يحل فاتح ماي، العيد الأممي للطبقة العاملة، هذه السنة ضمن تحولات شهدها الحقل السياسي والمجتمعي ببلادنا، وأفضت إلى إصلاحات مؤسساتية وسياسية ولجت بالمغرب مرحلة جديدة صار من عناوينها الكبرى، محاربة الفساد والريع، تعزيز الحكامة الجيدة، الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، بالإضافة إلى النهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لشعبنا. الاحتفال بعيد الشغل إذن يندرج اليوم ضمن هذه الدينامية الإصلاحية العامة، ويبرز تطلعات الشغيلة المغربية، على غرار باقي فئات شعبنا، إلى نجاح الحكومة الجديدة في إعمال سياسات عمومية وبرامج وإجراءات قادرة على الاستجابة لمطالبها المادية والاجتماعية والمهنية والحقوقية. وحيث أن الحكومة الحالية في بداية مهمتها الوزارية، فإن التقييم لن يخرج عن إطار مضمون برنامجها الذي نالت بموجبه ثقة البرلمان، وأيضا عما صرحت به بالنسبة للمسألة الاجتماعية ولحقوق وأوضاع الأجراء، ولذلك فإن الحوار الاجتماعي يبقى اليوم المجال المناسب لفهم تصورات الحكومة ومقارباتها. لقد أفضى الحوار الاجتماعي للعام الماضي إلى ما عرف باتفاق 26 أبريل، حيث طبقت فيه أشياء ولا زالت أخرى تنتظر، ما يجعل المهمة اليوم هي استكمال الاستجابة لكل ما تضمنه الاتفاق المذكور، وبعد ذلك الانكباب على قضايا الملفات القطاعية التي تخاض منذ فترة إضرابات وتحركات نقابية بشأنها، وفي نفس الوقت الاهتمام الجدي ببعض المعضلات الاجتماعية الكبرى مثل: إصلاح أنظمة التقاعد، إصلاح أنظمة الأجور والزيادة فيها، الترقية الداخلية، أجرأة التعويض عن فقدان الشغل... وبصفة عامة، فإن الأساسي اليوم هو الحفاظ على منهجية الحوار الاجتماعي وتطوير منظومتها، والحرص على استمراريتها، وجعل جلساتها محطة أساسية ينخرط كل أطراف العملية الإنتاجية في إنجاحها، بالإضافة إلى أهمية تقوية الحوار الاجتماعي القطاعي، وبالتالي تمتين الاستقرار بما يخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، علاوة على أهمية إعمال دولة القانون في المجال الاقتصادي، أي الارتكاز إلى القانون في الحكم وفي المرجعية، وإلى الحوار الجدي كأسلوب ومنهجية، ثم الحرص المشترك على تحقيق الاستقرار والنماء. فاتح ماي هذه السنة، يحل أيضا في غمرة تنامي أزمات ومصاعب مالية واقتصادية في العديد من دول العالم، بالإضافة إلى تبعات شح الأمطار، وهي قضايا لها كذلك انعكاسات على الأوضاع الاقتصادية والمالية لبلادنا، ما يجعل انطلاق عمل الحكومة الجديدة، وسير الحوار الاجتماعي يتمان ضمن هذه الظرفية الصعبة، وبالتالي، فإن المرحلة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تتطلب الفهم المشترك للتحديات وللمطالب وللسياقات، والعمل معا كذلك من أجل بلورة الحلول والمخارج. السياق السياسي والإقليمي لعيد الطبقة العاملة يفرض اليوم على مؤسسات القطاع الخصوصي، وعلى أوساط المال والأعمال التفكير الجدي في ثمن الاستقرار، وفي واجب المساهمة في إنجاح مسلسلات الإصلاح في البلاد، كما أن النقابات ذاتها مدعوة إلى الاهتمام بذاتها التنظيمية والإشعاعية وبقدرتها الاقتراحية والتفاعلية، وبالتالي فإن المسؤولية هي عنوان مركزي كبير للدور المطلوب اليوم من كل الأطراف. كل فاتح ماي، وطبقتنا العاملة بخير. كل فاتح ماي، وشعبنا في تقدم وازدهار. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته