مصر: مخاوف من انزلاق الأوضاع إلى السيناريو السوري أدت أحداث العنف، التي تشهدها مصر من اشتباكات بين الشرطة العسكرية ومحتجين أمام مجلس الوزراء وما رافقها من سقوط ضحايا، إلى إثارة المخاوف لدى سياسيين ومراقبين من أن يتحوّل المشهد في مصر إلى ما يشبه الوضع في سوريا، حيث يهاجم الجيش تجمعات المحتجّين المطالبين بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وقال سياسيون وناشطون ومرشحون محتملون للرئاسة في مصر في تصريحات خاصة ل»سي.أن.أن» بالعربية، إن المجلس العسكري الحاكم، الذي يدير شؤون البلاد، «أثبت أنه أكثر دموية من نظام حسني مبارك»، الذي أطيح به من السلطة، بعد احتجاجات شعبية في فبراير الماضي، مشيرين إلى أن الاعتداء على المتظاهرين «ألحق العار بالمؤسسة العسكرية». وقال أيمن نور، المرشّح المحتمل للرئاسة، إن استخدام العنف ضد المتظاهرين «يدخل البلاد في نفق مظلم، ويجرّها إلى تداعيات خطرة، في ظل غياب العقل، والتحاور بالعصا والرصاص». وأضاف نور، في تصريح خاص ل»سي.أن.أن» بالعربية، أن أداء المجلس في إدارة الأزمة الحالية «يثبت فشله في تحقيق الاستقرار واحترام القانون وحماية مكتسبات الثورة»، مطالبًا الأخير بالتخلّي عن السلطة، وتشكيل مجلس رئاسي لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية. كما طالب المرشّح المحتمل للرئاسة بإحالة جميع المسؤولين عن أحداث مجلس الوزراء، وماسبيرو وغيرها، إلى محاكمة عاجلة. وانتقد عماد عبد الغفور، رئيس حزب النور السلفي وعضو المجلس الاستشاري، الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، رغم تأكيد المجلس العسكري على إتاحة حق التظاهر والاعتصام السلمي منذ توليه السلطة. وأضاف عبد الغفور، أن الجيش يمارس سلطاته بطريقة يتعدى بها على حكومة كمال الجنزوري، التي أعطاها صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو ما يتناقض مع ما تم إعلانه في هذا الشأن، مطالبًا المجلس بضرورة العودة إلى التفاهم واستخدام الوسائل السلمية. وكشف عبد الغفور عن أن عددًا من أعضاء المجلس الاستشاري، قدموا استقالتهم، بينما قام البعض الآخر بتجميد عضويته، بسبب وجود حالة من «عدم الرضا»، نتيجة عدم التزام المجلس العسكري بما ألزم به نفسه منذ بداية الثورة، واستخدامه القسوة الزائدة ضد المحتجين. وأشار رئيس حزب النور إلى أن المعتصمين أمام مجلس الوزراء «كانوا يمنعون موظفي مجلس الوزراء من التواجد في أماكن العمل، ويضطرونهم إلى تنفيذ عملهم من أماكن أخرى»، غير أن استخدام العنف ضدهم وقتل عددًا منهم «غير مبرر». من جانبه قال عمرو صلاح، عضو ائتلاف شباب الثورة، إن المجلس العسكري والمشير حسين طنطاوي، ظلوا على مدار الشهور التي تولوا فيها الحكم، يمارسون ما اعتبره «إذلالاً سياسيًا»، عبر تكرار ترويجهم بأنهم رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين منذ بداية الثورة، غير أن ما وصفها بأنها «الأكاذيب» سرعان ما تم كشفها. وأضاف صلاح، أن المجلس العسكري «ألحق العار بالمؤسسة العسكرية باعتدائه على المتظاهرين، وأثبت أنه أكثر دموية من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك»، مشيرًا إلى أن قمع مبارك أثناء الثورة على مدار 18 يومًا «كان أقل مما يفعله المجلس العسكري حاليًا، خاصة مع الاعتداء على فتاة، وتجريدها من ملابسها». وأعرب الناشط السياسي عن مخاوفه من تصاعد الأحداث واستمرارها بهذا الشكل، وتحوّل المشهد في مصر إلى صورة مماثلة لما يحدث في سوريا، في إشارة إلى اعتداء الجيش السوري على المتظاهرين المطالبين بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. ونوه صلاح إلى أن الائتلاف سيجتمع مع بعض الحركات والقوى السياسية «لتحديد الخطوات المقبلة لبلورة المطالب بصورة أكبر، مع استمرار الاعتصام في شارع القصر العيني». وقد قتل عشرة أشخاص، وأصيب 500 في ثلاثة أيام في القاهرة، نتيجة الصدامات التي تواصلت الأحد بين قوى الأمن والمتظاهرين ضد الجيش، فيما تبادل الطرفان الاتهامات بالعنف والتخريب. وأحال الجيش أمام النيابة العامة 164 شخصًا، من بينهم نساء وقاصرون، أوقفوا لمشاركتهم المفترضة في المواجهات، التي بدأت صباح الجمعة حول مقر الحكومة وإحراق مبان، من أجل النظر في توجيه التهم إليهم، على ما أفاد مصدر عسكري. وتعدّ هذه الاشتباكات الأعنف منذ تلك التي بدأت في التاسع عشر من نوفمبر الماضي، واستمرت أسبوعًا، وأسفرت عن سقوط 42 قتيلاً، معظمهم في القاهرة، وذلك قبل أيام على بدء الانتخابات التشريعية في 28 نوفمبر، وهي الأولى منذ سقوط نظام الرئيس حسني مبارك في فبراير. وكان المتظاهرون، ومعهم عدد كبير من الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين الثامنة والثانية عشرة تقريبًا، يتبادلون التراشق بالحجارة مع أفراد من الجيش والشرطة يتمركزون خلف حواجز أقاموها في شارع متفرع من ميدان التحرير. وتم إغلاق الطريق المؤدي إلى مقرّي الحكومة ومجلس الشعب المتجاورين بكتل أسمنتية كبيرة منذ يوم السبت. ورفع العديد من المتظاهرين صحيفة التحرير المستقلة، التي صدرت الأحد، وهي تحمل صورة كبيرة لمتظاهرة محجّبة، جُرّدت من ردائها العلوي، فظهرت ملابسها الداخلية أثناء قيام جنود بسحلها. وانتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي مساء الأحد وصباح الاثنين هذه الصورة ومقاطع فيديو عديدة لما أسماه الناشطون «انتهاكات الجيش» ضد المتظاهرين. وكتبت صحيفة التحرير في عنوانها الرئيس «المجلس العسكري ينفي إطلاق الرصاص، والجنزوري يقول إنه لم يلجأ إلى العنف: كذابون».