التجارب التي أنجزت للحد من تهديد الظاهرة لم تحقق الفعالية المنشودة تشكل ظاهرة زحف الرمال أحد أبرز التحديات البيئية التي تواجه مدينة طرفاية الواقعة على الساحل الأطلسي على بعد حوالي 100 كلم شمال مدينة العيون; وذلك بالنظر إلى موقعها على مسار الممر الرملي الغربي مباشرة بعد منطقة انطلاق الرمال. ومن العوامل المؤدية إلى حدوث هذه الظاهرة، التي تستأثر باهتمام الخبراء والتقنيين الذين بذلوا جهودا ولا يزالون يواصلونها من أجل إيجاد حلول ناجعة لهذه المشكلة البيئية، قلة الغطاء النباتي وضعف تماسك بنيات التربة ووجود طاقة هائلة لإنتاج الرمال، جراء الشواطئ الشاسعة والصخور الرملية والهضبة القارية الفسيحة التي تكسوها تكوينات سهلة الحركة. ويستفاد من التشخيص البيئي لمدينة طرفاية، في إطار تنفيذ ومواكبة برنامج المذكرة 21 المحلية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، بأن التجارب التي أنجزت للحد من تهديد ظاهرة زحف الرمال لم تحقق الفعالية المنشودة حيث أتبتت النتائج أن إنتاج الرمال على ساحل طرفاية يظل أقوى من قدرة هذه التجارب على صدها. وحسب التشخيص نفسه، فان التيارات الهوائية تمكنت من جرف كميات لا يستهان بها من الرمال انطلاقا من شاطئ طرفاية، لتتعرض بذلك المنشآت الطرقية والتجمعات السكنية وكذا ميناء المدينة لمخاطر الترمل. ومن بين التجارب التي أنجزت على مستوى مدينة طرفاية لمواجهة هذه الظاهرة والتغلب على آثارها وانعكاساتها السلبية على التنمية، بناء حائط وقائي واستعمال أنواع نباتية محلية لتحقيق تثبيت بيولوجي للكثبان الرملية. وأمام النتائج المتواضعة لهذه التجارب، وضعت المندوبية السامية للمياه والغابات بالعيون في إطار شراكة مع وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب ووكالة الحوض المائي للساقية الحمراء ووادي الذهب وعمالة إقليم طرفاية والمجلسين الإقليمي والبلدي لطرفاية، برنامجا على مدى ست سنوات يهدف إلى حماية المدينة من زحف الرمال وخلق منطقة خضراء بغلاف مالي تتجاوز قيمته 44 مليون درهم. وأوضح المدير الجهوي للمياه والغابات ومحاربة التصحر السيد أحمد بنسويبة أن هذا المشروع، الذي انطلق في غشت الماضي، يهم إحداث حزام أخضر شمال المدينة على مساحة 300 هكتار وبناء حاجز رملي على طول 22 كلم، وإنجاز أشغال التثبيت الميكانيكي والبيولوجي للرمال، وتوفير مياه السقي، وحراسة وصيانة منشآت المشروع. وأبرز المسؤول، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر ستساهم في إنجاز هذا المشروع ب37 مليون 200 ألف درهم; حيث ستتولى عملية توفير الأغراس اللازمة، وإنجاز أشغال التثبيت الميكانيكي والبيولوجي للرمال بمعدل 60 هكتارا في السنة، وصيانة محيطات التشجير، وبناء الحزام الرملي بمعدل 5ر5 كلم في السنة. وأوضح بنسويبة أن المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر ستستعمل في عملية التثبيت الميكانيكي والبيولوجي للرمال أنواع نباتية محلية ك «الطرفاء» التي تتحمل ملوحة التربة وتستفيد من المستوى المرتفع لرطوبة الجو. وحسب عمالة إقليم طرفاية، فإن هذا البرنامج ستتم مواكبته بعملية شاملة لإزاحة الرمال من أحياء المدينة ومن مدخلها الشمالي، سيخصص لها اعتمادات مالية تناهز 7 ملايين درهم. وكان أعضاء المجلس الإقليمي لطرفاية قد دعوا، في إطار الدورة العادية للمجلس التي انعقدت في مارس من السنة الجارية، إلى إيجاد حلول أكثر نجاعة لهذا التحدي البيئي الكبير الذي يواجهه الإقليم، وفق تصور يأخذ بعين الاعتبار المشاريع المستقبلية لمدينة طرفاية، مع المطالبة برفع سقف الدعم لمحاربة زحف الرمال واستحضار الظاهرة في عملية تحديد الاعتمادات الخاصة بعملية الصيانة. ومما لا شك فيه فإن التدبير العقلاني لظاهرة زحف الرمال سيشجع على المزيد من الاستقرار بالمنطقة، وسيساعد على إقامة نسيج حضري مؤهل لجذب الاستثمارات وكسب رهان التنمية المنشودة، خصوصا أن الإقليم لديه من الإمكانيات السياحية والثروات السمكية المتنوعة والمؤهلات في مجال الطاقات المتجددة ما يمكنه من تحقيق هذا الهدف.