الخلفي: لن أستقيل، وسأبقى مدافعا شرسا عن تنزيل الدستور ضاقت القاعة المغربية بمجلس النواب بزوارها، من النواب البرلمانيين، ومسؤولي وزارة الاتصال، ومدراء ومسؤولي مؤسسات الإعلام العمومي، والصحفيين، والمتتبعين والمهتمين بالشأن الإعلامي، والمناسبة اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال مع وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، حول دفاتر التحملات الخاصة بالقنوات العمومية، الذي أثار ولا يزال نقاشا واسعا في أوساط المجتمع. وأعلن مصطفى الخلفي أنه لن يستقيل من منصبه، وسيظل مدافعا شرسا عن تنزيل الدستور، مشددا على أن مسالك إعداد دفاتر تحملات القنوات العمومية احترمت المساطر القانونية. وجدد التأكيد على أن مهمة وزارته انتهت فيما يتعلق بتلك الدفاتر، وأن الموضوع الآن يوجد بين يدي الحكومة، وهي صاحبة القرار في اقتراح تعديل بعض بنودها من عدمه. وردا على بعض الانتقادات التي وجهت بخصوص إعداد دفاتر التحملات، قال الخلفي إن ذلك تم وفق مرجعيات قانونية واضحة، في احترام تام للمسطرة المتبعة، معتبرا أن النقاش الذي أثارته دفاتر التحملات «صحي وإيجابي». وخفت حدة وزير الاتصال عما كانت عليه قبل أربعة أيام خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، مشيرا إلى أن موضوع دفاتر التحملات بيد الحكومة، وهي صاحبة القرار في إدخال تعديلات عليها من عدمه، في إشارة واضحة إلى أن هناك احتمالا لتعديل هذه الدفاتر. ونأى الخلفي بنفسه عن التدخل خلال إعداد الدفاتر «لأن ذلك محصن بالدستور، ويتعارض مع اقتناعاتي الذاتية»، بحسب تعبيره، معلنا في نفس الوقت «أنني لن أستقيل، وسأبقى مدافعا شرسا عن تنزيل الدستور». وأضاف وزير الاتصال «أنا مطوق بأمانة ثقيلة لن أتخلى عنها مهما يكن»، مشيرا إلى أنه سيكون رهن إشارة أي نصيحة تقدم له في هذا المجال، من أي كان من الأغلبية قبل المعارضة، لأن موضوع دمقرطة الإعلام العمومي ليس قضية وزير أو قضية حزب سياسي أو توجه إيديولوجي، بل قضية بلد بأكمله. اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي دعت إليه سبعة فرق نيابية بمجلس النواب، تمثل فرق التقدم الديمقراطي والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري والتجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، كان مناسبة لشرح دواعي الدعوة إلى هذا النقاش في ظل الجدل الدائر حاليا في أوساط فئات المجتمع والرأي العام حول الموضوع. وقال رشيد روكبان، رئيس فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، إن الهدف من الدعوة إلى هذا الاجتماع هو المساهمة في النقاش الذي يتداوله الرأي العام، والتعرف أكثر على دفاتر التحملات ومعرفة ردود الوزير الوصي على مختلف التساؤلات والاستفسارات حول الموضوع. وأضاف روكبان، في معرض توضيحه في بداية الجلسة، بأن الهدف من كل ذلك هو نقل الحوار المجتمعي الذي يساهم فيه مختلف الفاعلين والمهتمين والمتتبعين إلى داخل المؤسسة التشريعية، لأنها تشكل الفضاء المركزي والحيوي الأمثل من أجل التفاعل معه والإحاطة بكل جوانبه. وأكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة في عرض مطول أمام أعضاء اللجنة أن إعداد دفاتر التحملات التزمت المرجعيات التي يحددها الدستور، وأسست لمفهوم الخدمة العمومية، ونصت على ضرورة احترام استقلالية القطب العمومي ووضع القواعد الكفيلة بذلك. ووجه مصطفى الخلفي حديثه إلى نواب الأمة بالقول «إذا وجدتم ما يخالف هذا في دفاتر التحملات حاكموني انطلاقا من ذلك»، مشيرا إلى أنه لا ينتظر الشكر إلا من الله. ونفى في ذات الوقت أن تتضمن الدفاتر أي مساس بالهوية كما هي منصوص عليها في الدستور، لأن المساس بها الهوية ستجعل دفاتر التحملات «لا دستورية». وشدد الخلفي على أنه غير مستعد للتضحية بما أسماه «السيادة الإعلامية للبلد»، ولا يمكن القبول أن يخضع المغاربة لتأثير الإعلام الأجنبي الذي يملي عليهم ما يجب عليهم القيام به، في وقت يظل فيه إعلامهم بعيدا عن همومهم وتأطيرهم. وبينما اعتبر أن النقاش حول دفاتر التحملات، وهو الأول من نوعه، صحي وإيجابي، أبرز أنه «خاض تجرية مهمة خرج منها قويا، مقتنعا بأن المغرب يتوفر على طاقات مهمة يجب استثمارها للرقي بمستوى الإعلام العمومي». وأشار إلى أن دفاتر التحملات هذه، التي صادقت عليها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري متم شهر مارس الماضي، تهدف إلى احترام معايير الجودة والتعددية وتكافؤ الفرص والاستقلالية، والالتزام بأخلاقيات المهنة في الممارسة الإعلامية، وفق ما أوصى به الحوار الوطني حول الإعلام، وما تضمنه الميثاق المغربي حول الحكامة الذي صادقت عليه الحكومة. واعتبر أنه من الطبيعي أن تكون لأي إصلاح تكلفة يجب التجند لتحملها، وخلص إلى أن دفاتر التحملات أرست العديد من النقط الإيجابية، خصوصا فيما يتعلق بترسيخ نظام الأخلاقيات، والحكامة الجيدة. وكان من المنتظر أن تواصل اللجنة مناقشتها لدفاتر تحملات القنوات العمومية عشية أمس الجمعة إلا أنها قررت إرجاء ذلك إلى الأربعاء المقبل.