يشرع رئيس الحكومة المعين هذا الأسبوع في جولة جديدة من مشاوراته الرامية لتشكيل فريقه الوزاري، ويتطلع المغاربة إلى التعرف على طبيعة الحكومة القادمة وتركيبتها، وأيضا برنامجها وأولوياتها وأسلوب عملها، ولكن قبل ذلك يتطلعون إلى التعرف على ثوابت رؤيتها السياسية للمستقبل. صحيح، أن زعيم الحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات، والذي عينه الملك لتشكيل الحكومة ورئاستها مافتئ يوزع الإشارات والتوضيحات والتطمينات عسى الكل يدرك مواقف حزبه و(نواياه)، لكن مع ذلك يبقى من المهم أن تقدم الحكومة الجديدة منذ البداية، تصريحا سياسيا مبدئيا يكون بمثابة التزام وميثاق بين أحزابها وبينها وبين الشعب المغربي. الحكومة المقبلة يجب أن تجسد مستوى عال من الانسجام والتضامن بين أطرافها، وتتحمل مسؤولية تدبيرها للشأن العام بشكل موحد ومتضامن، كما أنها مطالبة بإبراز أغلبيتها كامتداد برلماني وسياسي واضح داخل المؤسسة التشريعية وخارجها، وذلك أولا بالمواظبة على الحضور في البرلمان والفعل في العمل البرلماني، وتكريس الالتزام داخل الأغلبية، حضورا وأداء وتصويتا وانسجاما، وكل هذا من شأنه أن يطور ممارستنا البرلمانية والسياسية، ويقدم وضوحا أكبر وجدية أوضح ومصداقية أعلى للاصطفافات وللمواقف. الحكومة المقبلة مطالبة أيضا بتقديم أجوبة واضحة في تصريحها المبدئي حول المكتسبات التي راكمها المغاربة في مجالات الحريات الفردية والجماعية وحقوق المرأة والمساواة وحرية الصحافة والتعبير والإبداع، وعلى صعيد المهرجانات الفنية ومعالم الانفتاح والتسامح والحداثة في المجتمع، ومن شأن هذا الوضوح طمأنة شعبنا على مستقبل مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي القائم على حقوق الإنسان والديمقراطية. الحكومة المقبلة مدعوة كذلك لتجسيد قدرتها على التنزيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور الجديد، وتبعا لذلك فهي مطالبة بإعطاء معنى للحكامة الجديدة ولجدلية المسؤولية والمحاسبة ولممارسة الحكومة لكامل صلاحياتها وللفصل الحقيقي للسلط ولتفعيل مجموع المؤسسات والآليات ومنظومة دولة القانون الحديثة. إن الولاية المقبلة ستكون بلا شك أساسية على صعيد تطبيق الدستور الجديد، ومن هنا تبرز مسؤولية الحكومة وامتداداتها الحزبية والبرلمانية، ولذلك، فان سرعة الانجاز والتفاعل مع المطالب الشعبية من البداية، وتقديم إشارات إجرائية وعملية ملموسة منذ الأيام الأولى، خصوصا فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، وما يرتبط بالحريات والمساواة، من شأن ذلك أن يقنع المغاربة والمراقبين بجدية المرحلة، ويكرس الاطمئنان والثقة في المستقبل. تواصل الحكومة وتفاعلها مع محيطها الوطني يبدأ من الآن، ويقتضي الإعداد من الآن أيضا لمنظومة تواصلية وإعلامية وسياسية محكمة للتجاوب مع شعبنا ومع الرأي العام الداخلي والخارجي. تحديات الأشياء الجدية بدأت الآن. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته