قمة تونس المقبلة ستشكل حدثا استثنائيا من أجل تحقيق الاندماج المغاربي ستشكل القمة المغاربية القادمة، التي من المقرر أن تنعقد بتونس في 10 أكتوبر القادم، «حدثا استثنائيا بامتياز»، من أجل تحقيق الاندماج المغاربي، تجسيدا لتطلعات الشعوب المغاربية، كما أكد على ذلك رئيس- الحكومة التونسية، حمادي الجبالي، في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، قبيل الزيارة الرسمية التي سيقوم بها للمغرب يوم غد الجمعة، ليرأس بالرباط، إلى جانب نظيره المغربي، عبد الإله ابن كيران، أشغال الدورة ال 17 للجنة العليا المشتركة،، حيث أضاف أن هذه القمة ستشكل «حدثا استثنائيا بامتياز بالنظر، لا فقط لما تشهده المنطقة من تحولات عميقة على الصعيدين السياسي والاجتماعي، ولكن أيضا لطموحات الشعوب المغاربية ولانتظارات الشركاء في مختلف مناطق العالم، وخاصة الاتحاد الأوروبي. أعرب رئيس الحكومة التونسية، عن «ارتياح تونس لتفضل جلالة الملك محمد السادس بالموافقة على عقد القمة المغاربية بتونس تأكيدا للتوافق الحاصل بين القيادات المغاربية في هذا الشأن». وشدد الجبالي على أنه أصبح من الضروري الانكباب على إجراء إصلاح عميق لمنظومة الاتحاد المغاربي» بما يؤهلها للاضطلاع بالمهام الجسيمة التي أصبحت ملقاة على كاهل القادة والمسؤولين المغاربيين على كل المستويات، والمتمثلة بالخصوص في رفع التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية». «ومن هذا المنظور، يضيف رئيس الحكومة التونسية، فإن المسار أصبح واضح المعالم لدى القيادات المغاربية متمثلا بالخصوص في توسيع صلاحيات مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد، وتمكين الأمانة العامة بالقدرات البشرية والموارد المالية اللازمة، والنظر أيضا في إمكانية تفعيل آلية رؤساء الحكومات التي لم يسبق لها أن اجتمعت من قبل». وأوضح أن خبراء البلدان المغاربية شرعوا، بالتنسيق مع الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، في «تدارس هذه الأفكار الهادفة إلى تطوير المنظومة الاتحادية برمتها بما يضفي على عملها السرعة والنجاعة المطلوبتين قبل رفعها إلى القمة لاعتمادها». وأكد الجبالي في هذا الصدد على «الأهمية التي تكتسيها الآليات الاقتصادية في تحقيق العمل الاندماجي المغاربي»، مشيرا بالخصوص إلى ضرورة استكمال الإجراءات المتعلقة بإنشاء المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية، الذي سيكون مقره بتونس، وكذا استكمال وتفعيل مشروع إقامة المنطقة المغاربية للتبادل الحر « كخطوة أولى في تنفيذ الإستراتيجية المغاربية الاندماجية». وأضاف أنه بعد البدء في تنفيذ مشروع المنطقة الحرة، يأتي إنشاء وحدة جمركية، ثم إقامة سوق مشتركة، وصولا إلى وحدة اقتصادية مغاربية، مشيرا إلى أن ذلك سيتم بالتوازي مع مواصلة الجهود لإنجاز المشاريع المغاربية الكبرى في مجالات البنية التحتية، على غرار الطريق المغاربية السيارة والربط السككي. وبعد أن أبرز رئيس الحكومة التونسية أن تحقيق الاندماج المغاربي « كان دوما مطلبا للشعوب المغاربية على مر الأجيال»، وتابع قائلا «واليوم وقد فتحت لتونس آفاق جديدة بفضل ثورة الحرية والكرامة، وأكد المغرب الشقيق مجددا تعلقه باتحاد المغرب العربي، خيارا استراتيجيا، فإن المشهد أصبح واضح المعالم في ما يتعلق ببلدينا، وكذلك الشأن بالنسبة للأشقاء في باقي البلدان المغاربية، التي ما فتئت تؤكد تعلقها بهذا المكسب الحضاري الكبير للشعوب المغاربية من خلال الإسهام الفاعل في مختلف آليات العمل المغاربي المشترك». وعبر عن يقينه بأن « كل عمل اندماجي يشهد صعوبات، وأنه أصبح، في ما يتعلق بمنطقتنا، من الواجب تجاوز هذه الصعوبات، استجابة لما يمليه علينا تعهدنا بتحقيق القدر الأكبر من الرفاه والازدهار لكافة الشعوب المغاربية من ناحية، ومجابهة التحديات العديدة من ناحية أخرى، وهو