أبدع المخرج السينمائي "ماركوس ألتوف" في فيلم "عيون الأرض" حين تحدث بتشويق عن السلحفاة المغربية، كأحد الأنواع المهددة بالانقراض، مشيرا إلى أن تحديد وجود أو عدم وجود هذا النوع في البر يستلزم تعاون العلماء مع الرعاة، أولئك الذين يعرفون أفضل أسرار الأرض. نفس المقاربة يستلزم نهجها على السلاحف البحرية لكونها تواجه ضغوطا بشرية وطبيعية متعددة أدت إلى انخفاض أعدادها. يتطلب تظافر جهود الباحثين مع نشطاء وفعاليات موازية لإبراز دور السلاحف البحرية في الحفاظ على النظم البيئية البحرية والبرية. وضرورتها للتنوع البيولوجي للمحيطات. ومكنت الأحافير، بالمغرب، من العثور على بقايا حفرية لسلحفاة عبارة عن أنف أنبوبي ينتهي بفم صغير مدور ومفتوح نحو الأمام، يشبه إلى حد كبير رأس فرس النهر. وأكد الباحثون أنها لسلحفاة عملاقة وجدت وسط طين في حوض منجمي ضواحي مدينة خريبكة، ويعتقد أنها تعود إلى العصر الطباشيري أي قبل 67 مليون سنة. وفي الزمن القريب كانت معظم الأسر المغربية، وما تزال، تستضيف السلاحف البرية في منازلها وتدللها معتقدة أنها جالبة لمنافع كثيرة، في حين تعاني السلاحف البحرية من مختلف أنواع الضرر وحالات النفوق، والصيد العرضي، والوقوع في الشباك، وابتلاع النفايات البلاستيكية في البحر والاصطدام بالبواخر. ومن حسن الحظ أن المغاربة يعافون لحومها وأنها غير مستهلكة في المطبخ المغربي، ولا مكان لها على المائدة المغربية. يحكى أن السلاحف ساعدت العديد من البحارة، الذين اكتشفوا مناطق جديدة، للبقاء على قيد الحياة، لكن تبين أن الإنسان ناكر الجميل، إذ انتهى الأمر بالسلاحف في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض الصادرة عن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة. ويؤكد مختلف الباحثين أن السلاحف لديها قدرات ملاحية مذهلة، إذ تحدد بدقة مكان ولادتها، وتعود الإناث لنفس الشواطئ للتعشيش. وحتى بعد سنوات عديدة تتذكر مكان ولادتها، ويفترض أنها تسترشد بالمجال المغناطيسي للأرض. لكن هناك رأيا آخر يقول إن الأمر لا يعدو أن يكون نتيجة لاستخدام حاسة الشم القوية لديها. تلعب السلاحف البحرية دورا مهما في النظم البيئية البحرية وتساعد في الحفاظ على صحة الشعاب المرجانية، ومروج الأعشاب البحرية. وتتغذى عن طريق الحفر ونحت القاع، تساهم في إعادة تدوير العناصر الغذائية الهامة وتحافظ على التوازن في رواسب القاع. كما تحمل أنواعا مختلفة من النباتات والحيوانات الصغيرة على قوقعتها، والتي تعمل بدورها كملجإ مهم للأنواع والكائنات المختلفة. تبدو غير وسيمة لكنها وديعة، ورشيقة وهي تمخر عباب البحار بجسم انسيابي وأطراف أمامية، وزعانف تشبه المجاديف تساعد الإناث على حفر أعشاش في الرمال لوضع البيض، كما تمكنها من السباحة بلا كلل. تقضي جل حياتها في الماء، تذهب إلى الشاطئ فقط لتضع بيضها. يجب أن تصل الإناث إلى الشاطئ لتضع بيضها في الرمال، وحينها تبدأ هجرات دورية من وإلى شواطئ التعشيش. لذلك تبدأ جميع السلاحف البحرية حياتها كفراخ صغار على الشاطئ. ولا تخرج الذكور إلى اليابسة. خلال التفقيس، يخرج صغار السلاحف البحرية من أعشاش الحفرة، مسرعين نحو مياه المحيط لينجو منهم عدد قليل، حيث يتم اصطيادهم في اليابسة أو في الماء. ومن تمكن من البقاء على قيد الحياة، قد يبلغ متوسط عمره المتوقع 80 سنة. تتسم السلحفاة البرية بالبطء لكن السلاحف البحرية سريعة يمكن أن تبلغ حركتها في الماء 35 كيلومترا في الساعة، خصوصا السلحفاة جلدية الظهر التي تتكيف مع الحياة في البحر وتحافظ على روابط قوية مع البر في الآن نفسه. السلاحف البحرية هي زواحف كبيرة ذات رئتين. جفونها العلوية كبيرة تحمي أعينها عند البحث عن الطعام بين الشعاب المرجانية. ليس لديها أسنان. كما أن آذانها غير مرئية. تسمع بشكل أفضل عند الترددات المنخفضة، وحاسة الشم لديها قوية. للذكور ذيل أطول وأقوى من الإناث. لدى الذكور مخالب أطول على زعانفهم الأمامية، مما يساعدهم على التمسك بقوقعة الأنثى عند التزاوج. لها قوقعة في الأعلى محدودبة، تتكون من قاعدة عظمية تساعد على الحماية من أهم مفترسيها، سمك القرش. وتجنبها من التعرض للأذى بسبب الشعاب المرجانية والصخور الحادة. لكل نوع من أنواع السلاحف البحرية نموذج غذائي، منها آكلة اللحوم في المقام الأول وتتغذى على قنديل البحر والقواقع وسرطان البحر والروبيان والقشريات والأسماك والرخويات، وأخرى نباتية تفضل الأعشاب البحرية والأعشاب البحرية والطحالب. البروفيسور مصطفى أكسيسو يباشر أبحاثه حول السلحفاة البحرية ضخمة الرأس انخفاض عدد السلاحف البحرية الخضراء التي تتغذى على الأعشاب البحرية، يقود نحو تضخم الغطاء النباتي. مما يحجب وصول الضوء إلى قاع البحر ويزيد من زيادة التحلل الذي يؤدي إلى نمو الوحل ويصبح قاع البحر مكتظا بالطحالب والفطريات والكائنات الدقيقة واللافقاريات. ويؤكد البروفيسور مصطفى أكسيسو أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم بجامعة عبد المالك السعدي أنه يوجد نوعان من السلاحف البحرية على طول الساحل المتوسطي بالمغرب: السلحفاة ضخمة الرأس (Caretta caretta) والسلاحف الجلدية (Dermochelys coriacea). انطلقت عملية التنقيب بالمغرب عن مواقع تفريخ السلاحف البحرية وجنوح بعضها في الشواطئ المغربية بالبحر المتوسط، وكذا المحيط الأطلسي مند سنة 1999، بداية من قبل الدكتور"مانجولا تيواري" (Dr. Manjula Tiwari) بالمغرب، بالتعاون مع المعهد الوطني لبحوث المصايد(INRH). ولاحقا، في عام 2003، مع جامعة عبد المالك السعدي في تطوان. ويذكر أنه في الخمسينيات من القرن الماضي، تم الإبلاغ عن معلومات حول إمكانية مواقع تعشيش لسلحفاة من نوع ضخمة الرأس، (CARETTA CARETTA)، والسلحفاة الخضراء (CHELONIA MYDAS) ، في جنوب المغرب. ولكن يبدو أن الدراسات الأخيرة بالسواحل المغربية تشير إلى حدوث انخفاض كبير واختفاء التعشيش من هذه السواحل. وعثر على جثث وقواقع السلاحف التي تم صيدها عن طريق الخطأ في الشباك أو جانحة على الشواطئ. وأفادت الدراسات الاستقصائية للصيادين أنهم يواجهون السلاحف البحرية بانتظام في البحر وكثيرا ما يصطادونها في شباك الصيد، يضيف البروفيسور مصطفى أكسيسو. وحللت محتويات الجهاز الهضمي لسلاحف بحرية ضخمة الرأس (Caretta carreta) وجدت جانحة على طول الساحل الشمالي