أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال جلسة العمل التي عقدتها مساء يوم الاثنين الماضي، مع أعضاء اللجنة البرلمانية الاستطلاعية المؤقتة حول مقالع الرمال والرخام، على أهمية ضبط مسطرة استغلال المقالع وعلى احترام حقوق العاملين فيها في ارتباط بموضوع المقاولة وحقوق الإنسان. وتأتي جلسة العمل هاته لرئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في إطار التفاعل مع هذه المهمة الاستطلاعية المؤقتة التي شكلها مجلس النواب في شهر ماي من السنة الماضية من أجل الوقوف على كل ما يحيط بملف المقالع سواء تعلق الأمر بمنح الرخص، والمستفيدين منها، والوقوف على جملة من الاختلالات التي سبق وأن رصدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والتي تطبع استغلال هذه المقالع، خاصة ما يسجل من استغلال مفرط وغير قانوني للملك العمومي، بل واستغلال بدون ترخيص. هذا وكانت اللجنة الاستطلاعية المؤقتة قد شرعت في مهمتها منذ الشهر الذي تشكلت فيه أي شهر ماي الماضي ، حيث تشمل المهمة التي من أجلها خرجت للوجود القيام بزيارات ميدانية لمناطق معروفة بتواجد المقالع، ورصد مدى تأثير هذه الأخيرة على البيئة وصحة السكان والبنية التحتية، وماهي القيمة المضافة اقتصاديا واجتماعيا سواء للمنطقة أو السكان، كما ستعقد لقاءات مع مختلف المسؤولين المعنيين والفاعلين محليا ووطنيا في مسعى لبلورة خلاصات على أساسها يتم صياغة إطار تشريعي جديد يراهن عليه من أجل تقوية آليات الترخيص والرقابة لاستغلال الموارد الطبيعية، خاصة الماء والمقالع التي باتت تتعرض للاستغلال المفرط وغير القانوني. ويمكن اعتبار أن تشكيل اللجنة الاستطلاعية حول مقالع الرمال والرخام، تأتي على خلفية الرأي الذي أصدره وصادق عليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي، قبل أكثر من سنة بقليل ، وذلك خلال انعقاد الدورة العادية 149 لجمعيته العامة، والذي دعا فيه إلى إدخال تعديلات على الإطار التشريعي والتنظيمي الخاص باستغلال المقالع، بهدف تقوية آليات الترخيص والرقابة لاستغلال الموارد الطبيعية، والقطع مع التجاوزات المسجلة على مستوى استغلال الماء والمقالع ولمنع حدوث المزيد من أشكال التدهور الذي باتت عليه هذه الموارد الطبيعة، وجعل الترشيد يعم تدبير هاتين الثروتين لما لهما من ثقل في مسلسل التنمية السوسيو اقتصادية،خاصة، حسب تنبيه المجلس أن الماء هو منبع الحياة والمحرك الأول لقطاع الفلاحة، فيما المقالع تعد الحجر الأساس في قطاع البناء . وحرص المجلس، على التأكيد على الحمولة الاقتصادية لهذه المقالع، والتي يترجمها عددها الهائل،وفق ما تضمنه ملخص منطوق رأيه حول هذا القطاع، حيث أشار إلى وجود أكثر من 2000 مقلع مرخص بشكل قانوني ، بما يمثل نسبة 57 في المائة منها نشيطة وفق إحصائيات أوردتها وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك قبل عشر سنوات،حيث سجل آنذاك أن القطاع يوفر نحو 20 ألف منصب شغل، هذا عدا عن المقالع السرية والتي تهم في الغالب مقالع الرمال التي يتم نهبها في الخفاء. فيما يلاحظ أن المهمة الاستطلاعية حرصت على التركيز على مقالع الرمال والرخام، دون أن تمس بموضوع الماء، فيما المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وقف حسب ما جاء في رأيه السالف الذكر، على الاستغلال المفرط لمصادر المياه، والتي أظهرتها بشكل جلي موجة الجفاف، وفق تعبير المجلس ، حيث وقفت السلطات على إقدام البعض على حفر الآبار بدون ترخيص ، واستغلال منابع المياه سواء الجوفية أو السطحية من طرف أصحاب الضيعات في سقي الأراضي عوض تركها كمياه للشرب لفائدة الساكنة خاصة في العالم القروي. وأظهرت دعوة المجلس، لتقوية آليات الترخيص والرقابة لاستغلال الموارد الطبيعية، على أن منطوق القوانين الجاري بها العمل تتطلب إجراء بعض التعديلات لسد الثغرات والنقص الحاد الذي أظهره تطبيقها، اساسا القانون رقم 13-27، المتعلق باستغلال المقالع، والذي لم يتمكن من القضاء على ظاهرة نهب الرمال التي تشهدها بعض المناطق، وكذا الأمر بالنسبة للقانون95-10 الخاص بالماء، والذي يتطلب تعديلات لوقف الاستغلال غير القانوني وبدون ترخيص، خاصة وأن الاستغلال المفرط للملك العمومي المائي بدون ترخيص تجلى بشكل لافت في مئات الحالات وثقتها المحاضر التي صاغتها السلطات المعنية ووجهتها للنيابة العامة.