ما لا يمكن إنجازه فرادى، بل لا بد أن يتم في إطار تكتل قوي ومندمج ومتضامن يشكل أحسن شريك للتكتلات الإقليمية الأخرى». وفي سياق متصل، ذكر الجبالي بمبادرة تونس المتعلقة ب»تمكين المواطنين المغاربيين، ثنائيا ومغاربيا، من الممارسة الفعلية لما يعرف بالحريات الأربع، وهي حرية التنقل وحرية العمل وحرية التملك وحرية الإقامة»، مشيرا إلى أنه سيتم الشروع قريبا في اتخاذ التدابير العملية اللازمة لتحقيق ذلك. وبخصوص أصحاب الأعمال، أكد أنه «لا وجود لعائق يحول دون إقامة شراكات ثنائية تتشابك فيها المصالح وتتبادل فيها المنافع وتحقق في نهاية المطاف الاندماج المغاربي المنشود». تونس مصممة على التحدي للوصول للشرعية النهائية وبخصوص تنظيم الانتخابات المقبلة والوصول بتونس إلى «الشرعية النهائية» وتوفير الشغل للعاطلين. أكد الجبالي، أن حكومته مصممة العزم على رفع التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد في مرحلة الانتقال الديمقراطي. وقال الجبالي «صحيح إن تونس تمر اليوم بمرحلة دقيقة وصعبة، ولكنها كذلك مرحلة واعدة»، مشيرا إلى أن هناك «تحديات سياسية تتمثل على الخصوص في تنظيم الانتخابات القادمة بكل نزاهة وشفافية والوصول بتونس إلى مرحلة الشرعية النهائية، بعد الانتهاء من وضع دستور للبلاد يكفل الحريات والحقوق ويكون منطلقا نحو تونسالجديدة». وأضاف أن رفع هذا التحدي «هو أساس البدء في تنفيذ الإصلاحات العميقة والجذرية لمختلف المجالات والمؤسسات لإنجاح الثورة التونسية وتحقيق مطالب الشعب التونسي». وأشار إلى أن تونس تواجه أيضا تحدي البطالة وأن الحكومة تعمل على تلبية مطالب التشغيل» سواء باستقطاب الاستثمارات الخارجية أو العمومية»، معربا عن أمله في أن تتمكن الحكومة التونسية من « تحقيق أقصى حد من المطالب في هذه الفترة القصيرة قبل موعد الانتخابات». وقال إنه رغم الصعوبات التي تواجهها البلاد، فإن «ما يحدونا من عزم وصدق وثقة شعبنا فينا هي خير حافز لنا للبذل والعمل ورفع هذه التحديات». وعن تصوره لملامح الخريطة السياسية المستقبلية لتونس في ضوء التجاذبات السياسية التي تشهدها البلاد في المرحلة الراهنة خاصة بالنسبة لبعض القضايا مثل الدين وطبيعة النظام السياسي، اعتبر الجبالي أن أول سمات الخريطة السياسية لتونس ستكون «التعددية الحزبية الجادة والبناءة». وقال إن المشهد السياسي في تونس اليوم يعرف « تفاعلات عديدة، لابد أن تفرز كتلا سياسية ذات ثقل، مما سينعكس على الحياة السياسية في البلاد، والتي نراها تعددية وديمقراطية، بما يقطع مع الديكتاتورية والاضطهاد ويفتح المجال لبناء تجربة ديمقراطية فريدة ترتقي بتونس إلى أعلى المراتب». وبالنسبة لطبيعة النظام السياسي الجديد لتونس، أوضح أن ذلك يبقى من «مشمولات المجلس الوطني التأسيسي، الذي يتولى وضع الدستور، وإن كان الإجماع كبير في تونس على مبادئ التوازن بين السلطات العمومية والقطع مع النظام الرئاسوي، الذي عانت منه البلاد طيلة نصف قرن». «أما قضية الدين، يضيف الجبالي، فنرى أنها قضية مفتعلة ومبالغ فيها»، مؤكدا أن الشعب التونسي «لا ولم يزايد على دينه في أحلك فترات الاستبداد والاضطهاد، واليوم وقد فتحت أبواب الحرية على مصراعيها للتونسيين، فإننا لا نعتقد أن ديننا الحنيف يطرح إشكالا، وهو موضع تجاذب واختلاف». وتابع الجبالي أن الشعب التونسي «شعب مسلم متمسك بدينه وهويته العربية الإسلامية وخاصة بخصوصيته الثقافية والنموذج المجتمعي الذي تعود عليه»، وأنه «يخطئ من يعتقد بأنه قادرعلى المس منه أو تغييره بنماذج غريبة عن مجتمعنا وعاداته». ووصف ما يحدث من تجاذبات حول هذا الموضوع بكونه « تحمس مبالغ فيه قد تفسره سنوات تجفيف المنابع الدينية في تونس ومحاولات تغريب التونسيين، ولكن الدولة موجودة لتحافظ على سلامة مواطنيها وزوارها وفرض القانون على الجميع وصون الحقوق والحريات العامة والخاصة».