أمس الثلاثاء كانت الذكرى... أمس الثلاثاء، وكما في كل الأيام الأخرى منذ ثلاثة عقود، كان الراحل عزيز بلال حاضرا في ذاكرة الكثيرين... بالمناسبة، أعادتنا كلنا إلى تأمل ثقل الوجع الشهادات والقراءات التي نشرتها صحيفتنا أمس، وأيضا شقيقتها ALBAYANE وحجم الخسارة. في ذكرى الرحيل المأساوي للمفكر والاقتصادي والمناضل التقدمي المغربي عزيز بلال، تلح علينا الذاكرة في التأمل في كوننا نفقد أسماء كبيرة وموسوعية المعارف، وأننا لم ننجح كثيرا في تعويضها، وبلال أحد هذه الأسماء العلمية والسياسية المغربية الكبيرة. الفقيد بلال برع في التحليل الاقتصادي، وفي القراءة الاستشرافية المتطلعة إلى المستقبل، وجعل الاقتصاد ينشغل بقضايا المجتمع، وبتطلعات الناس، ولم تفتر حماسته في الكتابة وفي التفكير وفي التدريس، حتى أن العديد من الطلبة والمدرسين والباحثين لم يستطيعوا نسيانه إلى اليوم، وقد قدمت القناة الأولى في التلفزيون المغربي مؤخرا شهادات لبعضهم، وكانت لحظة مؤثرة.. الكلام فيها كان عن الكبار حقا. التأمل الثاني الذي تحثنا عليه الذكرى اليوم يتعلق بكون الفقيد لم يكن فقط مفكرا ومثقفا معلقا في السماء، إنما كان أيضا رجل سياسة ومبادئ وقناعات، وقد جسد الارتباط بين الصفتين في شخصيته، من خلال عمله الحزبي القيادي والميداني في صفوف حزبه الذي بقي مخلصا له وواحدا من كبار قادته ومنظريه إلى آخر أيام حياته، كما أنه كان رجل ميدان، ومنتخبا جماعيا في الدارالبيضاء، وبذلك كان يعطي للأفكار والنظريات والمبادئ تجسيدا عمليا ملموسا على أرض الواقع، عبر التزام حزبي وانتخابي مع رفاقه ومع السكان الذين يمثلهم. وقد بدأنا نفقد أمثال هذا الصنف من المثقفين المرتبطين بشعبهم وبقضايا مجتمعهم، والملتزمين ضمن أحزابهم الوطنية والتقدمية. عزيز بلال كان نفسه في الكتابة وفي الجامعة وفي النقابة وفي الحزب وفي الجماعة المحلية وفي...الحياة وسط الناس. عزيز بلال كان ضمن عدد قليل جدا جدا من المغاربة في عهده من تتيح لهم شهاداتهم العلمية ونبوغهم الفكري والسياسي تسلق أسمى الوظائف، ونيل كل الامتيازات والثروات والأضواء، لكنه اختار الالتصاق بشعبه وبمبادئه وأفكاره و.... تواضع الكبار فيه. في الذكرى الثلاثين لفاجعة الرحيل يجدر بنخبنا الاقتصادية والثقافية، وباليسار الديمقراطي المغربي إعادة قراءة عزيز بلال، فكرا وسلوكا وسيرة، ويجدر بنا كلنا أن نقدر حجم حاجتنا اليوم إلى أمثال عزيز بلال، أي إلى مثقفين وباحثين يدافعون برصانة العلماء، وبقناعة المناضلين عن مشاريع مجتمعية كبيرة، ويخوضون مع شعبهم المعارك على الأرض من أجل الديمقراطية والتقدم والحرية. كم أنت راهني اليوم أيها العزيز. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته