انتقد الوسيط من أجل الديمقراطية التراجع الذي عرفته الميزانية الفرعية لوزارة التربية الوطنية لسنة 2012 بالمقارنة مع الاعتمادات المخصصة لهذا القطاع برسم القانون المالي للسنة الماضية. واعتبر الوسيط في مذكرة له توصلت الجريدة بنسخة منها، أن هذا التراجع سينعكس سلبا على الالتزام الحكومي الذي تم الإعلان عنه في البرنامج الحكومي الذي صادق عليه البرلمان بتاريخ 26 يناير الماضي والذي سطر مجموعة من الأهداف في مجال التعليم كان الوسيط من أجل الديمقراطية قد توقف عندها في مذكرة سابقة حول تقييمه لمضامين البرنامج الحكومي حيث أكد على أهمية «ما تضمنه من أهداف وتدابير متصلة بالحكامة واستقلالية المؤسسات التعليمية ورد الاعتبار للتخطيط وإقرار نظام التقييم المنتظم لمنتوج وأداء المؤسسات التعليمية وإعمال مفهوم الأحواض التربوية من خلال إحداث الشبكات المدرسية». وأورد الوسيط أن انخفاض الاعتمادات المخصصة لقطاع التربية الوطنية من 48.070.324.000 درهم برسم سنة 2011، إلى 42.245.217.000 درهم برسم سنة 2012 سينعكس بشكل واضح على ميزانية الاستثمار، التي تراجعت من 14984 مليون درهم برسم سنة 2011، إلى 9000 مليون درهم برسم سنة 2012، بالإضافة إلى انخفاض نسبة ميزانية الوزارة ضمن الميزانية العامة للدولة من %23.87 إلى %23.25 وذلك بنسبة %0.62 وبحسب نفس المصدر فإن هذا المنحى التراجعي في ميزانية القطاع لا تنسجم مع التزام الوزارة الوارد في برنامجها للسنة الجارية والذي يهم بالأساس توسيع العرض التربوي حيث تم الالتزام بتجهيز 277 مؤسسة في الدخول المدرسي المقبل وإطلاق أشغال البناء ب460 مؤسسة وتوسيع الطاقة الاستيعابية لمؤسسات تعليمية قائمة بإحداث 1800 حجرة بالإضافة إلى برنامج تأهيل المؤسسات من خلال ربطها بشبكة الماء والكهرباء وبالتجهيزات الديداكتيكية. وبالنسبة للجانب المتعلق بالموارد البشرية وقف الوسيط من أجل الديمقراطية على حجم الخصاص الذي يعرفه هذا القطاع خاصة بالنسبة للأطر الإدارية والتربوية وسجل عدم تجاوب الميزانية الفرعية برسم 2012 والتي حددت ما مجموعه 7000 منصبا مع حجم هذا الخصاص والتي تقدر ب8374 منصبا مشيرا إلى المعطيات المتوفرة بشأن المناصب المحدثة هي بالأساس لاستيعاب 4300 من حاملي الشهادات العليا، و2695 من منشطي التربية غير النظامية، علما بأن عدد المحالين على التقاعد بهذه الوزارة يصل في المعدل إلى 4000 موظف سنويا. وفي سياق رصدِه للقانون المالي واستقرائه لتعاطيه مع مستلزمات إصلاح منظومة التربية والتكوين من خلال ما تم تسطيره من أهداف كبرى في البرنامج الحكومي، توقف الوسيط من أجل الديمقراطية عند ما وصفه ب»التغييب الكلي» للأهداف الواردة في البرنامج الحكومي من قانون المالية، من قبيل الهدف المتمثل في «إعادة الثقة في المدرسة العمومية وإطلاق مدرسة التميز» حيث اعتبر الوسيط أن اختيارات الوزارة تتجه إلى منحى مناقض لهذا التوجه من خلال تصريح وزير التربية الوطنية للإعلام بخصوص الثانويات التأهيلية للتميز، حيث قرر بشكل أحادي إنهاء العمل بهذه التجربة، وليعدل هذا الموقف نسبيا، أمام اللجنة المختصة بمجلس النواب في سياق جوابه على مساءلة البرلمانيين بهذا الخصوص، بالإضافة إلى الهدف المتمثل في الارتقاء بمهام المدرسة الوطنية وأدوارها حيث أكد البرنامج الحكومي على التعهد بتبني نهج شامل يرتكز على مجموعة عمليات تركز على المتعلم وتشتمل الاهتمام بالطفولة وفئات ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرا إلى أن استقراء مشروع الميزانية القطاعية للوزارة، وكذا عرض الوزير أمام اللجنة البرلمانية المختصة يؤكد عدم وجود أي مؤشر على ما تعتزم الوزارة القيام به على هذا المستوى خلال السنة المالية الجارية. وبخصوص الهدف المعلن عنه والمتعلق بالتتبع والمراجعة المنتظمة للمناهج التي التزم البرنامج الحكومي بها، سجل الوسيط من أجل الديمقراطية عدم ورود أي مؤشرات بهذا الخصوص في العرض الذي قدمه الوزير أمام اللجنة البرلمانية المختصة. وقفت مذكرة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان على تغييب البرنامج التنفيذي لاعتمادات مالية تضمنها القانون المالي لهذه السنة. من أبرز الأمثلة على ذلك كما جاء في الدراسة «من خلال استقراء الاعتمادات المخصصة للتعليم الأولي برسم ميزانية الاستغلال (2012)، والمحددة في 4.77 مليون درهم وميزانية الاستثمار 45.32 مليون درهم. يتبين تغييب البرنامج التنفيذي لتلك الاعتمادات ضمن القانون المالي لهذه السنة، حيث لم يتم تقديم المعطيات حول عدد الحجرات المزمع إحداثها، ولا على عدد التلاميذ المستهدفين بهذا النوع من التعليم برسم هذه السنة، ولا توزيعهم الجغرافي، ولا المعطيات بشأن تكوين الموارد البشرية». يشار إلى أن اختيار «الوسيط» لمساءلة قانون المالية من خلال الميزانية الفرعية لقطاع التعليم ينطلق من كون سنة 2012، هي آخر سنة من عمر المخطط الاستعجالي، وأيضا لكونه يعتبر قطاعا استراتيجيا يراهن عليه على كل المستويات، إلى جانب القلق الذي يساور الفاعلين والمهتمين، واستمرار أجواء الاحتقان في الساحة التعليمية، في مقابل حالة الجمود والانتظارية التي يعرفها المجلس الأعلى للتعليم.