تحتضن الدارالبيضاء المعرض الدولي الثامن عشر للنشر والكتاب، وبذلك سيتجدد النقاش حول الكتاب، وحول الثقافة، وستحفل فضاءات وأروقة المعرض بكثير أسئلة حول شأننا الثقافي والفكري، وهي لحظة لا بد من استثمارها لتجاوز إخفاقات الدورة السابقة، وأيضا من أجل الانتقال بالتظاهرة إلى مرحلة جديدة أكثر مهنية، وأكثر ارتباطا بأسئلة المغرب، وبأفقه الديمقراطي والحداثي. بلا شك، إن معرض هذه السنة يحل أسابيع فقط بعد تعيين الحكومة الجديدة، وبعد التغيير الذي جرى على رأس الوزارة المعنية، ومن ثم، فإن التقييم الحقيقي لمستقبل التظاهرة لن يكون إلا عند انطلاق الإعداد للدورة القادمة، لكن مع ذلك فإن دورة هذه السنة لا تخلو من إشارات هامة، ولعل أولها عودة المنظمات الثقافية الوازنة في المشهد الوطني إلى المشاركة في المعرض. من جهة ثانية، لقد بدأ الخطاب الصادر عن وزارة الثقافة يؤسس لتميزه، وللأفق الجديد الذي يتطلع إليه، ما صار يكرس تدريجيا نوعا من الاطمئنان لدى المبدعين المغاربة، وهكذا مافتئ المسؤول الحكومي الجديد عن القطاع يؤكد استعداد الوزارة لدعم الناشرين وصناعة الكتاب، ومن ثم تطوير سوق النشر في بلادنا، لكن ولنجاح معرض الدارالبيضاء، فقد جرى الحرص أساسا على جعل التظاهرة، كما صرح الوزير نفسه بذلك أكثر من مرة، مجالا لتكريم الكاتب أولا، لافتا إلى أن تكريم الكتاب والكاتب يعتبر من أولويات السياسة الجديدة. المعرض يفتح التفكير أيضا على سؤال المقروئية في بلادنا، وبالتالي على انشغال أكثر اتساعا ويتجاوز المدى الزمني القصير للمعرض، ويرتبط بالحاجة إلى جعل الكتاب في متناول الجميع، أي توسيع قاعدة القراء وسط شعبنا وشبابنا بدءا من الفضاء التعليمي، أي تطوير الخزانات المدرسية، ثم مراكز القرب ومختلف فضاءات التحفيز على القراءة . إذن المعرض واجهة للاحتفاء بالإبداع وبالمبدعين، وللنهوض بالكتاب وبالكاتب، لكن أيضا هو مناسبة للتفكير في بلورة سياسة وطنية لجعل القراءة في متناول الجميع، لأن هذه هي الطريق لتفعيل دور الثقافة باعتبارها من العوامل الأساسية للدفع بالتنمية في البلاد. ثمة حاجة اليوم في بلادنا إذن لجعل معرض الكتاب يتجاوز بعده التقنوي، ليندرج ضمن انشغال وطني عام ينكب على السؤال الثقافي، وبالتالي جعل المعرض واحدا من مكونات المقاربة الوطنية الشاملة التي تجعل الثقافة مجالا أفقيا يهم كل القطاعات، وفي صلب المسلسل التنموي الاقتصادي والاجتماعي. إن انخراط كل الفاعلين الثقافيين اليوم في مسلسل إنجاح دورة معرض الدارالبيضاء، يؤسس لبداية انشغال جماعي بمسلسل تطوير التظاهرة، وبالتالي النهوض بثقافة القرب التي من شأنها تحفيز المواطنات والمواطنين، وجعلهم يتعرفون على إنتاجهم الإبداعي ويعتزون به، ويحتفون بصناعه، ومن ثم يمتلكون وعيا مدنيا يحثهم على الاهتمام بشؤون بلدهم وبمستقبله التنموي. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته