لعل الخبرة وعدم التمرس بالبطولات القارية عوامل تنقص فريق المغرب الفاسي في مشواره على الصعيد القاري، لكنها ليست كافية للطعن في مستواه أو إصدار أحكام من هذا القبيل.. والدليل أن الفريق أبان عن مستوى طيب خلال ذهاب نهائي كأس الاتحاد الإفريقي بتونس العاصمة أمام النادي الإفريقي التونسي، وعاد إلى الديار بهزيمة صغيرة لم تبدد أحلامه في إحراز اللقب. فإلى الآن فكلا الفريقين يملكان حظوظا وافرة لإحراز كأس (الكاف)، ولعل ما رجح كفة الفريق التونسي هو خبرته وتمرسه على المستوى الإفريقي، وهو الشيء الذي يفتقده الماص الذي يبقى بلوغه المباراة النهائية إنجازا باهرا يحسب لكافة مكونات الفريق الفاسي، ولكنه لا يلغي حظوظه في بعثرة أوراق النادي الإفريقي في لقاء الإياب بفاس .. كل شيء ممكن. ولنتذكر أن الفتح الرباطي حامل اللقب، أحرز لقب المسابقة في مشاركته الأولى. ولعلها فرصة سانحة أمام «النمور الصفر» لإعادة السيناريو وضم النادي الإفريقي إلى سلسلة المقبورين بفاس. مستوى الماص خلال المباراة كان جيدا واستطاع أن يفرض نفسه كمنافس قوي ولا يستهان به. فإن تتلقى هدفا مبكرا في الدقيقة السابعة من المقابلة وتحافظ على تركيزك دون أن تستقبل شباكك هدفا آخرا، بل تبادر إلى الهجوم لتسجيل هدف خارج الميدان كان سيعقد المر على أصحاب الأرض، فهذا يعني أنك تمتلك فريقا منظما في كافة جبهاته، ومباراة السبت أثبتت أن الخطوط الفاسية تعمل بشكل جيد ويلزمها قليل من الوقت والحظ. هذا الأخير كان الشيء المفقود، ولولا معاندته لكانت المباراة قد أخذت منحى آخرا، حيث كان الماص قريبا من التعديل لكن اللمسة الأخيرة كثيرا ما عاندت اللاعبين في ذلك. شيء آخر.. فأشبال رشيد الطاوسي أبانوا عن روح قتالية عالية حتى بعد طرد الزكرومي، ولن نبخس حارسه الزنيتي حقه من عبارات الإطراء والثناء، فهو أيضا تألق في أكثر من مناسبة ووقف سدا منيعا أمام المد التونسي الذي كان يبحث عن تعزيز النتيجة بهدف ثان، وهو ما لم يتأت له بفضل روح الجماعة التي كانت أفضل سلاح واق لممثل كرة القدم المغربية من الهجمات التونسية. الماص تغلب في هذا اللقاء على مجموعات من الصعوبات، تغلب على ضغط المباريات الكثيفة، والتي ترحمه وأجبرته على خوض ثلاث مباريات في ظرف أسبوع واحد، ورغم ذلك لم يظهر الفريق الفاسي متأثرا بذلك إذا أضفنا تعب السفر إلى تونس، وكان قريبا من الخروج بنتيجة أكثر إيجابية من الخسارة بهدف وحيد، دون أن ننسى مزية إجراء مباراة العودة بميدانه. ولعل لانتصاره الأخير على الوداد في كأس العرش كان وقعا حسنا لدى نفسية اللاعبين الذين باتوا مؤهلين لصعود منصات التتويج الإفريقي، وأرسلوا رسائل إلى الأندية الوطنية أنهم قادمون بقوة في البطولة الاحترافية، ولكن بعد الحسم في بعض الأمور مع النادي الإفريقي والنادي المكناسي في نهائي كأس (الكاف) ونهائي كأس العرش. صحيح أن النادي الإفريقي يتمتع بميزة الانتصار الذي حققه بقواعده بهدف ألكسيس مندومو، على ملعب رادس الذي لا يجلب ذكره للجمهور المغربي إلى ذكريات محزنة.. ذكريات ضياع أغلى الكؤوس الإفريقية من يد الكرة المغربية لصالح نظيرتها التونسية التي أثبتت تفوقها في واحد من النزالات الثلاثة، وأمام جماهير غفيرة فاقت الخمسين ألف متفرج، استطاع النادي الإفريقي أن يحقق فوزا هزيلا لم يحسم به مسألة اللقب، رغم أن الشارع التونسي أظهر تفاؤلا مبالغا فيه وصل إلى درجة أن الإفريقي سيعود باللقب من قلب العاصمة العلمية. نتمنى أن لا يحدث هذا. وأن تكون آمال التوانسة مجرد أوهام تتلاشى بأقدام بورزوق وحلول والشطيبي في لقاء الذهاب بفاس. هنا لا بد من الإشارة إلى الروح الرياضية التي أبان عنها الجمهور الفريق التونسي، وتجعلنا نقف احتراما لهذا الفعل النبيل الذي ينم عن أخلاق عالية من أشقائنا التونسيين، عندما رفعت جماهير الفريق المضيف شعارات تطالب السلطات التونسية بالإفراج عن المعتقلين من جماهير فريق الوداد على خلفية الأحداث الأخيرة التي شهدها ملعب رادس وأدت إلى اعتقال 9 من أنصار الوداد، والأكيد أن الجمهور الفاسي، سيرد بالمثل وأكثر وسيتقبل الفريق والجمهور التونسي أحسن استقبال دون التنازل عن حقوقه المشروعة في انتزاع اللقب والإبقاء عليه بالخزينة المغربية. الآن.. أصبح المغرب الفاسي مثقلا بمهمة وطنية وهي الدفاع عن سمعة الكرة المغربية، بعد سقطة الوداد. الماص سيكون أمام فرص لتحقيق أشياء كثيرة. فالتتويج بكأس (الكاف) سيعني أن «النمور الصفر» سيغدو الأقوى على الصعيد الوطني. التتويج سيكون تتويجا للكرة المغربية وكسرا للعقدة التونسية. تتويج الماص بالكأس سيفتح أمامه بابا لمواجهة الترجي في كأس السوبر الإفريقي، التتويج سيكون فاتحة خير لكؤوس وألقاب قادمة.. ولا داعي أن نتخوف من تكرار كابوس الوداد المخيف .!!