غطى نسبيا الجدل الإعلامي والسياسي الجاري حول تشكيل الحكومة الجديدة ومواقف الأحزاب من التحالف مع العدالة والتنمية، عن تركيبة مجلس النواب الجديد، والمهام المطروحة عليه، والرهانات التي ستميز تجربتنا البرلمانية المقبلة في ارتباط بأحكام الدستور الجديد وبسياقات المرحلة برمتها. لاشك أن المؤسسة التشريعية، وخصوصا مجلس النواب، أصبحت اليوم محورية في منظومة عملنا المؤسساتي، وسيكون أداؤها من ضمن مقاييس الحكم على نجاعة وفعالية التنزيل السليم لمضامين دستور فاتح يوليوز، ومن ثم فان النائبات و النواب الذين أفرزتهم انتخابات 25 يوليوز، ستناط بهم مهمات حاسمة، وستوجه إليهم والى عملهم العديد من الأنظار طيلة الولاية القادمة، ما يتطلب الكثير من الجدية والكفاءة ، وأيضا المواكبة الحزبية والسياسية من لدن الهيئات التي ينتمي إليها هؤلاء المشرعون الجدد. إن ظرفية البلاد اليوم، والسياقات الإقليمية والدولية العامرة بالسخونة وبالأسئلة وبالمصاعب، تقضي بضرورة الوعي بكامل اكراهات المرحلة، وبأولويات العمل، وهنا يعتبر التنزيل الديمقراطي للدستور الجديد عنوانا رئيسيا في أجندة الحكومة والبرلمان الجديدين. ليست النتائج الخارجة من صناديق الاقتراع مجرد أرقام عادية، إنما يجب أن تقود دلالاتها وخلاصاتها كامل المرحلة، وذلك من خلال الإصرار على تقوية سيرنا الديمقراطي، وتعزيز مكاسب بلادنا وشعبنا في الحرية والانفتاح والعدالة الاجتماعية والتقدم، وأيضا تطوير المنجز التنموي لبلادنا بما يستجيب لأولويات المطالب التي يعبر عنها شعبنا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وفي محاربة الفساد والريع.. تبعا لما سلف، فان تباين الاصطفافات والمواقع تجاه الحكومة المقبلة، لا يجب أن يتناقض مع مسؤولية مختلف الفاعلين في بلورة جيل جديد من الإصلاحات، يفرضها اليوم واقعنا الدستوري الجديد، وأيضا تصويت شعبنا يوم 25 نونبر، بالإضافة إلى حجم الطلب المعبر عنه اجتماعيا واقتصاديا وسط مواطناتنا ومواطنينا، وخاصة الشباب، كما أن كل هذه الصيرورات مجتمعة تجسد دينامية واضحة تميز اليوم مجتمعنا في علاقة بجواره الإقليمي والدولي، وهو ما يفرض ذكاء الانتباه وحسن التقاط إشارات اللحظة وأفقها. هنا للبرلمان أدواره الجوهرية، سواء على مستوى التشريع وتحديث ترسانتنا القانونية والمؤسساتية بما ينسجم مع وثيقتنا الدستورية الجديدة، أو من خلال مراقبة العمل الحكومي وتقوية الحوار السياسي داخل المؤسسة التشريعية، بما يجعل هذه الأخيرة الفضاء الرئيسي لديناميتنا السياسية الوطنية، ويعيد للشأن السياسي والبرلماني والانتخابي نبله وجاذبيته ومصداقيته. البرلمانيون أنفسهم اليوم يوجدون أمام صورة منتشرة لدى المغاربة عنهم، وهي صورة تنعدم فيها المصداقية، ما يضعهم أمام مسؤولية تحسينها، وذلك أولا بالحرص على الحضور ومحاربة الغياب، سواء في الجلسات العامة أو في اللجان، ثم بالرفع من مستوى الأسئلة الشفوية ومجريات جلستها الأسبوعية، وثالثا بالإسهام أكثر في التشريع، وفي صناعة لحظة سياسية وازنة وفعالة. الحكم على التجربة المقبلة سيكون أيضا من خلال تقييم عمل البرلمان، وليس فقط من خلال حصيلة الحكومة ومنجزها. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته