خرج المدرب البلجيكي إيريك غيريتس، عن صمته منذ الخروج المهين للفريق الوطني من المونديال الإفريقي، وذلك من خلال حديثه لليومية الفرنسية «لوماتان»، خصوصا أن العديد من خرجاته الإعلامية كانت نادرة، حيث كان يوزع تصريحاته للجرائد الفرنكفونية فقط، وبعض الجرائد الرياضية المتخصصة... وأثارت تصريحات غيريتس عقب نهاية المباراة أمام النيجر استياءا كبيرا من طرف أنصار الفريق الوطني، حيث بدا متغطرسا في تدخلاته الصحفية، ولم يعتذر على الخروج المبكر للفريق الوطني، وإنما راح يتحدث عن نجاحه في تغيير طريقة اللعب، والدروس التي تعلمها في البطولة الإفريقية والتي ستفيد الكرة الوطنية في المستقبل، وضرورة تحسين الأجواء النفسية لتوفير ظروف إعداد أفضل في المنافسات المقبلة، كما تمادى في حديثه عن الأخطاء العديدة التي وقع فيها اللاعبون، ولم يتحدث مطلقاً عن أخطاءه في الإعداد أو اختيار التشكيلة النموذجية ووضع طريقة اللعب المناسبة والنهج التكتيكي الملائم للفريق. وكرر نفس الملاحظات في حديثه مرة أخرى، حيث أرجع إقصاء الفريق الوطني من البطولة إلى اللاعبين الذين تمالكهم الخوف وغابت عنهم الثقة، وأنهم كانوا يختبئون في البحث عن الكرة، وهي أشياء تتعلق بالجانب النفسي الذي يجب أن تتوفر في أي مدرب، وعلى سبيل المثال لا الحصر نستحضر هنا مدرب المنتخب الزامبي المتوج بالكأس القارية بيرنار هيرفي الذي عرف كيف يهيء لاعبيه لهذا العرس الإفريقي دون أن يأبه بقوة منافسيه، فكان له ما أراد دون بهرجة أو تصريحات فضفاضة.. وقال غيريتس بأنه سيعمل على البحث عن لاعبين جدد تتوفر فيهم الصفات التي يفتقر إليها اللاعبون الحاليون، والتي تتعلق أساسا بالجانب البدني إضافة إلى امتلاكهم للمؤهلات التقنية التي تساعدهم على تقديم الإضافة المرجوة، لكن يبقى السؤال المطروح مرة أخرى، لماذا اختيار معسكر ماربيا الذي كان وراء غياب الطراوة البدنية التي أثرت بشكل كبير على أداء العام والإنسجام بين اللاعبين بالغابون. الملاحظ أن غيريتس تفادى الحديث مرة أخرى عن اختياراته البشرية، وكذا أخطائه التكتيكية التي كانت سببا في الخروج المبكر من البطولة، حيث تبين افتقاره للتجربة اللازمة في تدريب المنتخبات الوطنية، خصوصا أن نجاحاته اقتصرت فقط رفقة أندية بعينها.. وواصل المدرب البلجيكي انتقاداته للاعبين خصوصا المهدي بنعطية، الذي لم يظهر بالمستوى الذي أبان عنه خلال التصفيات رغم ما يتوفر عليه من مؤهلات كبيرة، لكن بالمقابل دافع عن كل من كريثيان بصير، وبدر القادوري، بقوله أنهما الأفضل حاليا، وأنه لاغنى عنهما بالرغم من الإنتقادات التي وجهت لهما خلال الكان. غيريتس لا زال يعيش في برجه العاجي، ويحاول في كل خرجاته الإعلامية إبعاد كلمة الفشل عنه وإلصاقها بالآخرين، وأن الإقصاء من المونديال الإفريقي يعتبر عاديا وأن الأسود تمرض ولا تموت، وهي أشياء للإستهلاك فقط، مادام أننا لم نستطع اجتياز الدور الأول أمام منتخبات كانت بالأمس القريب غير موجودة على الخريطة الكروية بالقارة السمراء.. فالمنتخب الوطني سيدخل مرحلة نفسية صعبة جراء هذا الإقصاء، لأنه ليس من السهل تجاوز هذه الفترة العصيبة والتي تتزامن مع غضب الشارع في العديد من المدن، كما أنها أفرزت تمردا أحد اللاعبين على غيريتس، الذي أقفل عليه هاتفه النقال، وهي إشارة واضحة على أن هناك عناصر لم تعد تحتمل انتقادات الناخب الوطني، وبالتالي باتت تفضل الإبتعاد خوفا من الفشل الملتصق بالكرة. خلاصة القول أن غيريتس أصبع غير مرغوب به كمدرب لأسود الأطلس، خاصة أنه لم يستطع استغلال هذا الجيل الذهبي من المواهب التي تمارس في أقوى البطولات الأوروبية، ولا الإمكانات الكبيرة التي وفرتها له الجامعة، وهو بعد هذا الفشل يظهر روح اللامبالة دون أن يعتذر عن حالة الإحباط التي تسبب فيها ...