السجال الذي ميز جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب الاثنين الماضي، والكتابات التي تواصلت بعد ذلك حول الموضوع، والمقالة التي نشرتها الزميل ALBAYANEفي عددها ليوم أمس بقلم القيادي الحزبي وأستاذ القانون الدستوري خالد الناصري، منحنا نقاشا سياسيا وقانونيا لا يخلو من ايجابية، وكشف لنا عن حضور الحرص على التنزيل السليم لمضامين الدستور الجديد في خلفيات المواقف، حتى عندما تتباين التفسيرات ويتعدد الفهم ويحضر التناقض في التصريف وفي التعبير، وهذا كله ايجابي في النهاية، ومن الضروري تطويره مستقبلا، حتى يساهم الجميع في جعل جلسات البرلمان بمثابة لحظة سياسية غنية بمناقشاتها واختلافاتها واجتهاداتها و...جاذبيتها. الآن، وقد جرى انتخاب رئيس مجلس النواب، وقدم المعني بالأمر استقالته من منصبه الوزاري، فان الحرارة التي ميزت أعمال جلسة مجلس النواب الأولى يجب أن تستمر أثناء دراسة القوانين التنظيمية والنصوص الأساسية المهيكلة، والمنصوص عليها في دستور فاتح يوليوز، كما يجب أن تستمر أيضا عند مناقشة الميزانية، وأثناء ممارسة مهام التشريع والمراقبة، وذلك حتى نقنع المغاربة أن البرلمان أصبح فعلا مؤسسة تشريعية حقيقية ومختلفة عن السابق، وحتى تصير مداولاته حاضنة لانشغالات المجتمع ولتطلعاته. قد تحدث اختلافات في قراءة منطوق الفصول الدستورية، وفي تأويل المعنى والمبنى، لكن ما يجب أن يستحضره الديمقراطيون هو ضرورة اليقظة والاستنفار من أجل أن يكون تطبيق الدستور على أرض الواقع منسجما مع الأفق الديمقراطي والحداثي لبلادنا ولمسارها السياسي والتنموي. ومن أجل هذا الهدف عرضت أحزاب الأغلبية الجديدة ميثاقا يعتبر التزاما من طرفها بالسير في هذا الاتجاه، كما أن البلاد تمتلك ضمانات مؤسساتية، وتمتلك أحزابا وجمعيات من شأنها أن تتعبأ لتعزيز ديناميتنا الحقوقية والديمقراطية، وإنجاح مسلسل تنزيل الدستور، من دون أن تنجر إلى معارك الهامش وحسابات النوايا. الجدل السياسي والإعلامي القائم اليوم يعتبر حيويا وايجابيا، لكن يجب أن يتم ويتفاعل من دون منطلقات متوترة أو متشنجة، ولابد أن يعانق الجدية في الموضوع، والرصانة في المقاربة والتحليل، والوضوح والانسجام في المواقف المتبناة وفي الاصطفافات. بقي أن نشير هنا إلى أن سجالا كالذي انطلق يوم الاثنين، وتواصل في الصحف، ضيعته وسائلنا الإعلامية العمومية، وكان سيكون مفيدا لو تفاعلت معه مهنيا وسياسيا، ومكنت شعبنا من الانخراط فيه ومتابعة سخونته، والانطلاق منه للاهتمام بمستلزمات تنزيل الدستور الجديد، وبأوراش الإصلاح القادمة. وحتى الصحف الخاصة بقيت، بصفة عامة، داخل الدائرة المغلقة والقاصرة لنقل أخبار والعودة والى تكذيبها في اليوم الموالي، ونشر أورغانيغرام هيكلة حكومية متخيلة، ثم نشر نقيضها في اليوم الموالي، ووحدها رهانات لحظتنا السياسية بقيت معلقة في الهواء، تبحث عمن يلتقط أهميتها ودقتها، ويتفاعل معها بالكلمات والتحاليل والمواقف ... كم نحن في حاجة اليوم إلى عقولنا، والى مواكبة إعلامية جدية لما يجري ولما هو آت. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته