حطت القافلة التواصلية التاسعة حول قانون المالية، التي ينظمها منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، الجمعة الماضية، رحالها بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية . وهمت هذه الدورة مقاربة مستجدات قانون المالية 2024 وبحث علاقته بالاستدامة من خلال شعار الدورة "قانون المالية 2024". وشارك في الندوة عدد من الأساتذة الجامعيين والباحثين بمداخلات ناقشت الموضوع من زويا متعددة وخاصة ما يتعلق بالجانب الضريبي؛ وفي هذا الصدد أكد الدكتور جواد العسري أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية على أن "قانون مالية سنة 2024 يصطدم مع المادة 20 من اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والتي صادق عليها المغرب في 9 ماي 2008 من خلال تضريب الإثراء غير المشروع في قانون مالية سنة 2024، في ضوء شمول الموظفين لمسطرة فحص مجموع الوضعية الضريبية بموجب تعديل المادة 216 من هذا القانون". وذكر الخبير في المجال المالي والضريبي نفسه، في مداخلة له تحت عنوان "فحص مجموع الوضعية الضريبية في ضوء قانون مالية سنة 2024" أن فحص مجموع الوضعية الضريبية تقرر أول مرة في المغرب بموجب قانون مالية سنة 1993 والذي عدل المادة 105 من القانون 17.89 المنظم للضريبة العامة على الدخل حيث تقوم المسطرة على رصد مجموع النفقات التي التزم بها الخاضع برسم سنة معينة ومقارنتها بدخله، وفي حال ثبوت أن النفقات تتجاوز الدخل تفرض الضريبة على الفرق. وستطرد الدكتور العسري: "بعد فحص الخاضعين لهذه المسطرة في الدخل المهني والفلاحي و العقاري بموجب قانون مالية سنة 2020 عاد المشرع بموجب قانون مالية سنة 2024 ليشمل جميع الخاضعين وغير الخاضعين للضريبة على الدخل ". وزاد الدكتور العسري قائلا: "إن التشريع المالي الضريبي أصبح يطرح عدة تساؤلات: أولها غياب الأمن القانوني وثانيها تسجيل ضبابية النص من خلال عبارة "أي شخص تربطه صلة" وبالتالي فسح المجال لأعمال سلطة الإدارة التقديرية في التضريب، وثالثها ما مصير اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد المالي ؟ ورابعا هل تراجع المشرع عن تنزيل المقتضيات الجنائية واكتفى فقط بتضريب الإثراء غير المشروع؟". يذكر أن المغرب صادق اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد الموقعة بنيويورك التي تجرم الإثراء غير المشروع سنة 2003، كما تعتبر المرجعية الدستورية هي عمود تجريم الإثراء غير المشروع، حيث نص دستور 2011 في فصله الأول على أنه "من الأُسس التي يقوم عليها النظام الدستوري للمملكة المغربية ربط المسؤولية بالمحاسبة، والمرجعية الاتفاقية المتمثلة أساسا في مقتضيات المادة 20 من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب والتي تنص على أن كل دولة طرف، رهنا بدستورها ونظامه في اعتماد تدابير تشريعية تجرم الموظف العمومي في حالة الإثراء غير المشروع" . ومن جهة أخرى عرف تجريم الإثراء غير المشروع وفق التعديلات الجديدة التي تضمنها مشروع القانون الجنائي سجلا قويا أججه سحب الحكومة له من البرلمان منذ أكثر من سنتين.