«دوزيم» تخسر 6 ملايير وديونها تفوق 37 مليار سنتيم وصفقات إنتاج ضخمة بدون مراقبة انتهى الجدل والنقاش بمجلس النواب، أول أمس الاثنين، حول دفاتر تحملات القنوات العمومية، بلا غالب ولا مغلوب، في انتظار الجولة المقبلة من هذا النقاش في اللجنة الدائمة المختصة، بالرغم من أن وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، استطاع تسجيل عدة نقط يمكن أن تحسم الموضوع لصالحه، في الوقت الذي بدا فيه بعض النواب مرتبكين تائهين أمام قوة عرض الوزير ورباطة جأشه ودفاعه المستميت عن مشروعه. واعتبر وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، خلال رده على سؤال محوري خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب أول أمس الاثنين، أن النقاش حول دفاتر تحملات القنوات العمومية «صحي وضروري» بغض النظر عن المواقع، لأنه يعكس التطلع إلى إعلام ديمقراطي وحر، مشيرا إلى أن المواطنين يتطلعون من هذا النقاش إلى حكومة تقود إصلاحات، وتعمل على التنزيل الصحيح لمضامين الدستور التي تقتضي التأسيس لخدمة عمومية، وتفعيل ثقافة احترام الحريات. وقال الخلفي، جوابا على سبعة أسئلة حول موضوع دفاتر تحملات القنوات العمومية، إن إثارة النقاش حول دفاتر التحملات الخاصة بالقنوات العمومية، الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقناة الثانية، يرتكز على إدماج مؤسسات الإعلام في الحكامة الجيدة وتثمين الموارد البشرية، مبرزا في نفس الوقت أن إعداد هذه الدفاتر تطلب تعبئة حوالي 100 شخص من أطر المؤسستين، وأشرفت مديرية الدراسات على إعدادها في مختلف المراحل، قبل أن تحال على الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري للمصادقة عليها. هذه الدفاتر فضلا عن تنزيل مضامين الدستور، تهدف أيضا، حسب وزير الاتصال، إلى احترام معايير الجودة والتعددية وتكافؤ الفرص والاستقلالية، والالتزام بأخلاقيات المهنة في الممارسة الإعلامية، وفق ما أوصى به الحوار الوطني حول الإعلام، وما تضمنه الميثاق المغربي حول الحكامة الذي صادقت عليه الحكومة الحالية. وشدد على أنه في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى محاربة كل أشكال الريع، يبقى من غير المعقول أن يظل مجال الإعلام العمومي هو الاستثناء في هذا الصدد، لذلك فإن الدفاتر الجديدة لتحملات القنوات العمومية تتوخى اعتماد مبادئ الخدمة العمومية والحكامة الجيدة. وأشار في هذا السياق إلى أن حجم صفقات الإنتاج تصل إلى حوالي 30 مليار سنتيم، دون أن تمر باللجنة القانونية، ودون أن تكون بقرارات معلنة، ودون أن تنظر فيها لجن انتقاء البرامج. وأعلن مصطفى الخلفي أن موضوع دفاتر التحملات لم يعد بيد وزارة الاتصال، بل أصبح مطروحا أمام الحكومة التي ستتخذ في شأنها القرار المناسب، بعد أن صادقت عليها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وتنشر في الجريدة الرسمية لتدخل سحيز التنفيذ، معتبرا أنه بات من الضروري الحديث عما بعد دفاتر التحملات. وشدد وزير الاتصال على أن دفاتر التحملات ستساهم في تعميق ثقافة الحقوق والحريات، وترسيخ ممارستها، وإدماج مؤسسات الإعلام العمومي في منظومة الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة وتكريسها، مؤكدا أن إعداد الدفاتر تم بطريقة تشاركية، رغم ضيق الحيز الزمني، شارك فيها أزيد من 40 هيئة وجهت ملاحظاتها ومقترحاتها وتم تضمينها في بنود الدفاتر. أجوبة الوزير على أسئلة النواب لم تمر دون أن تثير بعض ردود الفعل، من خلال التعقيبات التي تلت عرضه، من تلك التعقيبات من جانبت صلب الموضوع، ومنها من امتدحت الوزير في الخطوات التي قام بها، رغم أنه لم يكن يحتاج إلى مثل ذلك المدح. وأثار تعقيب عبد الله البقالي الذي أكد فيه أن صحة وجدية مثل هذا النقاش لا يمكن أن ينكره إلا جاحد، منبها إلى الحذر مما أسماه «المغامرة بتصريحات غير محسوبة، والانفلات الذي أبان عنه بعض المسؤولين حول الموضوع، في إشارة إلى الخرجات الإعلامية لمسؤولي القطب العمومي، قبل أن يقول «إما أن يستقيل الوزير من منصبه أو يقدم هؤلاء المسؤولون استقالتهم» في حالة إذا لم يعجبهم مشروع الوزير. إن الجديد في دفاتر التحملات التي أعدها مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، لقنوات الإعلام العمومي هو أنها «تعيد الاعتبار للدين»، عبد الله البقالي وإن كان لم يفصح عن موقفه بصراحة من الجدل والنقاش إلا أنه شدد على ضرورة عدم التعاطي مع التشريع بجفاء، بل بالليونة، مشيرا إلى أن دفاتر تحملات القنوات العمومية تعيد الاعتبار للدين الإسلامي، رغم الحرج والألم الذي يمكن أن يلحقه ذلك بالبعض. من جهته اعتبر احمد الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي، أن الحكومة لم تشرك كل المكونات في إعداد دفاتر التحملات، عكس ما تدعيه، دون الحديث عما أسماه «السرعة التي تمت بها المصادقة على الدفاتر من طرف الهاكا» وسط تكتم شديد، معيبا على الوزير عدم وضعه لإطار محدد للممارسة، ووضعه بنفسه شبكة للبرامج. وفي موضوع ذي صلة، أكد وزير الاتصال أن الوضعية المالية لشركة «صورياد دوزيم» تبعث على القلق٬ بسبب التراجع المسجل في رأسمالها بنسبة 93 في المائة، ومن المرجح أن تصل خسارة المؤسسة السنة الحالية ما قيمته 63 مليون درهم. بينما تصل الديون المتراكمة عليها 229 مليون درهم بالنسبة للممولين٬ و144 مليون درهم بالنسبة لخزينة الشركة من السيولة المالية. وأعلن الخلفي أن الحكومة ستقوم باتخاذ إجراءات مستعجلة لإعادة تأهيل المؤسسة٬ منها اقتراح الرفع من رأسمال المؤسسة على الجمع العام للمساهمين واحتساب الموارد المالية المبرمجة في عقد البرنامج٬ ضمن حصة الدولة في رأسمالها، ودعوة باقي المساهمين إلى القيام بمبادرات مماثلة في نفس الاتجاه. وهو ما سيمكن شركة «صورياد دوزيم» من موارد مالية جديدة٬ سيسمح لها بتجنب وضعية الإفلاس التي توجد على حافتها. كما تتضمن الإجراءات، يضيف الخلفي، التزام وزارة الاتصال بتقديم كل الدعم اللازم٬ وضمنه الشق المالي عند الاقتضاء لكي تفي بالتزاماتها المنصوص عليها في دفتر التحملات الخاص بها٬ وكذا في عقد البرنامج الموقع معها. وأشار إلى أن الحكومة أوفت بكل التزاماتها وحولت إلى خزينة القناة الثانية ما مجموعه 215 مليون درهم٬ على أن تقوم بتحويل 35 مليون درهم هذه السنة. ومقابل هذا الدعم المالي التزمت القناة الثانية بتحقيق نتائج مالية إيجابية٬ تعادل ربحا صافيا بقيمة 6.3 مليون درهم سنة 2011، و37 مليون درهم سنة 2012.