تجري المشاورات التي يقودها رئيس الحكومة المعين مع باقي مكونات تحالف الأغلبية لحد الآن بشكل ايجابي، ولم نسمع عن أي خلاف جوهري بين الأطراف الحزبية المعنية، ما يمنح التجربة أول مؤشر عن قدرتها على تجاوز مرحلة التأسيس والولادة. لقد تقرر أن تنعقد الجلسة الأولى لمجلس النواب يوم الاثنين، واتفقت الأحزاب الأربعة المشكلة للأغلبية الجديدة على مرشح واحد ينتمي للحزب الثاني في ترتيب نتائج الانتخابات، كما تم الشروع في إعداد التصريح الحكومي الذي سيقدمه رئيس الحكومة المعين أمام البرلمان، واتفق كذلك على التقدم أمام الرأي العام الوطني بميثاق يبرز التزامات الحكومة الجديدة ، ويشدد على مواقفها السياسية والحقوقية الكبرى... وواضح هنا أن تدبير الإعداد لتشكيل الحكومة الجديدة يتم عبر مقاربة تشاركية حقيقية وفعلية تنخرط فيها كل مكونات الأغلبية، وليست هناك لا تدخلات خارجية، ولا أي انفراد في خطوات الإعداد، وهي كلها مؤشرات عن أسلوب جديد، ومقاربة مختلفة في مسلسل تشكيل الحكومة، فضلا على أن الاتفاق على ميثاق بالتزامات ومواقف واضحة من شأنه أن يبعث من البداية إشارات اطمئنان لشعبنا ونخبنا ولكافة الأطراف المعنية بتطور مسارنا السياسي والديمقراطي. بقي أن تتكرس المقاربة ذاتها في مرحلة توزيع الحقائب الوزارية واختيار الأشخاص والاتفاق على هيكلة عامة للحكومة المقبلة، وآنذاك ستكون التجربة قد عبرت محطة أساسية أخرى في انتظار نيلها ثقة جلالة الملك والبرلمان، وشروعها في العمل الفعلي. وتؤكد تصريحات زعماء أحزاب الأغلبية وأجواء اجتماعاتهم شبه اليومية مع رئيس الحكومة المعين أن باقي المراحل ستجري أيضا بذات السلاسة والهدوء. إن استعراض هذه المعطيات، الهدف منه التأكيد على أن مقاربة متميزة هي بصدد التشكل على صعيد العلائق وسط حقلنا السياسي، ومن المهم تشجيعها، والسعي لتطويرها لتتحول إلى ممارسة عادية في فترة الانتقال من حكومة إلى أخرى. من جهة ثانية، وبالرغم من أننا سمعنا وقرأنا كثير مطالب وآمال من عديد قطاعات وفئات تجاه الحكومة الجديدة، فإننا في نفس الوقت لم نسجل أي هلع أو رعب لا لدى الأوساط الاقتصادية والمالية، ولا لدى الأجانب والمؤسسات الدولية، وهذا أيضا مؤشر ايجابي، ويفرض على الحكومة الجديدة بذل مجهود أكبر لاحقا لمزيد من تحفيز الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين قصد التعبئة لإنجاح الأوراش التنموية والإصلاحية وتقوية دولة القانون في المجال الاقتصادي. من دون شك، ستبرز مقاومات من هنا وهناك، وهذا يكاد يكون طبيعيا على كل حال، ولذلك فإن للأحزاب المشكلة لتحالف الأغلبية وللقوى التي تساندها مسؤوليات أساسية لتمتين انسجامها، وحسن استثمار مصداقية نتائج الانتخابات، وتثمين التطلع الشعبي للتغيير، وذلك بغاية إنجاح باقي مراحل مسلسلنا السياسي والديمقراطي، وتكريس نجاح التجربة المغربية المتميزة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته