وضع التعيين الملكي لحكومة عبدالاله بنكيران حدا لحالة الترقب التي سادت الشارع المغربي طيلة أسابيع، وصار ممكنا الشروع في عد المائة يوم الأولى من عمر الفريق الوزاري، والإعداد لتقييم منجز هذه الفترة على عادة ما يجري في كثير من الدول. إن أبرز ما يميز الحكومة الجديدة، أنها نتاج صناديق الاقتراع في أول انتخابات تشريعية شهدها المغرب بعد إقرار الدستور الجديد في فاتح يوليوز الماضي، ومن ثم فهي تندرج كجواب عن سؤال المرحلة، وفي إطار التفاعل المغربي المتفرد مع حراك الشارع وانتظاراته. وتبعا لما سبق، فان النظر لن يبقى ابتداء من اليوم منغلقا في حيثيات الاستوزار وتفاصيل المفاوضات، بقدر ما سينكب على عمل الحكومة، وعلى برنامجها، أي على ما ستنجزه في الواقع، وما سترسله من إشارات ... الانتظارات الشعبية اليوم كثيرة، وفي المقدمة شعبنا في حاجة أن يلمس تغييرا في أسلوب تدبير الشأن العام، أي جعل عمل مختلف المؤسسات يحتكم إلى الدستور الجديد، ويخضع إلى جدلية المسؤولية والمحاسبة، ومن شأن كسب هذا الرهان أن يؤسس لاستعادة ثقة المغاربة في مؤسساتهم وفي السياسة. من جهة ثانية، تمثل الملفات الاجتماعية والاقتصادية محور مطالب شعبنا، والميدان الذي يتطلب اليوم إشارات قوية وفورية من لدن الحكومة الجديدة. وإضافة إلى ما سبق، فان الفريق الوزاري الجديد مطالب، ابتداء من اليوم، بالعمل كمؤسسة حكومية، وهذا معناه ضرورة الحرص الكبير على الانسجام الحكومي، وعلى وحدة الرؤية ومتانة التنسيق، وتقوية عمل ودور مؤسسة رئاسة الحكومة، بما يمنح الحياة لمقتضيات الدستور الجديد، وينتقل ببلادنا إلى حكامة جديدة ومختلفة على مستوى كل مؤسسات الدولة. بلا شك، سيسجل البعض على تركيبة الحكومة تجليات نقص، مثل ضعف حضور النساء كوزيرات، أو أن عدد الوجوه الجديدة لم تكن بالعدد الذي يلبي رغبات هذا الطرف أو ذاك، وهي قضايا من المطلوب اليوم الانكباب عليها بجدية أكبر، خصوصا على صعيد تحفيز النساء على الفعل السياسي والحزبي، وتقوية ميكانيزمات الترقي لفائدتهن وسط حقلنا الحزبي، الذي يتطلب بدوره الكثير من التأهيل والتحديث، ولكن هذا لا يمنع كذلك من التأكيد على أن الفريق الوزاري الجديد يضم شخصيات سياسية وقيادات حزبية لها مسارات نضالية وتدبيرية غير مشكوك في مصداقيتها، وهذا يكرس مسلكيات عادية ومطلوبة من شأنها تحفيز النخب الوطنية على ممارسة السياسة والانخراط في الأحزاب. وقبل كل هذا، فان الحكومة الجديدة، وخصوصا رئيسها، يجسدان شجاعة القرار الملكي المتمثل في اختيار زعيم الحزب الذي احتل الرتبة الأولى في الانتخابات، وبترؤس جلالة الملك تنصيب هذه الحكومة يكون قد دشن بداية مرحلة جديدة في المسار الديمقراطي المغربي... إلى العمل.. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته