دعا مصطفى الشاذلي الحارس السابق للمنتخب الوطني، المدرب البلجيكي إيريك غيريتس إلى تقديم استقالته عقب الإخفاق في نهائيات الغابون وغينيا الاستوائية. وأبرز الشاذلي في حوار أجرته معه «المساء» أن غيريتس لو كانت ماتزال لديه ذرة من الكرامة، لقدم استقالته من مهامه. ووصف الحارس السابق للرجاء والمنتخب الوطني تصريحات غيريتس عقب الإقصاء، بأنها مؤشر سلبي، وتساءل:» كيف لمدرب يعتبر نفسه عالميا أن يقول إنه اكتشف إفريقيا أخيرا». - أثار الخروج المبكر للمنتخب الوطني من كأس إفريقيا جدلا كبيرا، ما هي قراءتك لهذا الإقصاء؟ صحيح أن الطريقة التي خرج بها المنتخب الوطني من نهائيات كأس إفريقيا للأمم كانت مفاجئة، لكن المؤكد أن المنتخب الوطني لم يظهر بوجه جيد حتى في الإقصائيات، فهو لم يكن مقنعا في مبارياته، بل إن مباراة الجزائر التي فاز فيها بأربعة أهداف لصفر غلطت الشارع المغربي، لأن المنتخب الجزائري ارتكب أخطاء فادحة، ولم يكن ممكنا أن تنتهي المباراة بتلك الحصة العريضة. ولقد تواصل مسلسل الشك في مباراتي إفريقيا الوسطى ببانغي وتانزانيا بمراكش، ثم جاءت دورة «إل.جي» لتدق ناقوس الخطر، لكن المغاربة مع ذلك ظلوا واثقين في قدرة منتخبهم على الظهور بوجه جيد في النهائيات، خصوصا أن المدرب إيريك غيريتس زكى بدوره هذه الثقة من خلال تصريحات ظل يؤكد من خلالها أنه ذاهب إلى الغابون من أجل الظفر باللقب، قبل أن تأتي الصدمة بخروج مخجل يعد وصمة عار بالنسبة للمنتخب الوطني، لأن الإقصاء وارد لكن ليس بتلك الطريقة المهينة. - أين ارتكبت الأخطاء برأيك؟ لقد ارتكبت أخطاء تكتيكية وتقنية، كما تم اختيار لاعبين غير جاهزين من جميع النواحي لخوض مباريات كبيرة، كما أن المدرب غيريتس سافر إلى الغابون وفي ذهنه سيناريو واحد، وهو الفوز، علما أن المدرب الذي لديه تجربة لا يمكن أن يتصرف بهذه الطريقة البدائية، فهو يختار بداية اللاعبين الجاهزين، ويضع نفسه واللاعبين في قلب جميع السيناريوهات المحتملة سواء على مستوى الإصابات أو الأسبقية في التهديف، أو الحضور الذهني. تونس التي كانت مع المنتخب الوطني في المجموعة، خاضت مباريات قوية وخصوصا أمام الكوت ديفوار، وهو ما جعل هذا المنتخب يستفيد ويعرف أخطاءه، أما نحن فقد واجهنا فرقا عادية بماربيا، وهو الأمر الذي كان له انعكاسه السلبي على المنتخب الوطني. - من هو المسؤول عن هذا الإخفاق؟ غيريتس هو المسؤول عن الجوانب التقنية، لأنه هو الذي يختار اللاعبين وهو الذي برمج التجمع التدريبي بماربيا، بمعنى آخر إنه هو قائد المنتخب الوطني ولا أعتقد أن بمقدور أحد أن يفتي عليه ما يقوم به، لقد بدأت بوادر الفشل منذ انطلاق الاستعدادات. - يضم المكتب الجامعي الدولي السابق نور الدين النيبت، وهناك من حمله جزءا من المسؤولية المعنوية عن الإقصاء، خصوصا أنه مستشار لرئيس الجامعة؟ من الصعب أن أجيب عن هذا السؤال، فالنيبت لاعب كبير ومثل الكرة المغربية على أعلى المستويات، وهو الذي بمقدوره أن يضع النقط على الحروف حول هذا السؤال، ثم يجب أن نعرف هل كلامه داخل الجامعة مسموع أم لا. - سبق للمنتخب الوطني قبل نهائيات تونس 2004 أن استعد بماربيا، ونجح في مهمته، وهو ما لم يحدث هذه المرة؟ في تلك الفترة كانت الأمور مختلفة، لأن المنتخب الوطني خاض النهائيات بتونس، حيث الأجواء قريبة من ماربيا، والطقس متوسطي، أما في حالة نهائيات الغابون فالأمور مختلفة، لأن الغابون مناخها استوائي ودرجة حرارتها مرتفعة والرطوبة أيضا عالية، بينما ماربيا باردة. - غيريتس قال عقب النهائيات إنه اكتشف إفريقيا لأول مرة، ما هو تعليقك؟ كغيور على الكرة المغربية، وكلاعب شارك في كأس العالم، وخضت العديد من المباريات الإفريقية، أريد أن أقول إن غيريتس وفرت له كل الإمكانيات لينجح، وهيأت له ظروف لم يسبق لها أن توفرت لأي مدرب مغربي، لذلك عندما يقول مثل هذا الكلام، فإنه يقول كلاما غير مسؤول، بل ويبيع الوهم للمغاربة. إذا كان غيريتس يقول إنه اكتشف إفريقيا لأول مرة، فأين كان قبل ذلك، ألم يخض التصفيات في إفريقيا، ألا يعرف أن الطقس مختلف، ثم هل تلعب كرة القدم الإفريقية بأكثر من 11 لاعبا، هل يتم تسجيل الأهداف بالأيدي بدل الأقدام. لقد تم تقديم غيريتس على أنه مدرب «عالمي» وجاء إلى المغرب بهذه الصفة، والمفروض في المدرب العالمي، ان تكون له دراية بكل ما يتعلق بكرة القدم، وأن يستعد لكل الظروف ويضع نفسه أمام جميع السيناريوهات، المدرب العالمي من المفروض ألا يكون كذلك على الورق بل فوق أرضية الملعب. - ما الذي تنتظره من غيريتس؟ على غيريتس أن يعرف أن المغرب بلد كروي له تاريخه في هذه الرياضة، وله حضوره، ويجب أن يعلم أن المغرب كان أول بلد إفريقي وعربي يصل إلى الدور الثاني في المونديال، كما كان الرجاء أول فريق إفريقي يشارك في كأس العالم للأندية. وإذا كانت له ذرة شرف، فعليه أن يستقيل من مهامه، وأعتقد أن المغرب لديه مدربون من مستوى عال، يمكن أن يحققوا له نتائج باهرة كما هو الحال مع بادو الزاكي أو امحمد فاخر. - وما هي مسؤولية الجامعة؟ الجامعة تتحمل مسؤولية التعاقد مع غيريتس، وتوقيع عقد لا يتيح لها محاسبته، ففي كأس إفريقيا كان عليها على الأقل أن تفرض عليه الوصول إلى المربع الذهبي، لأنه لم يأت إلى بلد مغمور كرويا. - هناك من يطالب ببقاء غيريتس، بمبرر أن تصفيات كأس إفريقيا 2013 وكأس العالم 2014 على الأبواب؟ لا أعتقد أن استمراره سيكون مفيدا لأنه لم تعد لدينا الثقة فيه، إذا استمر سيقود المنتخب لكن إلى أين الله أعلم. - مع كل إقصاء يبدأ الحديث عن اللاعب المحلي والممارس بأوروبا، ما رأيك في هذا الجدل؟ يجب ألا نفرق بين اللاعب المحلي والممارس بأوروبا، فالمحترف فارض لوجوده، لكن شريطة أن يكون جاهزا ولديه تنافسية كبيرة، فلا يمكن للاعب مهماما كانت مؤهلاته أن يدافع عن قميص المنتخب الوطني وهو لم يلعب مدة ثمانية أشهر المثير أن غيريتس ظل يؤكد أنه لن يعتمد إلا على اللاعبين الجاهزين، لكننا في النهائيات فوجئنا بالعكس، بل وبإصرار من المدرب وبعناد لامثيل له على أن يستمر في أخطائه، علما أن المتتبع العادي قبل التقني رأوا أن الأخطاء التي ارتكبها جسيمة وتستوجب إصلاحا سريعا. - كيف تنظر للمستقبل؟ علينا من الآن أن نبدأ في تحضير المنتخب الأولمبي الذي تنتظره أولمبياد لندن، ويجب استخلاص الدروس من دورة الغابون، وللأسف فإننا ندعو دائما إلى استخلاص الدروس أن يتم ذلك كما ينبغي، أما غيريتس فأنا شخصيا وكغيري من المغاربة فقدت فيه الثقة، ولا أعتقد أن بمقدوره أن يقدم أشياء إيجابية للمنتخب المغربي، والدليل أنه ما أن عاد من الغابون حتى سافر إلى فرنسا ليتابع يونس بلهندة وزميله القنطاري اللذين كانا متواجدين معه في الغابون. إنها إشارة سلبية جدا.