يعتبر الفادو أغنية شعبية ولحنا شجيا تصدح أنغامه في جنح الظلام عبر زقاق الأحياء التاريخية بلشبونة، مهد هذا اللون الموسيقي والتعبير الشعري، الذي أضحى رمزا للثقافة البرتغالية. عندما يرخي الغروب ظلاله في الأحياء العتيقة لبيرو ألطو وألفاما بالمدينة البيضاء يضرب عشاق الفادو موعدا للاستماع والاستمتاع بهذه الموسيقى العذبة التي أدرجت ضمن القائمة العريقة للموروث الثقافي غير المادي والإنساني. ويجسد هذا اللحن الذي يتغنى بالحزن والرثاء والغيرة والمنفى «الشعور بالحنين» أو مايسمى ب»سوداد»، وهو نوع من «السعادة-التعاسة» «المتعة والمرارة» المتسجدة في الروح البرتغالية. واعتبرت البرتغال إدراج منظمة اليونسكو لهذا اللون الموسيقي المرتبط بشكل وثيق بالثقافة البرتغالية، ضمن التراث اللامادي للإنسانية مفخرة للبلاد، واعترافا بهذه الموسيقى الكلاسيكية. وأكدت سارا بيريرا مدير متحف (فادو) أن قرار اليونسكو سيمكن من مواصلة صون هذا الموروث من خلال شبكة الأرشيفات وحماية جميع الأماكن والأشياء ذات الصلة بضمان استمرار هذا الفن، مضيفة أن هذه الميزة ستخول لهذا التراث الفني تحقيق إشعاع دولي كفيل بالحفاظ عليه، إلا أنها تفرض على عازفيها ومغنيها رهان مشاريع فنية جديدة تضمن حفظ ذاكرة الفادو واستمرارية الطاقة الإبداعية وسمات التجديد الذي ميزها على الدوام. ويؤدى هذا اللون الموسيقي عموما والأبواب مغلقة في الليل عندما يكون بمقدور الحياة أن تكون بين قوسين. وفي وسط هذه الأجواء يسود سكون تتخلله طقوس جلسات الفادو. وتتلحف مغنيات الفادو بوشاح أسواد ويتزي الرجال بلباس قاتم اللون بغرض إيصال شعورهم للجمهور والسفر بهم إلى خبايا روحهم. وأمام المغنيين، يتمايل المستمعون على إيقاع صوت يعلو تارة ويتلاشى تارة أخرى يتغنى غالبا بالحنين إلى الماضي «سوداد» والشعور بحتمية القدر، الذي تعنيه كلمة الفادو.