توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس        أخنوش في اجتماع الأغلبية: رهاننا على التشغيل استراتيجي للتقليص من بطالة الشباب والكفاءات        توقيف شخصين بإنزكان وأولاد تايمة على خلفية تورطهما في بيع التمور الفاسدة وحجز أكثر من 31 طن        حبس "ثلاثي زمالكاوي" في الإمارات    أنشيلوتي: "فينيسيوس سيفوز بالكرة الذهبية"    موكوينا يستدعي 22 لاعبا لمواجهة النادي المكناسي    ابتدائية الرباط تؤجل جلسات محاكمة "طلبة الطب" إلى شهر نونبر المقبل    استطلاع: المغاربة يعتبرون الصلاة متفوقة على التلقيح في الوقاية من "كوفيد"    هذا ما قاله غوتيريش عن مدى احترام المغرب والبوليساريو وقف إطلاق النار    فرنسا-المغرب.. كيف يتداخل البعد السياسي بالثقافي والاقتصادي ضمن نسيج من المصالح والامتيازات المشتركة؟    مكتب القطارات يعتزم استثمار نحو 9,8 ملايير درهم خلال 2025-2027    اتحاد طنجة يواجه الزمامرة لاستعادة الصدارة والوداد في ضيافة "الكوديم" لمواصلة الصحوة    "جباليا الإباء خان يونس الصمود".. جمهور نادي الرجاء يتضامن مع غزة    الجيش الملكي يستنكر تحكيم مباراة الرجاء ويدعو لتحقيق فوري    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم..    مثول طلبة الطب أمام المحكمة اليوم وتأخير ملفهم الى 20 نونبر    بطء الأشغال في مستشفى الناظور الجديد يثير تساؤلات حول موقع الإقليم في السياسة الصحية الوطنية    الصيد في المحميات بين أبرز المخالفات المضبوطة خلال موسم القنص حتى 20 أكتوبر    شيرين عبد الوهاب: أول فنانة عربية تكتب اسمها في موسوعة غينيس    حقوق الإنسان: الأمين العام للأمم المتحدة يبرز تميز تعاون المغرب وتفاعله مع الآليات الأممية    إسرائيل تشن غارات على مدينة صور بجنوب لبنان ووزيرة خارجية ألمانيا تصل بيروت    إيران: إعدام أربعة أشخاص بسبب بيع مشروبات كحولية مغشوشة    أبطال أوروبا.. حكيمي ينقذ "PSG" من الهزيمة وفينيسيوس يقود الريال لريمونتادا تاريخية    جنود إسرائيليون يطلبون إنهاء الحرب    لجنة الخارجية بمجلس الشيوخ الإسباني تدعو إلى الضغط على المغرب لإعادة فتح الجمارك في مليلية        "لوبوان": هل أساءت المحكمة الأوروبية استخدام القانون بإبطال اتفاق الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب؟    "ّلجنة حماية الصحفيين": فرحة بوعشرين والريسوني والراضي لم تدم طويلا ويواجهون عبء الإدانات بعد إطلاق سراحهم    "أوكسفام": المغرب يحرز تحسنا في "مؤشر الالتزام بتقليل عدم المساواة" بفضل زيادة الإنفاق العمومي في أعقاب زلزال الحوز    الدورة الثامنة لتحدي القراءة العربي تتوج ممثلي ‬فلسطين والسعودية وسوريا    الأول بإفريقيا والشرق الأوسط.. تدشين مركز ابتكار ل"نوكيا" بالمغرب    منظمة الصحة العالمية تعلن تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة    آلاف الفنانين والكتاب يبدون في عريضة قلقهم من الذكاء الاصطناعي    19 يوما من إبادة شمال غزة.. إسرائيل تواصل القتل والحصار والتطهير    كيوسك الأربعاء | المغرب يرصد أزيد من 200 مليار سنتيم لتطوير الجانب الرياضي    طنجة.. تفاصيل اعتقال شخص بتهمة النصب وانتحال صفة مسؤول أمني وتزوير وثائق رسمية    حكّام الجزائر، يتامى "الاستفتاء"... يغمغمون    المغرب الثقافي .. حب واحتراق    اَلْحُبُّ الْمَمْنُوعُ!    تحديات عالمية ورهانات مستقبلية    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    تغييب الأمازيغية عن تسمية شوارع العروي تجلب انتقادات للمجلس الجماعي    كمال كمال ينقل قصصا إنسانية بين الحدود المغربية والجزائرية في "وحده الحب"    المستوطنون يقتحمون الأقصى في رابع أيام "ما يسمى عيد العرش"    النصر للشعب الفلسطيني وكل المدعمين له ..        شبهات حول برنامج "صباحيات 2M" وإدارة القناة مطالبة بفتح تحقيق    إعادة تأهيل مرضى القلب: استعادة السيطرة على الصحة بعد حادث قلبي    الأولمبياد الإفريقية في الرياضيات.. الذكاء المنطقي الرياضي/ تتويج المغرب بالذهبية/ تكوين عباقرة (ج2) (فيديو)    وهي جنازة رجل ...    رحيل الفنان حميد بنوح    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التميمي.. جريمة أخرى بلا عقاب
نشر في بيان اليوم يوم 18 - 12 - 2011

بينما كانت شعوب الأرض وحكوماتها تحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان، سقط على أرض فلسطين الشاب مصطفى التميمي. هو لم يسقط جراء سكتة قلبية فاجأته دون سابق إنذار. أو ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم، أو مرض مفاجئ ألم به فلم يمهله. سقط مصطفى جراء قذيفة دخانية أصابته في وجهه استهدفه بها جندي من جنود الاحتلال الإسرائيلي، كانوا يقمعون مسيرة سلمية لأهالي قرية النبي صالح، احتجاجاً على سرقة أرضهم، وضمها، خلف «الجدار» إلى مستوطنة حلميش اليهودية.
قرية النبي صالح، مثلها مثل العديد من القرى الفلسطينية، التي باتت ثكلى، جردها العدو الإسرائيلي من أرضها، بقرارات جائرة، لتوسيع المستوطنات في الضفة الفلسطينية وفرض أمر واقع، يحول دون قيام دولة فلسطينية، ذات تواصل إقليمي، وقابل للحياة. مثلها مثل بلعين، ونعلين، وبدو، وبيت عنان، ورأس كركر وغيرها. وقد اعتاد الفلسطينيون، أبناء القرى والبلدات المجاورة، أن ينظموا كل جمعة تظاهرة سلمية ترفع فيها الشعارات تطالب بإعادة الأرض لأصحابها، ورحيل الاحتلال. أما جنود الاحتلال، من جانبهم، ودون أي مبرر، فقد كانوا يردون على هذه التظاهرات بوابل من القنابل الغازية المسيلة للدموع، ورشقات من الرصاص المغلف بالمطاط. وفي بعض الأحيان كان جنود الاحتلال يلجأون إلى الرصاص الحي، دون اعتبار لحياة المواطن الفلسطيني، ودون أي اعتراف بحقه في التعبير عن رأيه، والمطالبة بما سلب منه، بل والدفاع عن أملاكه. فحق الملكية، كما تقول نصوص الشرعية الدولية، وكما تنص على ذلك مبادئ الديمقراطية، حق مقدس لا يحق لأحد أن يجرد أصحابه منه.
هي ليست المرة الأولى التي يصاب بها مواطن فلسطيني بالقنابل الإسرائيلية، مما يؤدي إلى الوفاة، قبله على سبيل المثال، قضى المتظاهر باسم أبو رحمة نحبه، في بلعين في ظروف مشابهة، دون أن نحتسب عشرات الجرحى، الذين أصيبوا بالرصاص المطاطي والرصاص الحي، وعشرات المصابين الذين أصيبوا بالإغماء، وقاربوا الاختناق بالغاز المسيل للدموع. ولقد شهدنا، في بلعين واحدة من هذه التظاهرات، وشاهدنا كيف انهالت علينا القنابل المسيلة للدموع، من خلال السياج الشائك، من بنادق جنود الاحتلال، دون أن يكونوا قد تعرضوا لأي خطر على يد المتظاهرين، إلا إذا اعتبرنا الهتافات والخطابات والشعارات على لوحات كرتونية بمثابة خطر يتهدد حياة الجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح.
***
إسرائيل وهي تقدم نفسها دولة ديمقراطية سارعت عبر دوائرها المتخصصة إلى فتح تحقيق في «ملابسات» مقتل التميمي. وأحيلت قضية التحقيق إلى الشرطة العسكرية التابعة لجيش الاحتلال نفسه. هو الجاني، وهو المحقق وهو القاضي.
معاريف الإسرائيلية (7/12/2011) تقول إن 90% من شكاوي الفلسطينيين ضد جنود الاحتلال تبقى دون إدانة. وأن 6% فقط من التحقيقات التي أجراها جيش الاحتلال في السنوات الأخيرة ضد ممارسات جنوده انتهت إلى لوائح اتهام، دون أن يعني هذا أن الاتهامات انتهت إلى عقوبات ذات مغزى وتتسم بالجدية.
تقول الصحيفة إن المنظمة اليسارية الإسرائيلية «هناك قانون»، تابعت 192 شكوى، وحللت مضمون 67 ملف تحقيق لدى الشرطة العسكرية تتعلق باتهامات قتل أو إلحاق ضرر، أو القيام بأعمال سلب وسرقة ونهب، والاستيلاء غير القانوني على الأملاك أو تنكيل بالمارة أو بالأسرى في السجون.
