ما شهدته مباراة الوداد البيضاوي والجيش الملكي يوم السبت بمركب محمد الخامس لم يكن شغب ملاعب فقط، بل كان حربا حقيقية، وهمجية غير مسبوقة بالنظر إلى مستوى العنف الممارس، وخطورة الأفعال وأشكال اقترافها، وأيضا حجم الخسائر والإصابات... لقد أرعبتنا الصور التي تناقلتها قنواتنا الوطنية، وأيضا العديد من القنوات الأجنبية، ونشرنا بدورنا أمس بعضها بعدسة مصورنا الوديع والمبدع عقيل مكاو، وفجعنا بمأساوية المشهد الذي حول مباراة رياضية إلى ساحة حرب حقيقية برزت فيها السيوف والسكاكين، وبدا قاصرون ملثمين ويرمون بكل ما يصادف طريقهم في اتجاه قوات الأمن... إنها حرب حقيقية وقعت في مركب محمد الخامس بالدار البيضاء... هل نستنجد بعلماء النفس والاجتماع لفهم ما جرى؟ وهل نكتفي باستحضار تركيبات جاهزة من قبيل أن الشباب يلجأ إلى الملاعب لتفريغ مكبوتاته وتصريف ردود فعله على الأوضاع الاجتماعية المزرية التي يحياها ؟ هل سيبقى الكل يتفرج فيما يحصل في ملاعبنا ومافتئ يتكرر؟ لقد أصيب عشرات أفراد الأمن، والمئات من المتفرجين، وواحد منهم قد يكون فارق الحياة في طريق عودته إلى مدينته مكناس، ولقد جرى تخريب سيارات إسعاف وسيارات تابعة للأمن وسيارات خصوصية، وتم تدمير ممتلكات خاصة ومقاه ومطاعم في محيط المركب وفي الأحياء القريبة، وعاشت الساكنة البيضاوية رعبا حقيقيا... تجهيزات كثيرة في المركب خربت وأتلفت، ونقلت الصور للعالم كله كيف كانت الحواجز الاسمنتية تقتلع ويرمى بها، وأيضا الحواجز الحديدية والمقاعد والأسوار والمدرجات، وقد فاقت الخسائر مليوني درهم بالنسبة للملعب الذي يعتبر معلمة رياضية وطنية يفتخر بها المغرب كله. ربما يستدعي ما حصل انتقادات لخطط عمل قوات الأمن أثناء المباريات الرياضية، وربما قد تكون حدثت اختلالات على هذا المستوى منذ البداية ما أفضى إلى عدم التحكم في مجريات الشغب لاحقا، لكن ما شاهدناه هذا السبت يطرح الأمر على مستوى أكبر من عمل أجهزة الأمن التي أصيب الكثير من أفرادها. أغلب المشاغبين ومقترفي الجرائم التي شاهدناها كانوا قاصرين، فمن سمح لهم بولوج الملعب إذن؟ وكيف؟ أرعبنا أن نشاهد ملثمين في المدرجات يحملون سيوفا وسكاكين، وبعضهم كانوا في حالة تخدير، فكيف حصل كل هذا؟ ومن راقب دخولهم في البداية؟ وبناء على ما سبق، لماذا تمت صياغة قانون لمكافحة الشغب في الملاعب الرياضية ؟ ومتى سيطبق؟ ثم ما هو دور جمعيات المحبين في تأطير الجمهور؟ وهل يتم إشراكها؟ وكيف يكون ذلك؟ وفي البدء وفي الختام، ماهو دور جامعة الكرة؟ وماهي مسؤوليتها في الاحتياط لتفادي ما حصل السبت؟ إن خطورة ما عاشه مركب محمد الخامس تفرض تأملا حقيقيا وجديا في الظاهرة، وتحديد المسؤوليات والجزاءات، ثم بلورة أساليب ناجعة وفعالة لعدم تكرار مثل هذه المآسي. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته