عودة عربة مدام بوفاري نظمت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية٬ مساء الجمعة الماضي٬ لقاء لتقديم المجموعة القصصية الثانية للأمين الخمليشي التي صدرت مؤخرا تحت عنوان (عربة مداد بوفاري) عن منشورات المكتبة. وقال الشاعر رشيد المومني٬ في كلمة خلال اللقاء٬ إن الكتابة عند الخمليشي امتداد تلقائي لممارسة حياتية غير خاضعة بالضرورة لإكراهات أية استراتيجية مبيتة٬ هدفها على سبيل المثال لا الحصر تأمين مكان اعتباري لصاحبها٬ أو حرص مسبق على مد الجسور بينه وبين جمهرة من القراء الافتراضيين٬ الشيء الذي يكون قد أثر بشكل أو بآخر في انتفاء هاجس الطبع والنشر لديه٬ على امتداد مساره الإبداعي. واعتبر المومني أنه «لولا الإرادة العاشقة للأشعريين٬ محمد وخالد٬ ما كان للقصة المغربية أن تحتفظ بنصوص تتميز بجمالية عالية من الانحراف السردي»٬ موضحا أن الفضل في طبع المجموعة الأولى للخمليشي «اشتباكات» ضمن منشورات اتحاد كتاب المغرب سنة 1990 يعود للشاعر والروائي محمد الأشعري الذي كان يتحمل حينها مسؤولية الاتحاد. وأضاف أن الفضل ذاته اكتمل مع الفنان خالد الأشعري٬ الذي «لم يغمض له جفن إلا بعد تسلمه للنسخة الأولى من المجموعة الثانية (عربة مدام بوفاري) كتتويج حقيقي لما بذله من جهد في جمع النصوص٬ وإنجازه لوحة الغلاف فضلا عن ملازمته العنيدة واليقظة للمطبعة٬ حرصا منه على أن تأخذ العربة طريقها إلينا وهي في كامل أناقتها وقد ارتقى شكل إخراجها إلى شكل ومضمون كتابتها». من جهته٬ نوه القاص أحمد بوزفور بالعمل الذي قام به الفنان الأشعري والمتمثل في جمع نصوص الأمين الخمليشي من الجرائد والمجلات التي نشرت بها٬ ونشرها في كتاب اختار له عنوانا من أحد عناوين نصوص المجموعة٬ مشيرا إلى أن (مجموعة البحث في القصة القصيرة) حاولت إقناع الأمين بإصدار شيء آخر٬ بل حاولت إقناعه بإصدار طبعة جديدة لمجموعة (اشتباكات)٬ لكن دون جدوى. واعتبر بوزفور أن لغة الخمليشي تتخلص٬ من خلال شعرية ناعمة٬ من الترهل لتتجه راقصة باتجاه الهدف. واستشهد بقولة هيمينغواي: «لا تسأل لمن يدق الجرس٬ إنه يدق لك أنت»٬ معتبرا أن «جرس الخمليشي يدق الباب على الثقافة الحديثة التي نحلم بها». أما الناقد ابراهيم الخطيب٬ فقرأ نصا كتبه بعد وفاة والد الأمين الخمليشي٬ وهو عبارة عن حديث مع هذا الأب عن الابن٬ حيث قال له إنه كان يثير اهتمامه حقا قبل أن يدرك أنه مجرد اهتمام أدبي٬ معتبرا أنه رغم طول معرفته بالأمين الذي تعود علاقته به إلى أواسط الستينات٬ فإن هذا الأخير «لم يكن يتحدث عنك إلا لماما٬ كان في العطل يوحي بأنه يستعد لملاقاة رجل صعب المراس٬ يجبر الأمين على اتخاذ حمية قاسية٬ قبل أن يعود متعطشا لاجتراح الملذات الصاخبة٬ كان ينفس في الرباط عن سلطويتك٬ فهل كان الأمين في (اشتباكات) يرسم صورته أم يرسم صورة أب قاس». وقال الخمليشي إنه لا يتوفر سوى على نص أو اثنين من النصوص التي صدرت في الكتاب٬ مشيرا إلى أن النصوص لا تعود كلها إلى الستينات٬ بل منها ما كتب في السبعينات والثمانينات٬ وهناك نص منشور سنة 2005 في مجلة (قاف صاد). وتقع (عربة مدام بوفاري)٬ التي صدرت في طبعة أنيقة٬ في 60 صفحة من القطع المتوسط٬ وتضم ستة نصوص هي «حمجيق وبورشمان»٬ و«همز وغمز»٬ و«الدكتور» و«عربشات»٬ و«عربشات (عربة مدام بوفاري)» و«يوم ممطر».