دعا الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، يوسف العمراني، أول أمس الأربعاء، بمرسيليا (جنوبفرنسا) إلى اعتماد سياسة شراكة أورو-متوسطية «أكثر شمولية»، في وقت تتموقع فيه المنطقة في صلب الأجندة الدولية بحكم الربيع العربي بالجنوب والأزمة الاقتصادية بالشمال. وقال العمراني، خلال أيام دراسية نظمها الحزب الشعبي الأوروبي, أن «الموقع الجيوسياسي الجديد الذي تحدد معالمه في جنوب المتوسط ينبغي أن يدفعنا إلى الانتقال من الاندماج الأورو متوسطي البسيط إلى اعتماد سياسة شراكة أورو-متوسطية أكثر شمولية وملاءامة». وأبرز، في مداخلة له خلال مناقشة حول «التوجهات المستقبلية لمسلسل الاندماج الأورو - متوسطي في إطار السياسة الأوربية للجوار والاتحاد من أجل المتوسط»، أن هذا الأخير، باعتباره «إطارا مفيدا» بمقدوره أن يكون رافعة لنهج حكامة إقليمية حقيقية بالمتوسط من خلال اعتماد سياسات قطاعية هادفة تضم جميع الفاعلين وتشترك فيها المناطق والبلدات الأورو-متوسطية. وبعد أن ذكر بأن منطقة البحر الأبيض المتوسط عرفت على دوام توترات وأزمات ودينامية استثنائية على مدى تاريخيها، وتمكنت دوما من رفع التحديات المطروحة، أكد العمراني أن المنطقة باتت تتوفر اليوم على «فرصة تاريخية من أجل حماية مواطنيها من الأخطار المستقبلية». وتبقى أفضل وقاية، يضيف العمراني، تعبئة كافة الطاقات الجماعية لخدمة طموح مشترك يرتكز على رؤية شراكة متوازنة تجمع بين الأمن والتنمية المتقاسمة وتحدد سير أشغال المشاريع القطاعية خلال تنفيذها من قبل الاتحاد من أجل المتوسط، من بينها المخطط الشمسي المتوسطي والإستراتيجية المتوسطية للتنمية الحضرية المستدامة ووضع آليات مالية. وأبرز أنه «في الوقت الذي تتنامى فيه الحاجيات السوسيو-اقتصادية يبقى من المهم التركيز على الابتكار والبرغماتية والنجاعة في تدبير الفضاء الأورو-متوسطي لكونها السبيل الأنجع للاستجابة بشكل سريع لانتظارات الساكنة متوسطية». وشدد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط, من جهة أخرى، على أهمية الاستفادة واستثمار دينامية شبابه وتنوع ثقافاته وغنى موارده من خلال تحويل الطموح المتوسطي الجماعي إلى مبادرات ملموسة ترتكز على التحقيق التنمية لفائدة المواطنين. وبخصوص آفاق التعاون بين بلدان الجنوب والاتحاد الأوروبي أوضح العمراني أن «التغيرات التي تعرفها بلدان الجنوب سيكون لها تأثير على العلاقات التي تقيمها هذه البلدان مع بعضها البعض ومع الاتحاد الأوروبي، والتي ستحتاج إلى مزيد من التكامل ولرؤية أكبر فيما يتعلق بمستقبل علاقاتها». وأبرز أن «هذه هي القرارات السياسية الهامة التي يتعين على الأوروبيين اتخاذها في السنوات القادمة وكذا البرلمانيين في مجموعة الحزب الشعبي الأوروبي، باعتبارها المجموعة الرئيسية في البرلمان الأوروبي، والذين يتعين أن يكونوا المخاطب والمروج لهذه العلاقة الجديدة الأورو متوسطية». كما أوضح الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط أنه «بنفس الطريقة التي كان الاتحاد الأوروبي يستثمر فيها سياسيا في الشرق في سنوات التسعينيات، فإنه اليوم مدعو للمساهمة استراتيجيا في الجنوب، على الرغم من السياق المالي الصعب، وذلك إذا رغبت في تفادي السيناريو الأسوأ في المستقبل». وأشار إلى أنه «في الأوقات الصعبة يتم اتخاذ القرارات الكبيرة وأنه في اللحظات الجيدة نقوم بالتفكير العميق، واليوم فقد حان الوقت للقيام بالاختيار بين الاستجابة لطلبات المواطنين بضفتي المتوسط أو مواصلة تفضيل المخططات الكلاسيكية المعروفة النتائج». وخلص إلى القول إن «التكوين الجيو سياسي الجديد الذي ينبثق في جنوب المتوسط يشكل عاملا إضافيا لإلتئام كل صناع القرار الأورومتوسطيين لتحديد مستوى الطموح الذي يريدون تحقيقه في منطقة المتوسط». وتعرف الأيام الدراسية، التي انعقدت أمس الخميس وأول أمس الأربعاء، على هامش مؤتمر الحزب الشعبي الأوروبي، مشاركة العديد من الشخصيات الأوروبية والمتوسطية، من بينها على الخصوص السادة نزار بركة، وزير الاقتصاد والشؤون العامة، ورئيس المفوضية الأوروبية خوسي مانويل باروسو، ورئيس البرلمان الأوروبي، جيرزي بوزيك وكذا عدد من المفوضين الأوروبيين. ويتوفر الحزب الشعبي الأوروبي، التشكيلة الرئيسية في البرلمان الأوروبي، على أغلبية 265 مقعدا من أصل 736 التي تضمها الجمعية. كما أنه يجمع أحزاب يمينية مثل حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (الحزب الحاكم بفرنسا).