الغربي للمغرب، وذلك بغية فهم مناطق التغذية أو موطن السلاحف البحرية، في أفق تجنب تأثير الصيد العرضي. وتم فحص المحتويات الهضمية لعشرين سلحفاة ضخمة الرأس نافقة في شمال غرب المغرب بين عامي 2002 و2007. وأظهر وزن الفرائس نظاما غذائيا متنوعا للغاية. تم التعرف على 41 نوعا تنتمي إلى 8 فصائل، تهيمن عليها الأسماك والقشريات والرخويات. كما تم العثور كذلك على نفايات بشرية المنشأ في محتويات الجهاز الهضمي. تتغذى السلاحف البالغة بشكل كبير على الفرائس القاعية بينما تتغذى الصغار على فريستها البحرية بكميات كبيرة. ذلك أن الفئة من حجم بين 50 و70 سنتيمتر وطول القوقعة (شبه البالغين) تستهلك 63 في المائة الفريسة القاعية و37 في المائة الفريسة البحرية. ويزداد تنوع أنواع الفرائس المستهلكة مع زيادة حجم السلاحف. وأجرى فريق علمي متخصص بحثا تم على نطاق مكاني (حوالي 324 كيلومتر) وزماني كبير امتد لحوالي 24 عاما، من 1998 إلى سنة 2022، على سلاسل السلاحف البحرية في شمال غرب المغرب. وتم تسجيل ما مجموعه 208 من السلاحف الجانحة. ومن بين هؤلاء 184 (88.47 في المائة) من السلاحف ضخمة الرأس (Caretta carema) و21 (10.09 في المائة) من السلاحف جلدية الظهر و(Dermochelys coriaces) و3 (1.44في المائة ) من السلاحف البحرية غير معروفة. تشهد جنوح أكثر عدد في فصل الصيف وأوائل فصل الربيع، حيث تتواجد أكبر سفن الصيد بشباك الجر، والشباك الكيسية والصيد بالخيوط الطويلة بالقرب من الساحل المغربي. كانت غالبية السلاحف ضخمة الرأس التي تم قياسها من الأفراد شبه البالغين (81 في المائة)، في حين أن السلاحف جلدية الظهر الجانحة تضمنت الكبار والبالغين. واظهرت البيانات أن المياه الساحلية المغربية توفر موطن تنمية مهمة للبحث عن الطعام و/ أو ملجأ الهجرة للسلاحف ضخمة الرأس والسلاحف الجلدية الظهر، وقد يكون الصيد العرضي وضربات القوارب في مصايد الأسماك من بين التهديدات الرئيسية للسلاحف البحرية في المياه المغربية. وشكلت هذه الدراسة خط أساس مهم لتطوير جهود الحفاظ على السلاحف البحرية في المياه القريبة من الساحل المغربي للبحر المتوسط. وتعد هذه الدراسة هي أول دراسة طويلة المدى لسلاسل السلاحف البحرية على طول الساحل المغربي الشمالي الغربي، وتوفر معلومات مفيدة للحفاظ على هذه الزواحف في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. وتوضح نتائج الدراسة الحالية بعض جوانب بيولوجيا السلاحف البحرية وأسباب نفوقها في شمال غرب المغرب. ومع ذلك، فإن المعرفة حول السلاحف البحرية في المياه المغربية لا تزال محدودة، ويلزم تكثيف الجهود والتركيز على فهم وجودها في مناطق البحث عن التغذية، مع تسليط الضوء على الحاجة إلى دراسات إضافية لتحديد الحركات الموسمية والموائل وتوصيف التركيب العددي والديموغرافيا لتسهيل جهود الحفظ والتدبير. وقالت الدكتورة وفاء بنهردوز، متخصصة في التنوع البيولوجي البحري وأمينة جمعية حماية السلاحف البحرية بالمغرب (ATOMM) ، أن الدراسة حول السلاحف البحرية كانت قبل سنة 2000 شبه منعدمة حيث اقتصرت حول بعض الملاحظات حول نفوق هذه الكائنات في بعض شواطئ المملكة المغربية. واقترحت أن تدابير المحافظة على هذه الكائنات البحرية يستلزم أولا إجراء دراسة وبحوث علمية في مختلف المجالات المتعلقة بدورة حياتها. ومنذ سنة 2002 أجريت دراسة في إطار تحضير لبحث دكتوراه حول السلاحف تحت إشراف البروفسور مصطفى أكسيسو، والتي اعتبرت الأولى من نوعها، وذلك في إطار مشروع شراكة بين كلية العلوم بتطوان والمنظمة الأمريكية "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" (NOAA) بمختلف شواطئ المملكة، أي على طول المحيط الأطلسي من طنجة الى العيون وبالبحر المتوسط من الفندق إلى الناظور وكذا مضيق جبل طارق. اشتملت الدراسة على مجموعة بحوث حول «إشكالية النفوق" و"النظام الغذائي" و"العامل الوراثي" والصيد العرضي. وأثبتت نتائج هذه الدراسات وجود ثلاثة أنواع من السلاحف البحرية: السلحفاة كبيرة الرأس (Caretta carreta) بنسبة 95 في المائة والسلحفاة الجلدية (Dermochelys coriacea) بنسبة 4 في المائة والسلحفاة الخضراء،(Chelonia mydas) بنسبة 1 في المائة. كما تم التوصل على أن النظام الغذائي للنوع (Caretta carreta) يتكون أساسا من الرخويات، والأسماك والكائنات المجوفة أهمها قناديل البحر. أما النظام الغذائي للنوع (Dermochelys coriacea) فيعتمد أساسا على قناديل البحر. كما بينت نتائج التشريح وجود أكياس ومواد بلاستيكية، فضلا عن مخلفات الصيد كالصنارات وخيوط شباك الصيد. واعتمادا على نتائج الفئة العمرية والنتائج الجينية تبين أن الفئة العمرية الأكثر انتشارا بالشواطئ المغربية هي الفئة اليافعة وشبه البالغة التي تنتمي للسلاحف التي تعشش بشواطئ الضفة الغربية للمحيط الاطلسي والضفة الشرقية للبحر المتوسط. وذلك اعتمادا على التحاليل الجينية المأخوذة من عينات السلاحف النافقة والمصطادة بالصيد العرضي. وعليه يفترض أن الشواطئ المغربية تعتبر مكانا لتغذية السلاحف البحرية المهاجرة من الضفة الغربية للمحيط الأطلسي والضفة الشرقية للبحر المتوسط. مختبر بكلية العلوم بتطوان، دة.وفاء بنهردوز (على يمين الصورة) خلال عملية اخذ القياسات لسلحفاة (Caretta caretta) النافقة بشاطئ تهدارت , استعدادا لعملية التشريح لمعرفة أسباب النفوق و لأخذ عينات من أجل الدراسة الجينية. وفي إطار دراسة علاقة الانتشار المهول لقناديل البحر، بشواطئ شمال المملكة المغربية، خصوصا في السنوات الأخيرة، أضافت الدكتورة وفاء بنهردوز أنه تم افتراض أن التلوث والتغيرات المناخية أدى الى تغيير العوامل الكيميائية والفيزيائية للبحر المتوسط. وباعتباره بحرا ضيقا وشبه مغلق فإن أي تغيير في العوامل الفيزيوكيميائية سيكون تأثيره أسرع وأكبر. من بين نتائج تغيير هذه العوامل، هو ازدياد نسبة الاخصاب لقناديل البحر. وبما أن السلاحف البحرية تعتبر من بين أهم مفترسي قناديل البحر خصوصا بشواطئ شمال المملكة التي تعتبر مكانا لتغذية السلاحف البحرية، فإن انخفاض عددها بسبب التلوث والصيد العرضي ساهم بشكل كبير في زيادة عدد قناديل البحر بشواطئ الشمال. وبالتالي أصبح للتأثير البيئي تأثيرا على المردود الاقتصادي في ظل انخفاض عدد سياح الوافدين لشمال المملكة، واجتماعيا لدى الصيادين