أكد نذير مومني، الأستاذ الباحث في العلوم السياسة أن مؤشرات الإدارة الانتخابية، خلال استحقاق 25 نونبر، تحسنت بشكل كبير مقارنة مع 2007. وأوضح مومني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، تعليقا على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الجمعة الماضي، أن نجاح هذه الانتخابات، الأولى بعد المصادقة على الدستور الجديد، يعود إلى تحديث القوانين الانتخابية ومأسسة عملية الملاحظة المحايدة والمستقلة، وتقوية الضمانات المتعلقة بالتسجيل في اللوائح، خاصة وأن اللجنة الإدارية المكلفة بالتسجيل يترأسها قاض. وبخصوص نسبة المشاركة في عملية التصويت، سجل الباحث بارتياح نسبة 45.4 في المائة مقارنة مع 2007، والتي أرجعها بالخصوص إلى الحملات التحسيسية، وأهمية الرهانات الخاصة بالانتخابات في عدد من الدوائر التي عرفت تنافسية عالية. كما تعود هذه النسبة، حسب نذير مومني، إلى عملية التقطيع الانتخابي والتي سمحت لعدد من الأحزاب السياسية الحصول على أكثر من مقعد نيابي داخل دائرة واحدة فضلا عن دور القضاء، وخاصة القضاء الدستوري، وكذا نمط الاقتراع باللائحة. وحول سيناريو التحالفات الممكنة بعد هذه الانتخابات، قال نذير مومني إن التحالف «الأكثر ترجيحا هو أن تكون أغلبية برلمانية وحكومية مكونة من حزب العدالة والتنمية ومن الأحزاب المكونة للكتلة الديموقراطية»، مضيفا أنه «يمكن أيضا تكملة هذه الأغلبية بمكونات برلمانية أخرى لضمان هامش لتجاوز الأغلبية العددية المباشرة». من جانبه، اعتبر السيد طارق زائر أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بالقنيطرة أن نسبة 45.4 في المائة من المشاركين في التصويت تؤكد أن هناك أعداد كبيرة من المواطنين قرروا إنجاح محطة 25 نوفمبر. ورأى الأستاذ طارق زائر أن هذه الانتخابات «حققت نجاحا نسبيا بالنظر إلى الأصوات التي حاولت التشويش عليها... وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الوضع الحالي والظروف التي جرت فيها هذه الانتخابات». ولاحظ زائر من جهة أخرى أن هذه الانتخابات «جرت في ظل أجواء جد حسنة، وأنها عرفت هدوءا والتزاما من طرف المواطنين ووعيا بأهمية وحساسية المرحلة»، معتبرا هذه الانتخابات بمثابة «محطة أساسية وخطوة أولى لتنزيل مقتضيات الدستور الجديد». وذكر الأستاذ زائر في الختام بأن هذه الانتخابات تمثل مرحلة أولى من أجل وضع الأسس لانبثاق حكومة عن الغرفة الأولى للبرلمان (مجلس النواب)، مشيرا إلى أن «هذه الحكومة ستكون على موعد مع تحديات كبرى تهم بالأساس انطلاق مجموعة من الأوراش الكبرى سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي». وفي نفس السياق، أكد رئيس المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الإستراتيجية والدولية، عبد الحق عزوزي، أن المغرب نجح، بتحقيق نسبة مشاركة في الانتخابات التشريعية تناهز 45 بالمائة، في رفع تحد كبير. وقال العزوزي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن «المغرب ربح، من خلال تحقيق هذه النسبة، تحديا كبيرا، لأن الأحزاب هي الفاعل الوحيد الذي يمكنه بلورة المطالب الاجتماعية في مطالب سياسية». وأضاف العزوزي أن هذه النسبة تعكس، من جهة أخرى، الإرادة المعبر عنها سلفا في خلال الاستفتاء حول الدستور، من خلال تحقيق التغيير عبر ميثاق سياسي يحظى بإجماع كل مكونات المشهد السياسي. وأوضح رئيس المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الإستراتيجية والدولية أن «هذه النسبة، التي تفوق بكثير تلك المسجلة سنة 2007، تعكس أيضا نضج المغاربة من أجل تغيير العادات السياسية التي أضحت جزء من الماضي»، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق كذلك ببروز مؤشر للثقة في العلاقات بين الأحزاب والناخبين. وأبرز العزوزي أن «هذه الثقة المسترجعة ستمكن، بما لا شك فيه، من تجديد النخبة، وتعزيز المد التحرري في المجال السياسي، وتأكيد الاستثناء المغربي في منطقة مغاربية وعربية تشهد الغليان». وخلص العزوزي إلى أن «المملكة اختارت سبيل الحكمة، والإنصات من دون إراقة للدماء (...) وهذا سيمكن الفاعلين السياسيين والأحزاب من بناء مغرب الغد وكلهم ثقة في المؤسسات»، مشيرا إلى أن ذلك هو الوسيلة الوحيدة لمواصلة المسيرة وتعزيز هذا الاستثناء المغربي بشكل متزايد. من جهته، أكد عبد العزيز قراقي، الأستاذ بكلية الحقوق السويسي بالرباط أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية، التي جرت الجمعة، تشكل «تحولا نوعيا في المسار الديمقراطي ببلادنا». وأوضح الأستاذ قراقي، أن هذه النسبة «تعادل في الغالب نفس النسب التي تسجل في الديمقراطيات العريقة». وأضاف أن هذه النسبة تبقى مقبولة ومعقولة، إذا ما قورنت بنسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 (37 في المائة)»، وتؤكد، مجددا، أن «المجتمع المغربي يعيش دينامية سياسية وأنه منخرط بشكل فعال في المسلسل الديمقراطي الوطني بعد المصادقة على الدستور الجديد». وسجل الأستاذ قراقي أن هذه النسبة تشكل «نموذجا لممارسة سياسية متقدمة على الصعيدين العربي والمتوسطي»، مشيرا إلى أن هذه الاستحقاقات ستمكن من إفراز نخب جديدة قادرة على تسيير شؤون البلاد. وأكد أن هذه المحطة الانتخابية «الهامة» تشكل «امتحانا مهما للنخب السياسية، لأنها ستفرز أول برلمان منتخب يتمتع بصلاحيات مهمة، وكذا أول رئيس حكومة من الحزب الذي يتصدر نتائج الاقتراع، وذلك وفقا لمقتضيات الدستور الجديد». وحول الأجواء التي مر فيها الاقتراع، قال قراقي إن العملية الانتخابية لثامن استحقاقات تشريعية تشهدها المملكة «مرت في أجواء تتسم بالرصانة والحكمة والتعقل بين مختلف المرشحين، إذا ما استثنينا بعض الأحداث العرضية التي قد تحدث في إطار التنافس».