تضيف الصحيفة أنه رفع إلى الشرطة العسكرية في الفترة مابين (2000 2010) 3150 بلاغاً عن مخالفات بحق المواطنين الفلسطينيين على أيدي جنود الاحتلال أو ضباطهم. ومن أصل هذه البلاغات فتح فقط 1949 ملف تحقيق، رفع على أثرها 112 لائحة اتهام ضد 190 جندياً وضابطاً. أي 90% من الملفات لا تنتهي إلى لوائح اتهام. ومن أصل 181 متهما أدين فقط 163 جندياً وضابطاً. وتقول «هناك قانون» إن النظام المتبع لدى الشرطة العسكرية الإسرائيلية للتحقيق من شأنه أن يقود إلى نتائج «صفرية» ومثال ذلك أنه في كانون الثاني 2009 رفعت إلى الشرطة العسكرية شكوى ضد جندي إسرائيلي في الخليل، أطلق دون مبرر عياراً مطاطياً في جبين فتى فلسطيني في الرابعة عشرة من عمره، كان في طريقة إلى بيته فأرداه قتيلاً. وحتى اليوم لم يتقرر بعد فتح تحقيق جنائي في الحدث، بانتظار مرور الزمن، حيث تضيع معالم الجريمة، ويتفرق الشهود، ما يبرر للمحقق الإسرائيلي إغلاق الملف بعد لحظات على فتحه، بذريعة عدم توفر الأدلة أو الشهود. وحسب تقرير منظمة «هناك قانون» فإن89% من الحالات التي يجري التحقيق فيها، يتوصل قاضي التحقيق العسكري الإسرائيلي إلى رفض فتح تحقيق جنائي بحق مرتكبيها من جنود الاحتلال.
مصطفى التميمي، التي أحيلت قضيته إلى التحقيق، هو الرقم 21 ممن قتلهم جيش الاحتلال في تظاهرات سلمية، رفعت بشأنهم شكاوى قضائية ومازالت هذه الشكاوى تنتظر دورها ليفتح بشأنها تحقيق جنائي يرسم مسؤوليات جيش الاحتلال.
***
الوجه الآخر للصورة مختلف تماما. إذ عندما يتعرض المستوطنون اليهود إلى «اعتداء» من قبل الفلسطينيين (كما تصف الدوائر الإسرائيلية تحركات الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم) أو إلى «مس» بسلامتهم أو كرامتهم من جيش الاحتلال، تسارع أجهزة التحقيق والقضاء إلى فتح ملف كل حادثة، وبالسرعة القصوى، مع ضمان وصول كل تحقيق إلى خاتمة واضحة، تضع المستوطن على الدوام في موقع المعتدى عليه، وتوفر له التعويض المناسب «عما لحق به من أضرار».
حتى الصحف الإسرائيلية، وهي تشير إلى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، دعت إلى تنظيم حفل تأبين لحقوق الإنسان الفلسطيني، التي ينتهكها يومياً جيش الاحتلال والمستوطنون.
ولا يستطيع بعض الصحفيين الإسرائيليين (إيال غروس هآرتس 11/12/2011) إلا أن يعترف أن جيش الاحتلال يكتفي بموقف المتفرج إذا هاجم المستوطنون السكان الفلسطينيين. لكنه لا يتردد في التدخل، إلى جانب المستوطنين، إذا ما نجح الفلسطينيون في الدفاع عن أنفسهم وصد المستوطنين خائبين. إنه لصحيح أن البراهين على انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان الفلسطيني كثيرة وكثيرة جداً، لكنه صحيح أيضاً أن اعتراف الصحافة الإسرائيلية وبعض المؤسسات الأهلية بمدى انتهاك جيش الاحتلال لحقوق الإنسان الفلسطيني، يعتبر شهادة قوية لصالح الفلسطينيين. إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، حسب القوانين الدولية، هي المعنية بحماية سكان المناطق المحتلة. تحميهم من تجاوزات الجنود، الفظة، والتي من تكرارها، تحولت إلى سياسة منهجية تسم سلوك جنود الاحتلال في الضفة الفلسطينية، وهي سياسة تعبر عن حقد مرير في صدور الإسرائيليين ضد كل من هو فلسطيني. وتحميهم كذلك من اعتداءات المستوطنين كما هو منصوص عليه في «القوانين المرعية».
لكن الواقع يقول إن سلوكيات جنود الاحتلال في انتهاكها لحقوق الإنسان الفلسطيني، وكذلك سلوك المستوطنين، هي ثمرة حقيقية للاحتلال والاستعمار، وللنزعات العنصرية التي تحكم وعي القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وبالتالي كيف يمكن أن تتحول أدوات القمع والاستبداد، هي نفسها، إلى أدوات حماية؟
واضح تماما أن إحالة جرائم الاحتلال إلى محكمة عسكرية إسرائيلية هدفها إلهاء الرأي العام والادعاء بالديمقراطية. جرائم الاحتلال يجب أن تحال إلى محكمة الجزاء الدولية. ونعتقد أن أي تأخير في انجاز هذه الخطوة لا يمكن النظر إليه سوى كونه مجرد تواطؤ. الأمر الذي يعني أن أساس المشكلة هي في الاحتلال والاستيطان، والواجب عليهما أن يحزما حقائبهما، وأن يرحلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.