضارات كما بشر به البعض سيؤدي حتما إلى الفناء، مشددا على أن سياسة الاتحاد الأوربي تروم بالأساس تفادي وقوع مثل ما يبشر به البعض، وإقامة بدله علاقات متينة، سواء بالعالم العربي أو غيره من مناطق العالم. وقال الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، يوسف العمراني، إن العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوربي يجب أن تتوسع عما هي عليه الآن لتشمل جوانب أخرى، ترسيخا لطموحاتهما المشتركة لتصبح فضاء اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وفضاء للمعرفة والقيم المشتركة. وأكد العمراني أن الاتحاد الأوربي يظل خيارا واستراتيجية بالنسبة للمغرب، مشيدا بالديناميكية الجديدة للشراكة التي تربطهما. ودعا العمراني من جانبه إلى مواصلة الحوار والتباحث في مختلف القضايا التي تشكل محور اهتمامهما المشترك، حوار يطبعه الاحترام المتبادل لرفع كل التحديات المطروحة على الطرفين. وفي بداية اللقاء العلمي الثامن حول المغرب والاتحاد الأوربي، أكد رئيس جمعية رباط الفتح، عبد الكريم بناني، الجهة المنظمة بشراكة ودعم من مؤسسة كونراد أديناور، إن اللقاء مكن من التطرق لمختلف جوانب الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوربي. ورحب بناني بالدينامية الجديدة للشراكة التي تربط المغرب بألمانيا وبالاتحاد الأوربي، بفضل ما عرفه المغرب في ظل التطورات التي عرفتها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي جعلته رائدا في مجال الإصلاحات الديمقراطية.