قدمت مؤسسة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي منظمة من منظمات المجتمع المدني التي تنشط في مجال حقوق الإنسان والبناء الديمقراطي، قراءة في الميزانية الفرعية لوزارة التربية الوطنية، في سياق اهتمامه بالسياسات العمومية ومواكبته ترجمة الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي، على مستوى قانون المالية لسنة 2012. وبناء على ما راكمه «الوسيط» على مستوى قضايا التربية والتعليم من خلال مساءلة الأداء البرلماني وحصيلة السياسة التعليمية للحكومة السابقة (2007 - 2011) ضمن عمله لتقييم أداء الحكومة في أربعة قطاعات أخرى (الصحة، التشغيل، الإسكان والاتصال) واعتمادا على الثلاين مقترحا التي قُدِّمت للحكومة الحالية، والتي اعتبرها الوسيط «قابلة للتنفيذ في العام الأول من عمر حكومة بنكيران»، وضمنها خمسة مقترحات أساسية ذات صلة بالتعليم. وبعد تتبع أول قانون مالي للحكومة الحالية أمام البرلمان والمصادقة عليه من طرف مجلسيه، اختار «الوسيط» أن يسائل الميزانية الفرعية لقطاع التربية الوطنية على ضوء التعهدات ذات الصلة بالتعليم، الواردة في البرنامج الحكومي المقدم أمام مجلسي البرلمان في 19 يناير 2012. ولأن القانون المالي هو الترجمة الفعلية والعملية للسياسات العمومية وللاختيارات التي حددها البرنامج الحكومي في إطار الأهداف الكبرى، فإن المعطيات والبرامج تُسهّل مهمة التتبع والرصد، على مستوى مدى التوافق بين الأهداف المُعبَّر عنها في البرنامج الحكومي، من جهة، وإمكانيات تصريفها على مدى زمني سنوي من خلال القانون المالي، من جهة أخرى. كما تمكن من قياس وتيرة الانجاز ورصد أوجه التقدم والتباطؤ والاختلال. ويأتي اختيار «الوسيط» لمساءلة قانون المالية من خلال الميزانية الفرعية لقطاع التعليم لعدة اعتبارات يمكن تلخيصها في كون سنة 2012 هي آخر سنة من عمر المخطط الاستعجالي، ولكونه قطاعا إستراتيجيا يُراهَن عليه على كل المستويات، إلى جانب القلق الذي يساور الفاعلين والمهتمين واستمرار أجواء الاحتقان في الساحة التعليمية، في مقابل حالة الجمود والانتظارية التي يعرفها المجلس الأعلى للتعليم، فضلا على تنصيص الدستور على حق الطفل في التعليم. وتوصلت «المساء» بمجموع الملاحظات حول الميزانية الفرعية لقطاع التربية الوطنية، والتي تتميز بانخفاض الميزانية، حيث يلاحظ انخفاض هذه الاعتمادات قياسا مع السنة الماضية، إذ تحددت في 48.070.324.000 درهم برسم سنة 2011، وفي 42.245.217.000 درهم برسم سنة 2012. وقد انعكس هذا الانخفاض، حسب ملاحظات الوسيط، بشكل واضح على ميزانية الاستثمار، حيث تراجعت من 14984 مليون درهم برسم سنة 2011 إلى 9000 مليون درهم برسم سنة 2012. كما تم تسجيل انخفاض نسبة ميزانية الوزارة ضمن الميزانية العامة للدولة من 23.87 في المائة إلى 23.25، بنسبة 0.62 في المائة. وخلص «الوسيط» إلى أن هذا «المنحى التراجعي في الاعتمادات المرصودة للقطاع لا ينسجم مع التزام الوزارة في برنامجها لسنة 2012 في ما يخص توسيع العرض التربوي، حيث تم الالتزام برسم هذه السنة بتجهيز 277 مؤسسة في الدخول المدرسي المقبل وإطلاق أشغال البناء في 460 مؤسسة جديدة وإطلاق طلب عروض لبناء 109 مؤسسات، مع توسيع الطاقة الاستيعابية لمؤسسات تعليمية قائمة بإحداث 1800 حجرة جديدة، فضلا على برنامج تأهيل المؤسسات من خلال ربطها بشبكة الماء والكهرباء وبالتجهيزات الديداكتيكية. وعلى مستوى الموارد البشرية، خصص قانون المالية برسم 2012 ما مجموعه 7000 منصب، غير أن المعطيات المتوفرة بشأن هذا الموضوع تكشف عن تخصيص المناصب المحدثة أساسا لاستيعاب 4300 من حاملي الشهادات العليا و2695 من منشطي التربية غير النظامية، علما أن عدد المحالين على التقاعد في هذه الوزارة يصل في المعدل إلى 4000 موظف سنويا، وخلص الوسيط إلى أن «هذه المناصب المحدثة لن تُمكّن الوزارة من استدراك الخصاص المسجل في مواردها البشرية، والمقدر ب8374 منصبا، علما أن حجم هذا الخصاص يتفاقم أكثر على مستوى أطر الإدارة التربوية.