سلطت ثلة من السياسيين والمثقفين والإعلاميين المغاربة والايطاليين، خلال ندوة نظمت يوم السبت الماضي بميلانو (شمال إيطاليا) الضوء على الحضور الإسلامي في إيطاليا. ونظمت الندوة في موضوع «الإسلام والمسلمين اليوم.. أية مقترحات من أجل حضور إيجابي»، من قبل الفيدرالية الجهوية الإسلامية بلومبارديا (شمال) التي أحدثت في مارس الماضي وتضم المراكز الإسلامية المغربية بالمنطقة، بدعم من عمودية ميلانو. وافتتح الندوة، التي شارك فيها حوالي 200 شخص، رئيس الفيدرالية سعيد مغراس ونائبة عمدة ميلانو مرية غرازيا غيدا، التي أبرزت أهمية هذا اللقاء في تشجيع فهم ومعرفة الآخر. وتوزعت أشغال هذه الندوة التي حضرها على الخصوص سفير المغرب بإيطاليا، حسن أبو أيوب، على ثلاث جلسات خصصت ل»مكانة الديانات في المجتمع الإيطالي التعددي» و»الحوار بين الإسلام والمجتمع الإيطالي... صعوبات وآفاق» و»الإسلام في وسائل الإعلام والرأي العام». وشكلت هذه الندوة التي تعد الأولى من نوعها التي تنظمها الفيدرالية الجهوية الإسلامية بلومبارديا، مناسبة للمتدخلين من أجل إبراز القيم الحقيقية للإسلام كديانة تدعو للسلام والتسامح والانفتاح واحترام الآخر. وأمام حضور مكون بالخصوص من جيانفرانكو بوتوني مسؤول الحوار بين الأديان بأسقفية ميلانو وممثلي الجالية اليهودية، أكد المشاركون أيضا على ضرورة إزالة أي لبس، داعين بهذه المناسبة إلى القيام بنقد ذاتي من أجل خلق انفتاح أكبر مقارنة مع الماضي، والتطلع إلى المستقبل وتقديم إجابات مطمئنة لمشاكل المجتمع. وشددت الندوة، التي شارك فيها عبد الله رضوان مدير المركز الإسلامي الثقافي بروما وخالد حجي الأمين العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة على سمو القيم الإنسانية وضرورة تشجيع المعرفة والحوار والتفاهم. وفي مداخلة له، أكد سعيد مغراس على ضرورة أن تمتثل كافة مكونات المجتمع الإيطالي للدستور والسهر على احترام التنوع، مبرزا الإرادة المشتركة من أجل خلق مجالات للمعرفة المشتركة والحوار. واعتبر أن العولمة تشمل تفكيرا عميقا حول سبل العيش المشترك والتقدم في إطار التنوع والمساواة، والعمل من أجل تحقيق الأهداف والمشاريع المفيدة للجميع وكذا تحديد مسارات مشتركة، سواء بالنسبة للمؤمنين أو غير المؤمنين، من الإيطاليين والمواطنين الجدد. وأبرز رئيس الفدرالية من خلال استشهاده بعدة آيات من القرآن الكريم، مزايا التعارف المتبادل كوسيلة لمحاربة الهيمنة والإقصاء وتعزيز التواصل والحوار. وقال إن التعارف يكسر جدار الجهل والخوف مؤكدا على قيم العدالة والنزاهة التي يجب أن تحكم العلاقات داخل المجتمع. وقال إنه على «الرغم من تنوع الحساسيات الدينية، فإنه لدينا قيم إنسانية وأخلاقية مشتركة إضافة إلى مستقبل مشترك» يتمثل في «إيطاليا جيدة». وأضاف إننا «مدعوون للمضي قدما والعمل في إطار وحدة وطنية من أجل مواجهة التحديات والتغلب على العقبات»، مشيرا مع ذلك إلى الواجب المنوط بالمؤسسات لضمان الأمن للجميع، ومحاربة الخوف وكافة أشكال كراهية الأجانب، والإرهاب (الإسلاموفوبيا) أو العنصرية، بهدف تفادي التعرض لمآسي على غرار تلك التي وقعت بمدينة فلورنسا (مقتل اثنين من الباعة المتجولين السنغالييين الأربعاء الماضي من قبل عضو في منظمة مسلحة عنصرية). وتضمن برنامج الندوة كذلك عدة مداخلات ألقاها كل من الأساتذة خالد الغزالي، من جامعة بادوفا (شمال شرق إيطاليا) وهدام الودغيري من جامعة بوكوني بميلانو، ويونس توفيق، مدير المركز الثقافي «آل الحكمة « بمدينة تورينو (شمال غرب) إضافة إلى رجال ثقافة وإعلام وأكاديميين إيطاليين. وعبرت الجالية الإسلامية الإيطالية التي يتولى قيادتها الإيطالي يحيى بالافشيني، عن متمنياتها بنجاح المؤتمر الذي حضر أشغاله القنصل العام للمغرب في ميلانو، محمد بنعلي، وممثلي العديد من وسائل الإعلام. وأشادت الجالية بهذا اللقاء باعتباره «خطوة جديدة لتعزيز الاندماج الإيجابي لأكبر الجاليات المهاجرة المسلمة المتواجدة على الأراضي الايطالية، والتي يمكن لها أن تفتخر، من بين أمور أخرى، بأنها تضم مسؤولين بارزين ومواطنين إيطاليين جدد في في أوساط الشباب، والبرلمان». ويذكر أن الجالية المغربية في إيطاليا، التي تضم قرابة 550 ألف شخص، تعتبر أول جالية مسلمة في البلاد. وينبغي أن يتبع إنشاء الفدرالية الجهوية الإسلامية بلومبارديا إحداث اتحادات إقليمية أخرى في جميع إيطاليا ستكون مدعوة في خطوة تالية، للتوحد في إطار كونفدرالية.