الانتهاء من إعداد مخطط عمل للتعاون بين المغرب ومجلس أوروبا أعلن رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، جون كلود منيون، أن مجلس أوروبا أعد مخطط عمل لتفعيل شراكته مع المغرب، سيتم الكشف عنه خلال الدورة الربيعية للجمعية البرلمانية للمجلس، التي افتتحت أول أمس الاثنين باللكسومبورغ، ويشارك فيها على الخصوص وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد سعد الدين العثماني. وأوضح الرئيس الفرنسي الجديد للجمعية، التي يحظى فيها البرلمان المغربي منذ سنة بصفة «شريك من أجل الديمقراطية»، أن هذا المخطط الذي تم إعداده «بتشاور وثيق» مع السلطات المغربية، يهدف إلى «تعزيز التعاون في مجالات أنشطة المجلس والديمقراطية ودولة الحق والقانون وحقوق الإنسان، بما فيها حقوق المرأة التي تعد معنية أكثر». ويأتي الإعلان عن هذا المخطط عقب الزيارة التي قام بها مؤخرا للرباط الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربجورن جاغلاند، والتي جدد خلالها التزام المجلس بتعزيز شراكته مع المغرب، الذي يشغل مقعدا في العديد من هيئاته، ولاسيما الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا التي تضم 318 برلمانيا من 47 دولة عضوا في هذه الهيئة التي تروم تعزيز الديمقراطية. وكانت الجمعية البرلمانية منحت المغرب في 21 يونيو الماضي صفة «شريك من أجل الديمقراطية» بهدف تعزيز «التعاون المؤسساتي مع برلمانات الدول غير الأعضاء في المناطق المجاورة» والراغبة في الاستفادة من تجربة مجلس أوروبا في مجال الإصلاحات الديمقراطية والمشاركة في النقاش السياسي حول التحديات المشتركة التي تتجاوز الحدود الأوروبية». ويمثل المغرب في دورة أبريل، التي تخصص لمناقشة «تداعيات الربيع العربي»، على المستوى الحكومي وزير الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني، ووزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي، التي ستتناول في مداخلتها تقرير الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بشأن «المساواة بين النساء والرجال: شرط لنجاح الربيع العربي»، والذي يخص جانب منه المغرب. وأشار جون كلود منيون إلى «وجود محاورين من مستوى عال» يؤكد «اهتمام الحكومة المغربية بنشاطنا» و»يشجعنا على المضي قدما وعلى تعزيز هذا الحوار»، مذكرا بهذا الخصوص بروابط الصداقة التي تجمعه بوزير الشؤون الخارجية والتعاون باعتباره عضوا سابقا في الوفد البرلماني المغربي إلى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا. وقال «إنه لمن دواعي الشرف أن نستقبل وزير خارجية المغرب. فقد كان السيد العثماني عضوا سابقا في الوفد البرلماني المغربي، ونحن نعتبره صديقا للجمعية. كما أن مشاركته تعتبر تفعيلا لصفة شريك من أجل الديمقراطية». واعتبر رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا أن حصول المغرب على هذه الصفة يمثل «تقدما هاما» لتعزيز العلاقات مع البرلمانيين المغاربة الذين يحضرون وبشكل منتظم، منذ عام 2008، أشغال الجمعية في إطار التعاون البرلماني مع دول المغرب العربي.. وأشار إلى أنه يمكن إبراز هذا التقدم من خلال مظهرين أولهما أن «زملاءنا المغاربة أصبح بإمكانهم المشاركة الفعالة في أشغالنا: ذلك أن لهم الحق اليوم في تقديم مداخلاتهم واقتراح تعديلات على مشاريع النصوص التي تتم مناقشتها على مستوى اللجان». أما المظهر الثاني، فيرتبط بطبيعة «وضع الشريك من أجل الديمقراطية»، نفسه، والذي يمكن برلمانات الدول المستفيدة منه من انتداب «وفد دائم، يتوجه بانتظام» إلى مقر الجمعية بستراسبورغ. وأوضح رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، الذي يعتزم القيام بزيارة رسمية للمغرب قبل نهاية السنة الجارية، أن «هذا الأمر يمكن البرلمانيين المغاربة من التعرف أكثر على مساطرنا، والاضطلاع بدورهم كاملا داخل الجمعية. كما أن مجموع هذه العوامل تمكننا من الاستفادة الكاملة من تجربة شركائنا المغاربة». وبخصوص حصيلة هذه الشراكة، فضل جون كلود منيون انتظار التقرير الذي سيقدمه في غضون الأسبوع الجاري مبعوث الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، النائب الإيطالي لوكا فولونتي (رئيس مجموعة الحزب الشعبي) عقب زيارته الأخيرة للمملكة، غير أنه أكد وجود «توجهات إيجابية» في ظل «الإصلاح الدستوري» و»التقدم» الذي تم تسجيله. وأضاف «إننا نعاين إصلاحا دستوريا وتقدما يتم تحقيقه، غير أننا ننتظر الاطلاع على التفاصيل التي سيقدمها المقرر. وأتمنى أن يسير في اتجاه تأكيد هذه التوجهات الإيجابية». كما أشار بالخصوص إلى «التطورات المشجعة التي تم تحقيقها خلال السنوات الأخيرة» في مجال حقوق النساء وضرورة «المحافظة على المكتسبات والتقدم» نحو الأمام، مشيدا في الوقت ذاته بأن وضعية المرأة حاليا «توجد في صلب النقاش العمومي» بالمغرب، بفضل نتائج السياسات وانخراط المجتمع المدني. واعتبر، في هذا الصدد، أن النقاش المرتقب خلال هذه الدورة «يمثل نموذجا متميزا بخصوص الفرص التي أضحى يتوفر عليها البرلمانيون المغاربة من أجل تقاسم وجهات نظرهم» مع نظرائهم في 47 دولة عضوا في مجلس أوروبا وكذا مع الأعضاء من الدول التي تتمتع بصفة مراقب، وباقي الشركاء من أجل الديمقراطية، مضيفا أن ذلك «سيمكننا من فهم أفضل وتقييم أحسن لوضعية المغرب عقب الإصلاح الدستوري». وكانت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا قد برمجت في البداية الشروع في تقييم شراكتها مع البرلمان المغربي بحلول يونيو 2013. وأشار إلى أن «تقدم الإصلاحات الديمقراطية يعد الهدف الأساسي للشراكة، وسيشكل معيارا لتقييم فعاليتها. وهو ما يدفعني لتشجيع البرلمان والسلطات المغربية على تكثيف الجهود من أجل تفعيل الالتزامات السياسية التي تم على أساسها وضع شراكتنا، والدفع بمسار الإصلاحات إلى الأمام». وأضاف «إننا سعداء، على العموم، لأننا تمكنا من إطلاق مسار التعاون مع البرلمان المغربي، والذي سيتم تعزيزه» أكثر فأكثر. وخلص منيون، الذي يؤمن بوجود «أوجه للتشابه» بين التعاون مع الدول العربية وبين تعاون مجلس أوروبا مع بلدان أوروبا الوسطى والشرقية خلال التسعينات من القرن الماضي، إلى أنه سيكون «للزملاء المغاربة، بستراسبورغ، الفرصة للتعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم داخل مؤسسة أوروبية وممارسة ما يصطلح عليه بالديبلوماسية البرلمانية. ومن جانبنا، نتوفر على تراث من التجارب نود تقاسمه في مجال الانتقال الديمقراطي والإصلاحات».