للتسبب في تسمم الأسماك وشباك الصيد، فضلا عن التهامه لبيض يرقات الأسماك. وأوصت الدكتورة وفاء بنهردوز بوجوب تشجيع وتمويل البحث العلمي، لحماية السلاحف البحرية وجميع الكائنات البحرية المهددة بالانقراض. والعمل على تقليل التلوث وذلك من خلال تنظيم حملات تحسيسية ودورات تكوينية خصوصا بالمناطق الساحلية، والعمل على تغيير طريقة وأدوات الصيد لتغدو صديقة للبيئة، وتنظيم دورات تكوينية مستمرة للصيادين. وعبر عبد السلام البقالي، أحد الصيادين بمدينة المضيق، عن ارتياحه لاكتسابه معارف جديدة لم يكن يعلمها حول السلاحف البحرية، وذلك خلال حصص تدريبية استفاد منها رفقة زملائه بتأطير من جمعية حماية السلاحف البحرية بالمغرب. وثمن مجهودات كل من البروفيسور مصطفى أكسيسو والدكتورة وفاء بنهردوز. والدور الحيوي الذي يقومان به للتعريف بالدور الرائد ل"فكرون الما" ( "الفكرون" هو السلحفاة بالدارجة المغربية). " لقد أصبحنا نحترم هذا المخلوق البحري الذي يقدم لنا خدمة دون أن نعلم، يساعدنا على مكافحة الضرر الذي يلحقنا من جراء تكاثر قنديل البحر. كما تدربنا على مهارات وتقنيات فك "الفكرون" من الشباك التي يعلق بها، دون إذابته". وأضاف بحسرة "أصبحنا نخجل حين نجده قد ابتلع بعض النفايات البلاستيكية. لكن سنتلقى دروسا معرفية في دورة تدريبية أخرى قريبا وهذه المرة برفقة أولادنا وزوجاتنا". ولم يعد الآن تواجد قوقعات السلاحف تباع في أسواق مدن شمال المغرب على آلات موسيقية، كما كان في العقود الماضية، بفضل مساعي مختلف النشطاء والتوعية المستمرة إلى أن انعدمت هذا الظاهرة المثيرة للاشمئزاز. يشار أن المغرب أضحى قبلة للمجتمع الدولي المهتم بالحفاظ على السلاحف البحرية وبيئتها. حيث شهدت مدينة تطوان مؤخرا أكبر مؤتمر لتعزيز التعاون وتبادل الأفكار وتلاقح التصورات وتقاسم أحدث المعارف حول بيولوجيا السلاحف البحرية والحفاظ عليها في البحر المتوسط، نظمته جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم- تطوان وجمعية حماية السلاحف البحرية بالمغرب (ATOMM). يذكر أن تراجع السلاحف البحرية في الضفة المتوسطية بالمغرب، يستوجب تفعيل مختلف المبادرات والتوصيات الصادرة عن العلماء والمراقبين والناشطين البيئيين، وكذا متابعة وتقييم الاستراتيجيات السالفة، من قبيل أول استراتيجية عالمية تم إرساؤها من قبل مجموعة متخصصي السلاحف البحرية (IUCN) سنة 1995 في منطقة البحر المتوسط، وتلك التي قام بها برنامج الأممالمتحدة للبيئة "خطة عمل السلاحف البحرية" سنة 1999. تشكل حماية السلاحف البحرية تحديا لدى العلماء والباحثين والمهتمين والإدارة الوصية لكونها ستستخدم خلال حياتها العديد من البيئات الطبيعية التي تعيش فيها، البحرية والبرية، عابرة للحدود والمياه الدولية. مما يستوجب وجود تعاون دولي لمختلف دول ضفتي المتوسط، فضلا عن المحيطات الأخرى لكونها من الأنواع المهاجرة، ويتأثر مسارها بدرجة حرارة البحر وكذا بالتيارات البحرية، وهي ترجع بعد عقود إلى منطقة معينة من أجل وضع بيضها، مما يستوجب، حماية شواطئ التعشيش والتكاثر. ولا يكفي الحفاظ على شواطئ معينة دون أخرى تتجاوز الحدود الوطنية.