في خضم النقاش الجاري حاليا، على أكثر من صعيد سياسي وإعلامي، وصلت دفاتر التحملات الخاصة بالإعلام السمعي البصري إلى البرلمان المغربي ضمن جلسة الأسئلة الشفوية. وفي هذا الصدد، أكد مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة٬ اليوم الاثنين أن دفاتر التحملات تتوخى٬ فضلا عن تنزيل مضامين الدستور والبرنامج الحكومي٬ احترام معايير الجودة والتعددية وتكافؤ الفرص والاستقلالية التحريرية والمبادرة المبدعة. وأضاف الخلفي خلال رده على سؤال محوري بمجلس النواب حول دفاتر التحملات في المجال الإعلامي٬ أن هذه الدفاتر تروم أيضا التأسيس لمفهوم الخدمة العمومية للإعلام ووضع مبادئها وأهدافها وقواعدها٬ إلى جانب المساهمة في تعميق ثقافة الحقوق والحريات. وأوضح أن صياغة دفاتر التحملات الجديدة تندرج في إطار مقاربة شمولية لتأهيل وتنمية القطاع السمعي البصري العمومي عبر محطات وورشات متتالية ومتكاملة٬ ولاسيما من خلال صياغة دفاتر تحملات على اعتبار أن الدفاتر السابقة انتهى العمل بها مع متم مارس 2012٬ وصياغة وتحيين العقد البرنامج لمواكبة الالتزامات الجديدة ومشروع التأهيل التنظيمي للقطب العمومي وتنظيم وتأهيل قطاع الإشهار٬ وتنظيم وتنمية قطاع الإنتاج التلفزيوني والوطني وإجراء دراسة ميدانية مفصلة حول تقييم وانتظارت المشاهدين٬ موضحا أنه تم اعتماد مراجع لدى إعداد هذه الدفاتر تتمثل في المراجع الدستورية والقانونية ودراسات وطنية وإحصائيات نسب المشاهدة٬ ودراسات وتقارير دولية. وأكد أنه تم كذلك إعداد هذه الدفاتر وفق مقاربة تشاركية موسعة شملت حولي 40 هيئة وجهة من خلال لقاءات ومشاورات٬ وتلقي عدة مذكرات٬موضحا أن هذه تتمثل على الخصوص في الشركة الوطنية والقنوات التلفزية للشركة الوطنية٬ وإذاعات الشركة الوطنية والقناة الثانية٬ ووزارتي الثقافة والتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية٬ والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومؤسسة محمد السادس لحماية البيئة والاتحاد النقابي للشركة الوطنية٬ ونقابات مستخدمي القناة الثانية وشركات الإنتاج وجمعيات شركات الإنتاج٬ فضلا عن جمعيات فنية وثقافية ولغوية وفاعلين إعلاميين. وسجل الخلفي أن عملية إنجاز هذه الدفاتر دامت حوالي شهرين تم خلالها تقييم الوضعية الراهنة وإجراء مشاورات أولية مع إدارة القطب العمومي التي تم تكليفها بتوسيع المشاورات والالتقاء مع مدراء والقنوات والإذاعات وكذلك مع مسؤولين آخرين في إطار التشاور الداخلي الموسع ٬ كما تم الاتصال بهيئات رسمية معنية واستقبال الهيئات والأفراد والفاعلين الذين أبدوا رغبة في ذلك٬ مشيرا إلى أنه تم في إطار الصياغة جديدة لدفاتر التحملات إدراج حوالي 85 من المقترحات الواردة. وشدد على أنه تم تخصيص العشر الأيام الأخيرة لاستشارات مركزة مع رئيس القطب العمومي ومديري الشركتين وكذلك مع رئاسة الحكومة وخبراء وإدارة الهيئة العليا لقطاع السمعي البصري في مجال اختصاصها٬ مبرزا أنه بعد مصادقة هذه الهيئة على دفاتر التحملات تم تعميم هذه الدفاتر عبر عدة قنوات٬ منها النشر على الموقع الإلكتروني للوزارة وتوزيع نسخ على أعضاء الحكومة وداخل البرلمان قصد توسيع دائرة الإطلاع. وفي ما يتعلق بالتعددية والتنوع٬ أكد الوزير أن هذه الدفاتر تتوخى المحافظة وتكريس مبدأ التعددية السياسية والحزبية في شتى البرامج وتوسيع مجالها ليشمل التعددية المدنية والمجالية من أجل ضمان احترام التعبير التعددي لتيارات الفكر والرأي في جميع المجالات٬ مبرزا أن الشركتين المدعوتين إلى اعتماد برمجة تعكس تنوع مقومات الهوية المغربية وتجلياتها الثقافية واللغوية والفكرية والمجالية والاجتماعية٬ ملزمتان بتوفر المعطيات الخاصة بمدى احترام مختلف جوانب هذه التعددية. وعلى مستوى التعدد اللغوي واللسني٬ أكد الوزير أن السياسة اللغوية المتبعة مؤطرة بأهداف منها السيادة من خلال تدعيم وترسيخ اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية في الشبكة المرجعية٬ والتعددية والوحدة٬ والانفتاح على اللغات والثقافة الأجنبية بما يعزز التواصل وتلاقح الحضارات. وارتباطا بالبرمجة والبرامج٬ قال الخلفي إن دفتر التحملات يضم تسعة أبواب من أبرزها تحديد الخدمة العمومية والهوية التحريرية لكل خدمة على حدة٬ والبرمجة٬ والإنتاج والإشهار٬ والرعاية والأخلاقيات٬ والحكامة الجيدة٬ والعلاقات مع الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري٬ موضحا أن البرامج المقترحة تروم تحقيق الحد الأدنى من الخدمة العمومية. وشدد على أن مجموع البرامج المقترحة بالنسبة للقناة الثانية لا تتجاوز مدته ثلاث ساعات ونصف وهو ما يشكل أقل من 5ر14 في المائة من مجموع البث اليومي٬ مما يترك مجالا واسعا للإبداع والتميز والإستقلالية٬ على أن النشرات الإخبارية الرئيسية٬ يوضح الوزير٬ هي البرامج الوحيدة التي تم تحديد موعدها٬ مؤكدا أنه بالرغم من تحديد بعض المواصفات الدنيا لهذه البرامج فإن الكيف في التنزيل المهني والاستقلالية في التناول يبقيان اختصاصا حصريا للمهنيين. إلى ذلك، أكد الخلفي٬ أن الواقع المالي الحالي لشركة صورياد دوزيم يبعث على القلق٬ مبرزا أن رأس مال الشركة الذي كان يساوي 302 مليون درهم٬ انخفض إلى 7ر21 مليون درهم حاليا٬ مسجلا بذلك انخفاضا يقدر ب 93 في المائة. وأضاف الخلفي في معرض رده على سؤال بمجلس النواب حول الوضعية المالية لشركة صورياد دوزيم تقدم به فريق العدالة والتنمية٬ أن ديون الشركة تقدر ب 229 مليون درهم بالنسبة للممولين٬ و144 مليون درهم بالنسبة لخزينة الشركة من السيولة المالية. وأبرز الوزير أنه من أجل تجاوز هذه الوضعية٬ ستقوم الحكومة باتخاذ إجراءات ضرورية تروم إعادة تأهيل هذه الشركة العمومية٬ من أهمها اقتراح الرفع من رأسمال المؤسسة على الجمع العام للمساهمين في شركة صورياد دوزيم٬ حيث سيتم احتساب الموارد المالية المبرمجة في عقد البرنامج٬ ضمن حصة الدولة في رأسمال شركة صورياد دوزيم٬ ودعوة باقي المساهمين إلى القيام بمبادرات مماثلة في نفس الاتجاه. وأوضح أن هذا الإجراء٬ الذي سيوفر لشركة صورياد دوزيم موارد مالية جديدة٬ سيسمح لها بتجنب وضعية الإفلاس التي يحددها القانون 95 /17المتعلق بالشركات مجهولة الاسم كما تم تتميمه بالقانون 05/ 20. وأضاف أن هذا الوضع يفرض على الشركة الإقدام على اتخاذ إجراءات محددة تتعلق أساسا باعتماد مخطط دقيق للترشيد ومراقبة النفقات٬ وتفعيل آليات الحكامة الجيدة وتنمية المداخيل الإشهارية وتطوير النموذج الاقتصادي للمؤسسة وذلك في إطار سوق إشهاري يعرف نموا مطردا. وأبرز أن هذه الإجراءات تشمل أيضا التزام وزارة الاتصال بتقديم كل الدعم اللازم٬ وضمنه الشق المالي عند الاقتضاء لكي تفي بالتزاماتها المنصوص عليها في دفتر التحملات الخاص بها٬ وكذا في عقد البرنامج الموقع معها. وذكر بأن الحكومة قامت بتوقيع عقد برنامج مع شركة صورياد دوزيم في يونيو 2010 ٬وهو الأول من نوعه يتم توقيعه مع هذه القناة منذ إحداثها في سنة 1989٬ موضحا أنه هذا العقد يضمن للشركة العمومية الوسائل لتحقيق الأهداف المتوخاة. وأكد أن الحكومة أوفت بالتزاماتها وحولت إلى خزينة القناة الثانية 215 مليون درهم (21 مليار ونصف مليار سنتيم)٬ كما ستقوم بتحويل 35 مليون درهم هذه السنة (3 مليار سنتيم ونصف). وسجل أنه في مقابل هذا الدعم المالي التزمت القناة الثانية بتحقيق نتائج مالية ايجابية٬ تعادل ربحا صافيا بقيمة 3ر6 مليون درهم سنة 2011 و37 مليون درهم سنة 2012٬ ملاحظا أنه بالرغم من ذلك سجل الناتج الصافي للقناة الثانية خسارة بقيمة 121 مليون درهم٬ وذلك بسبب تقلص المعاملات بنسبة 11 في المائة وارتفاع المصاريف بنسبة 10 في المائة وذلك مقارنة بين الأرقام المتوقعة والنتائج المسجلة٬ ليخلص إلى أنه من المرتقب أن تسجل شركة صورياد دوزيم سنة 2012 خسارة بقيمة 63 مليون درهم.