عاشت مدينة الصويرة أواسط الأسبوع المنصرم ميلاد تظاهرة ثقافية جديدة أُطلق عليها اسم «مهرجان روح موغادور» وكانت من تنظيم المركز المغربي للثقافة والفنون العريقة. وقد تضمن برنامج الدورة الأولى التي حملت شعار «أنفاس صوفية» ليلتين لفن المديح والسماع وندوة فكرية حول الدور الاجتماعي للفقيه الديني وحفل تكريم للزجال المبدع عبد الرحمن الحامولي. ففي فضاء دار الصويري، أحيت «جمعية الصفا لمدح المصطفى «التي قدمت من مدينة وزان أمسية صوفية تضمنت أشعارا وأذكارا تتغنى بالمحبة الإلهية والمديح النبوي، وهي أشعار من نظم عدد من كبار شعراء التصوف على مر العصور الإسلامية. وضمت المجموعة التي يرأسها محمد التهامي الحراق خمسة عشرا فردا، يجسدون الاستمرار على نهج الجمعية المذكورة المتمثل في العناية العلمية والفنية بالتراث المديحي والسماعي والروحي، وفي نقله للأجيال المتعاقبة وفق أسسه المعرفية السامية وضوابطه الموسيقية الأصيلة وقواعده الروحية والتربوية بما يمد الأحفاد بنفائس ما ابتكره الأجداد، ويضمن لهم شروط مواصلة وتحيين وتجديد الوظائف الأخلاقية والروحية والتربوية لهذا الفن الأصيل في المجتمع المغربي. وكانت الأمسية الروحية الثانية من تقديم مجموعة «شباب الفن الأصيل للمديح والسماع الصوفي» برئاسة هشام دينار؛ والجميل في هذه التجربة أنها جمعت شبابا قادمين من مجموعة من المدن المغربية في عمل مشترك أصيل، قوامه الأصوات الشجية والموسيقى الروحية النابعة من آلات وإيقاعات مختلفة، التقت كلها في هدف واحد: السمو بالأرواح إلى مدارج المحبة والصفاء. وكما هو الشأن بالنسبة للأمسية الأولى، فقد انصهر الجمهور الذي غصت به قاعة «دار الصويري» في حالة وجدانية صوفية عميقة وهادئة. واللافت للانتباه في هذا السياق هو حضور أجانب من جنسيات مختلفة اندمجوا هم أيضا في تلك الأجواء الروحية البهية. وتنتمي «شباب الفن الأصيل للمديح والسماع الصوفي» إلى فضاء صويري زاخر بثغور التصوف السني المضيء والذي تمثله في أبهى صوره كافة الزوايا الموجودة بهذه المدينة، باعتبارها تشكل منابع ثرية لتلقين تلك الفنون من أفواه شيوخ أجلاء كالأستاذ الحاج عبد المجيد الصويري والشريف الأستاذ مولاي عبد الغني الكتاني، حتى أصبح جل الشباب ينهلون من ينابيع فنهم الزاخر الأصيل، ويسعون إلى نشره وإحيائه بحثا ودراسة وتوثيقا واجتهادا، وذلك لما فيه من سمو الذوق ولطافة في المعنى ولما يحققه من تصفية النفوس وتطهير للأفئدة. وتضم هذه المجموعة سبعة أفراد، بالإضافة إلى موسيقيين شباب من مدن مختلفة وذلك لانفتاح هذه المجموعة على كل الطاقات الشابة لتتبادل معها الخبرات وتستفيد من مهاراتها. يذكر أن الإعلامية والأديبة الشابة سارة آيت خرصة قامت بتنشيط الحفلين الفنيين المذكورين بتفوق واقتدار. واحتفت الدورة الأولى لمهرجان «روح موكادور» التي تحتضنها الصويرة بشاعر المدينة الزجال المبدع عبد الرحمان الحامولي، تقديرا لأعماله الإبداعية. وتميز هذا الحفل، الذي نظمه المركز المغربي للثقافة والفنون العريقة بدعم من صندوق الإيداع والتدبير، بعرض شريط وثائقي بعنوان «مجنون الكلمة» أنجزته جمعية عطيل للمسرح والسينما بتعاون مع المركز المغربي للثقافة والفنون العريقة، وهو يرصد سيرة حياة هذا الفنان العصامي الذي شق طريقه نحو عالم الإبداع في ظروف اجتماعية صعبة. وقد تضمن هذا الشريط الذي أعده وأنتجه الأستاذ حسن هموش وأخرجه الفنان سفيان البوهالي، شهادات لعدد من الفعاليات الثقافية والأدبية بحاضرة موكادور في حق الزجال عبد الرحمان الحامولي، الذي بهر المهتمين بالساحة الشعرية ببراعة الوصف ودقة الكلمات. كما تضمن الحفل شهادة في حق المحتفى به قدمها الأستاذ حسن هموش وقصيدة ألقاها بالمناسبة الشاعر أحمد الخندقية. ونيابة عن مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، قام الأستاذ هشام لعبودي رئيس المهرجان بتسليم شيك المؤسسة المذكورة للشاعر عبد الرحمن الحامولي بمبلغ عشرين ألف درهم وكذا نسخة من الكتاب/التحفة «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» للقاضي عياض، الذي أعادت مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير إصداره في طبعة فاخرة. وشكل الحفل أيضا مناسبة لتقديم الديوان الجديد للزجال الصويري، وحمل عنوان «راب الحيط على ظلو»، الصادر عن منشورات المركز المغربي للثقافة والفنون العريقة بدعم من صندوق الإيداع والتدبير، ويتضمن هذا الديوان الزجلي أربعين قصيدة، وهو ثاني ديوان لهذا الشاعر بعد ديوان «اللي فالقلب على اللسان». يذكر أن مهرجان «روح موغادور» أقيم بدعم من وزارة الثقافة وجمعية الصويرة موغادور وبمساهمة من الموقع الإلكتروني «هالا كليب» ومؤسسة «ماتريس ميديا».