كشف الجمع العام للجامعة الملكية المغربية للسباحة عن أشياء كثيرة -ربما قد تكون خطيرة- تتعلق بمستقبل هذه الرياضة، والتي يسعى القيمون عليها لتطويرها ورفع مستواها لتصل إلى مستوى يجعلها قادرا على تشريف المغرب في الاستحقاقات القارية والدولية. لكن النقطة المثيرة، هي اختيار مسؤولي الجامعة صبيحة السبت موعدا للجمع، موعد تزامن مع عطلة نهاية السنة، وانشغال كافة الأطياف الرياضية بمباراة في كرة القدم (الديربي)، والكل يعلم المدة الطويلة التي تستغرقها الجموع العامة عادة، وبالتالي فإن اختيار هذا التوقيت وبهذه الدقة، لم يأت عبثا أو من فراغ، بل لغاية في نفس الإبراهيمي رئيس الجامعة. هذه أولى الملاحظات الموجهة على جمع السباحة. الملاحظة الثانية تتمثل في الكم الهائل من المشاكل التي فاضت بها أنفاس ممثلي الأندية بين موجه سيلا من النقد اللاذع، وهذا الأمر ينطبق على نادي الوداد، والنادي الرياضي البيضاوي والمغرب الفاسي إلخ... وبين محام يرفع لواء الدفاع عن الجامعة، كما هو الشأن بالنسبة لنادي الرجاء، فيما كانت هناك فئة ثالثة اختارت أن تكتفي بالمشاهدة وانتظار ما سيسفر عنه الجمع في نهايته. الأدهى هو أن البعض طالب من مسير الجلسة أن يتحكم في المساحة الزمنية لمداخلات ممثلي الأندية، بداعي أن الوقت لن يكون كافيا لهم من أجل العودة إلى ديارهم بسبب بعد المسافة، وكأن لسان حالهم يقول «فلتذهب السباحة إلى الجحيم»، أو أن الأمر لا يخصهم أو يتعلق بمستقبل رياضة هم من ممثلي أنديتها، وبالتالي إذا كان الوصاة على السباحة لا يتمتعون بحس المسؤولية، فليس غريبا أن نصدم بواقع هذه الرياضة المرير، والذي يقف حجر عثرة أمام تطورها وبلوغ الأهداف المنشودة. سفينة السباحة المغربية التي يقودها الإبراهيمي منذ سنتين، غارقة في دوامة المشاكل. الكل يعلم ذلك -حتى هو نفسه يعي هذا الشيء-. ولعل المشكل الأكثر تجليا يتعلق بالبنيات التحتية، والتي تم الإشارة إليها في أكثر من مناسبة، إذ الكل اشتكى - إلا فئة قليلة - من انعدام المسابح التي تعتبر نواة ممارسة هذه الرياضة، وحتى مسابح الوزارة فإن الولوج إليها أضحى أمرا محفوفا بالصعوبات، فلكي يلج سباحو وسباحات الأندية مسابح في الملك العمومي التابعة للوزارة الوصية، فإن ذلك يقتضي دفع مقابل مالي (ما بين 2000 و3000 درهم) لا تقيم أي اعتبار للقدرات المالية للأندية ولسباحيها. فقد كان الأجدر بالجامعة أن تتدخل لدى الوزارة لفائدة الأندية المنضوية تحت لوائها، وذلك بوضع «Tarif» لسباحي وسباحات الأندية تراعي خصوصياتها بسبب ميزانياتها المحدودة جدا، كما أنها مطالبة بمد يد العون للأندية بدون استثناء، عكس ما هو حاصل الآن، حيث يتحدث البعض عن تمييز غير مقبول بين الأندية، بناء على مواقف مسؤوليها، خاصة بعد الزيادة المهمة التي عرفتها ميزانية الجامعة ب 3 أضعاف. على مستوى النتائج، فإن الملفت في الجمع هو الستار الذي حاول به البعض إخفاء إخفاقات السباحة المغربية. الكل انهال بعبارات الثناء والإطراء على السباحة سارة البكري التي شرفت المشاركة المغربية، بإحرازها 5 ميداليات ذهبية وأخرى فضية، لتكون بذلك البكري الحوت المخيف والاسم الأبرز في سماء السباحة المغربية، خاصة مع ضمانها المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية بلندن هذا الصيف، بينما كانت مشاركة بقية السباحين والسباحات شكلية لا غير، بعد التفوق الواضح للسباحة المصرية والتونسية، فهل بسباحة واحدة يمكن أن نحدث عن تألق السباحة ببلادنا؟ بكل تأكيد.. لا!!؟ فالمطلوب من الجامعة التي وفرت إمكانات مهمة للبكري وهى السباحة التي تطورت بفضل تضحيات عائلتها، أن تعمل على صناعة أبطال جدد قادرين على تكرار إنجازات البكري وتمثيل السباحة المغربية على أكمل وجه قاريا ودوليا، وأن تولي اهتمامها أيضا بأعضاء المنتخب الوطني والمواهب الواعدة بالأندية للرفع من مستواهم التقني. ببساطة لأن مثل هذه الأمور، هي التي ستحسن صورة الجامعة، وتلقائيا يمكن الحديث عن عمل جدي وناجح للمكتب الجامعي. توقف البطولة الوطنية وإجراؤها على مرحلتين متباعدتين، وعدم تنظيم كأس العرش لأول مرة، وانتكاسة منتخب كرة الماء وتراجعه بشكل مهول، نتائج تعكس واقع السباحة المغربية، وتراجع نتائج فئة الشبان وليست إنجازات البكري سوى تلك الشجرة التي تخفي الغابة -حسب تعبير أحد الممثلين-. غابة شائكة من المشاكل التي قد لا تحل في ظل لامبالاة الجامعة الحالية، في وقت بدأ محسوبون على أسرة السباحة في الصراع على المناصب الجامعية، إلى درجة التهديد بالسجن لبعض الأعضاء بالمكتب الجامعي السابق، دون أن نغفل الخروق القانونية كضم أشخاص غير مؤهلين قانونيا لشغل المناصب الجامعية وغيرها، ما يعني أن الجامعة ملزمة بتفادي التمادي في خروقات ستمس مصداقيتها وشرعيتها، وقد تأخذ تبعات أكبر يمكن أن تصل إلى الوقوع تحت طائلة القانون. ورغم نجاح ربان الجامعة آنيا في إنقاذ سفينته من الغرق بعد تمرير التقريرين الأدبي والمالي، ونجاحه كذلك في الحصول على تفويض الأندية بتجديد الثلث الخارج على هواه أو على هوى الأندية المؤيدة له، فإن ما دار خلال أشغال الجمع العام، يؤكد أن الأمور ليست على ما يرام، وأن تصحيح المسار مسألة ملحة للحفاظ على وحدة أسرة السباحة، التي توجد في حاجة الى تمساك ودعم، عوض التفرقة والتشتيت والتهميش والإقصاء...