يجتمع القادة الأوروبيون يومه الاثنين في بالعاصمة البلجيكية بروكسيل في قمة هي الأولى التي يمكن أن تفلت من تسمية قمة «الفرصة الأخيرة» منذ فترة طويلة بعد الهدوء النسبي الذي تشهده أزمة الديون التي لم يتم مع ذلك إيجاد حلول دائمة لها حتى الآن. فقد أدى الانفراج الذي ساد سوق السندات في الأسابيع الأخيرة إثر قيام البنك المركزي الأوروبي بضخ كمية هائلة من رؤوس الأموال في القطاع المصرفي إلى استعادة بعض الهدوء بعد عامين من التوتر المستمر والتساؤلات بشأن مستقبل اليورو وقدرته على البقاء. ويأمل رؤساء دول وحكومات الدول ال27 في الاتحاد الاوروبي المجتمعون يومه لاثنين أن يبدأوا طي صفحة أزمة الديون هاته على الرغم من الصعوبات المستمرة بالنسبة لليونان. وعلى جدول أعمالهم وضع اللمسات الأخيرة على معاهدة مالية تنشدها بأي ثمن المانيا التي تجعل منها شرطا أساسيا مقابل تضامنها مع الدول المتعثرة. والمصادقة على هذه المعاهدة المالية الجديدة التي تفاوضت بشأنها 26 دولة في الاتحاد الأوروبي مع رفض بريطانيا الانضمام اليها، ستكون ضرورية مستقبلا لكي تتمكن أي دولة أوروبية من الاستفادة من مساعدات مالية من شركائها. وتأمل عدة دول أن تؤدي هذه المعاهدة إلى طمأنة البنك المركزي الأوروبي وتشجعه على تكثيف عمله في مواجهة أزمة الديون. إلا أن الهدف الرئيسي للقمة موجود عمليا في مكان آخر. فالقادة يريدون الانكباب على بحث النمو والتشغيل، وهما موضوعان حجبتهما طويلا أزمة الديون وخطط التقشف التي تلقي بأعبائها على السكان. وفي ذهن القادة خصوصا توجيه رسالة تفاؤل إلى الرأي العام في دولهم. والفكرة تكمن في طي الصفحة بعد عامين من الأزمة عبر محاولة طرح مسائل ذات أبعاد اجتماعية مثل البطالة في صفوف الشباب. وقال دبلوماسي إن ذلك «مجرد دعاية سياسية». وكان رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر حذر من «أنه لن يكون هناك لا رقم ولا قرار مهم» في هذه القمة. وبصورة أساسية، فإن المهمة تبدو شاقة لان الدول الأوروبية لا تفضل الوصفات نفسها لتشجيع النمو بين بريطانيا التي لا تتعهد إلا بالتحرير والسوق الأوروبية الموحدة، والمانيا التي تتكلم عن الانضباط المالي والإصلاحات، وفرنسا التي ترغب في الانكباب أيضا على دراسة تقارب السياسات الضريبية لتفادي «إغراق» الاسواق. وعلى الرغم من أن رؤساء الدول يريدون تناول المواضيع على المديين الطويل والمتوسط، فانه لا يزال يتعين عليهم الاهتمام بالوضع الطارىء في اليونان التي يتعلق مصيرها بالمفاوضات مع الجهات الدائنة في القطاع الخاص لإلغاء حوالى 100 مليار يورو من الديون. وفي هذا الإطار، تطلب عدة دول في منطقة اليورو وبينها ألمانيا فرض وصاية مشددة على البلد مع إخضاع قراراته المالية لمراقبة أوروبية. وهذا ما ترفضه أثينا رفضا قاطعا. احتجاجات ضد التقشف ويتزامن لقاء القمة مع دعوات أطلقتها النقابات الأوربية لشن احتجاجات ضد إجراءات التقشف في أنحاء الاتحاد الأوروبي، وذلك بارتباط مع الخطة التي يجتمع حولها القادة الأوربيون اليوم في انتظار لقاء قمة آخر في مطلع مارس المقبل من أجل تبنيها رسميا، إذ من المتوقع أن تبلغ هذه الاحتجاجات ذروتها يوم 29 فبراير القادم حسب ما دعت إليه النقابات. وقالت برناديت سيغول الأمينة العامة لاتحاد النقابات الأوروبية «سيكون شعار الاحتجاج هو كفانا! فإجراءات التقشف ليست الحل الوحيد للأزمة». وأضافت أن الهدف من الاحتجاج دعوة الزعماء الأوروبيين إلى جعل التوظيف على صدارة أولوياتهم. ويطالب الزعماء النقابيون الحكومات بالتركيز على النمو وتوفير الوظائف. يذكر أن عدد العاطلين في الاتحاد الأوروبي بلغ بنهاية 2011 أكثر من 23 مليون عاطل عن العمل، خمسهم من الشباب.