لطافي: أحداث الجمعة تكشف عن مخطط تديره البوليساريو بإحكام لزعزعة الاستقرار بالمغرب النعيمي: توقع إعلان إصلاحات إدارية بالأقاليم الجنوبية تفقد البوليساريو صوابها عادت أجواء الهدوء الحذر في الأيام الأخيرة إلى مدينة العيون، بعد الأحداث التي عرفتها المدينة، وعلى وجه التحديد شارع السمارة المحاذي لحي معطى الله، الذي شهد مناوشات بين مجموعة من السكان وأفراد الأمن، بتزامن مع قدوم أحد مسؤولي جبهة البوليساريو إلى العيون في إطار عملية تبادل الزيارات التي ترعاها الأممالمتحدة، في الوقت الذي تحذر فيه بعض المصادر من خطر تصاعد المناوشات في الأيام القليلة المقبلة، بتزامن مع انعقاد الجولة التاسعة من الاجتماعات غير الرسمية بين المغرب والبوليساريو. وأكدت مصادر من عين المكان أن مدينة العيون كبرى حواضر الأقاليم الجنوبية، عرفت مناوشات ليلة الجمعة الماضي، في الوقت الذي حل بها مسؤول بجبهة البوليساريو، يدعى لحسن لحريطين، في إطار عملية تبادل الزيارات العائلية بين العيون ومخيمات تندوف. حيث تجمع بضع عشرات من الموالين للبوليساريو أمام بيت عائلة الزائر، مرددين شعارات مناوئة للمغرب ورافعين أعلام الجمهورية الوهمية. وتدخلت القوات العمومية لتفريق المتظاهرين، الذين فضلوا إخلاء المكان تحسبا لتطور الوضع، خصوصا وأن أنصار المسؤول بجبهة البوليساريو كانوا يهيئون لتنظيم مهرجان على شرفه، بالرغم من أن الاتفاق الأممي بشأن تبادل الزيارات «يمنع على أي مسؤول سياسي أو أي شخص مشارك في العملية، القيام بأي نشاط سياسي خلال مدة الزيارة التي تستغرق خمسة أيام. وخلال الأيام الموالية ساد هدوء حذر مدينة العيون، خوفا من تجدد المناوشات بها. ويؤكد عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، أحمد سالم لطافي، في اتصال مع بيان اليوم أن التطورات التي تعرفها المنطقة، والتقارب الجزائري المغربي في الآونة الأخيرة، والتصريحات المتواترة لمسؤولي الدول الكبرى، فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية بالخصوص، أفقدت البوليساريو صوابها، وباتت تصر على الظهور بمظهر «الكائن الموجود». ولا يخفي الباحث المتخصص وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، مصطفى النعيمي، من جهته أن تعرف الأيام والأسابيع المقبلة تصعيدا من لدن الموالين للبوليساريو، أو من يسمون أنفسهم «بوليساريو الداخل»، وذلك بارتباط مع انعقاد الجولة التاسعة من المفاوضات غير المباشرة التي ستحتضنها نيويورك في الفترة من بين 11 و13 مارس المقبل. وأعرب النعيمي، في تصريح ل «بيان اليوم» عن عدم اندهاشه لتجدد مثل هذه المواجهات وفي هذا الظرف بالذات، وبحسبه فإن ذلك «يدخل في نطاق عمل متوقع، بالنظر إلى التطورات المقبلة للملف». ويضيف النعيمي أن البوليساريو تلجأ دائما إلى مثل هذه الأعمال عندما تشعر أن هناك تطورات مقبلة. وعن طبيعة هذه التطورات أكد مصطفى النعيمي أن السلطات المغربية مقبلة، في الأيام القليلة المقبلة على الإعلان عن سلسلة من الإصلاحات الإدارية في الأقاليم الجنوبية، وهو الشيء الذي لن يروق بالتأكيد البوليساريو، نتيجة تخوفها الكبير من مثل هذه المبادرات. واستطرد النعيمي بالقول «إن أكبر خطر، على المستوى السياسي، الذي يهدد البوليساريو ويشكل لديها موضوعا حساسا، هو مسلسل الإصلاحات التي يعرفها المغرب»، خصوصا إذا كان سيتم ميدانيا في الأقاليم الجنوبية. ويتوقع أحمد سالم لطافي، مثلما توقع زميله في المجلس، أن تعرف الأيام المقبلة تصعيدا من قبل البوليساريو، وإصرارها على تحريض الموالين لها بالأقاليم الجنوبية لمواصلة مناوشاتهم، على الأقل إلى حين موعد عقد الاجتماع غير الرسمي التاسع «مادام أن البوليساريو لم يستطيعوا تحقيق أي شيء ميدانيا» على حد تعبيره. وشدد لطافي على أن ما وقع نهاية الأسبوع الماضي بالعيون ما هو إلا مقدمة لما يمكن أن يحدث في مقبل الأيام، مسجلا أن أحداث الجمعة الماضي وإن كانت محدودة، إلا أنها تكشف عن مخطط تديره البوليساريو بإحكام لزعزعة الاستقرار بالمغرب، خصوصا وأن ذلك تزامن مع حلول مسؤول بجبهة البوليساريو بالمدينة، في إطار عملية تدابير بناء الثقة التي ترعاها الأممالمتحدة، وأمام أعين عناصر قوات المينورسو، الذين لاحظوا الخرق الواضح للقوانين المنظمة لتبادل الزيارات العائلية بين تندوف والأقاليم الجنوبية، والتي تمنع أي شخص مشارك فيها من القيام بأي نشاط سياسي خلال فترة الزيارة. وبينما حذر مصطفى النعيمي، من وقوع السلطات المغربية في فخ استفزاز العناصر الموالية للبوليساريو ، وانجرارها إلى مواجهة العنف بالعنف، شدد على أنه لا يتفق مع التدابير التي تصاحب الزيارات العائلية، التي لا يمكن وضعها دائما في إطار القانون، مشيرا إلى أنه لا يساند الطرح الذي يذهب إلى حد ضبط تحركات أي كان، مسؤولا أو أي شخص آخر، بل يؤيد فتح الباب وترك المجال للحرية الكاملة في التحرك لأي كان. مضيفا أن الحل لا بد سيكون في التعامل بالمرونة والقدرة على الإقناع. وخلص النعيمي إلى أن البوليساريو من خلال حملتها هذه «تريد أن تثير انتباه الرأي العام الدولي أنها كيان موجود» ولن تظل مكتوفة الأيدي أمام التطورات الأخيرة، سواء ما يتعلق بجولة المفاوضات غير المباشرة، أو ما يتعلق بالتقارب المغربي الجزائري في الآونة الأخيرة، أو قرب الإعلان عن مبادرات ميدانية من طرف المغرب. وأبرز لطافي أن الأحداث الأخيرة تزامنت، ليس فقط مع زيارة مسؤول البوليساريو إلى العيون، ولكن أيضا مع ذكرى تأسيس الجمهورية الوهمية، ومع جلاء آخر جنود الاستعمار الإسباني، ومع رفع العلم المغربي في الصحراء، وهي كلها عوامل يمكن أن تؤدي إلى تأجيج المواجهات.