يشكل الميثاق المغربي للممارسات الجيدة لحكامة المنشآت والمؤسسات العامة لبنة جديدة لإرساء الحكامة الجيدة وتعزيز الربط بين المسؤولية والمحاسبة. ويأتي إطلاق هذا الميثاق الجديد أول أمس الأربعاء بالرباط من أجل دعم الحكامة الجيدة للمنشآت والمؤسسات العامة، تطبيقا للمبدأ الذي أقره الدستور الجديد المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيل البرنامج الحكومي الذي يهدف إلى تطوير نظام حكامة المنشآت والمؤسسات العامة وتعزيز دورها في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة. ويستهدف هذا الميثاق، الذي تم إعداده من قبل فريق عمل شكلته اللجنة الوطنية لحكامة المقاولات برئاسة المؤسسات العمومية، التي تقدم أو لا توفر خدمة عمومية وكذا المنشآت العامة ذات الطابع التجاري بهدف تكريس ثقافة المحاسبة وتعزيز مناخ الثقة بينها وبين المرتفقين إضافة إلى جلب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، ونشر قيم الشفافية والإعلام والتواصل، وتسهيل ولوج المنشآت للسوق المالية، إضافة إلى تشجيع المنشآت العامة على التعهد بالمسؤولية الاجتماعية والدفاع عن القيم والمصالح الحيوية للمملكة. وهكذا فإن هذا الميثاق يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المنشآت والمؤسسات العامة ويوصي بتطبيق سلسلة من الممارسات الجيدة الكفيلة بتحسين حكامتها، تشمل لجان خاصة بمعية مواثيقها، ومتصرفين مستقلين، ورسالة المهام، والتعاقد، وقانون داخلي وميثاق عضو هيئة الحكامة، وسياسة توزيع الأرباح، وتقييم هيئة الحكامة، والشفافية والولوج إلى المعلومات. ويتضمن هذا الميثاق، الذي تم إعداده وفق مقاربة تشاركية ومشاورات موسعة مع الأطراف المعنية، خمسة أجزاء تتعلق بدور الدولة، وأدوار ومسؤوليات هيئة الحكامة، وحقوق المساهمين، والشفافية ونشر المعلومات إضافة إلى العلاقات مع الأطراف المعنية بهدف تكريس أفضل طرق الحكامة للمنشآت والمؤسسات العامة وترسيخ قيم ومبادئ الشفافية والتواصل والمساءلة وتقديم الحساب. ويشمل الميثاق توصيات وقواعد تروم أساسا توضيح علاقة الدولة والمؤسسات العامة من خلال التمييز الواضح بين الوظائف والمهام الموكلة إليها، والتي من شأنها التأثير على الشروط التي تمارس فيها المنشآت والمؤسسات العامة أنشطتها. ويهدف أيضا الى تعزيز دور ومسؤوليات هيئة الحكامة عبر تمكين هذه الأخيرة من الحصول على السلط والخبرات والموضوعية اللازمة من أجل القيام بدور التوجيه الاستراتيجي ومراقبة مسيري المؤسسة من خلال معايير المهنية والفعالية والمسؤولية مع تفعيل مقاربة النوع في تعيين أعضاء المجالس التداولية. ومن أجل تأكيد دور ومسؤوليات مسيري المؤسسات والمنشآت العامة لاحترام مبدأ مساءلة المسؤولين أمام الهيئة يقترح الميثاق ثلاث آليات تتمثل في رسالة المهام التي يقوم رئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة لهذا الغرض بتوجيهها إلى كل المسيرين، والتي تحدد ما تنتظره هذه الأطراف من الإدارة وكذا التوجهات العامة المرسومة لها، وكذا تنزيل التوجهات العامة على شكل مخطط مقاولة، إضافة إلى تنفيذ وتقوية آليات التدقيق والمراقبة الداخلية. وتم تحديد الممارسات الجيدة لحكامة المنشآت والمؤسسات العامة في الميثاق من خلال تعزيز الأخلاقيات والشفافية عبر احترام توجهات تشمل نشر منتظم للمعلومات ذات الأهمية سواء المالية أو غير المالية المتعلقة بالمؤسسات والمنشآت العامة وتبسيط المساطر ونشرها إلكترونيا وذلك من أجل تقديم خدمة ذات جودة. وتتضمن تلك التوجيهات أيضا التطبيق الصارم لمبادئ إبرام الصفقات مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المؤسسات والمنشآت العامة، وإعداد ونشر مواثيق أخلاقية تساهم في تقاسم قيم مشتركة ومكافحة الغش والرشوة. وفي نفس الوقت أولى معدو هذا الميثاق أهمية خاصة لمسألة الحفاظ على شروط منافسة حرة ونزيهة بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين العموميين والخواص بهدف جذب الاستثمارات وتطوير اقتصاد قوي في القطاع الخاص وضمان الشفافية في الصفقات العامة والخاصة. ويرتكز هذا الميثاق على توصيات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في هذا المجال، مع تكييفها مع السياق المحلي في ما يخص التعامل بالتساوي بين الأطراف المعنية، خصوصا الاعتراف واحترام حقوق المأجورين (توصيات متعلقة بوضع آليات وإجراءات ضرورية لضمان حماية المأجورين اللذين يفضحون عمليات محتملة للرشوة أو الغش)، وكذا أطراف ثالثة تشكل بيئة الأعمال (تأكيد مفهوم الحياد التنافسي) وهيئات مستقلة (برلمان، المجلس الأعلى للحسابات وغيرها) إضافة إلى المناخ العام (المسؤولية الاجتماعية وبيئة المقاولات). يذكر أن هذا الميثاق يأتي لاستكمال سلسلة المواثيق التي تم اعتمادها من طرف اللجنة الوطنية لحكامة المقاولات، والتي تضم الميثاق العام والميثاق الخاص بالشركات الصغرى والمتوسطة والميثاق المتعلق بالمؤسسات البنكية.