اشتباكات دامية في سرت والوضع الإنساني في تدهور شهدت مدينة سرت الليبية الأحد مواجهات عنيفة بين مقاتلي المجلس الوطني الليبي الانتقالي والقوات الموالية لمعمر القذافي في وقت أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن المدينة تعاني وضعا إنسانيا بائسا. وقال المقاتلون العائدون من الخطوط الأمامية أنهم باتوا يسيطرون على جزء كبير من منطقة بو هادي جنوب غرب المدينة، التي تعتبر معقلا للقذاذفة وللعديد من المقربين من معمر القذافي. وأعلن حلف شمال الأطلسي في بيان الأحد أن طائراته استهدفت السبت مقر تحكم وست آليات عسكرية ودبابة واحدة وموقعا للأسلحة المضادة للطائرات. وهاجم الثوار اليوم مواقع لقوات القذافي في وسط سرت بعد أن دخلوا من شمال شرق المدينة مستخدمين الأسلحة الثقيلة وبينها الدبابات، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس. وقال راضي لاغوري احد مقاتلي كتيبة عمر المختار التي تتولى الإشراف على عمل الدبابات في شرق سرت، أن «قوات القذافي تقصفنا صواريخ غراد وتستهدفنا بالقنص، ونحن نرد عليها باستخدام الدبابات والأسلحة الرشاشة». وقال الطبيب ونيس عبيدي أن «15 مقاتلا أصيبوا اليوم بجروح، فيما قتل أربعة في إطلاق نار عن طريق الخطأ بين الثوار أنفسهم». وكان ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر هشام خضراوي قال لوكالة فرانس برس مساء السبت أن السكان المحاصرين في هذه المدينة يموتون بسبب عدم توفر الخدمات الطبية الأساسية، مشيرا إلى انه زار سرت على رأس وفد من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وقدم للفريق الطبي في المدينة «300 وحدة إسعافات لمعالجة جرحى الحرب» إضافة إلى 150 كيسا للجثث. وأضاف أن مستشفى ابن سينا، المستشفى الرئيسي في المدينة، قصف بالصواريخ أثناء زيارته له مع وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وقال «لقد سقطت عدة صواريخ على المستشفى أثناء وجودنا بداخله»، منددا ب»القصف العشوائي» الجاري على نطاق واسع سواء كان قصفا بالصواريخ أو بالقذائف المضادة للدروع أو بالمدافع الرشاشة. وأوضح أن مصدر القصف على المستشفى كان على بعد اقل من كيلومتر واحد، من دون أن يتمكن من تحديده بدقة، لكنه أضاف أن القوات الموالية للقذافي ردت بإطلاق قذائف الهاون ورصاص القناصة. وأشار إلى أن أعضاء وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر «فوجئوا» بتعرض المستشفى للقصف أثناء زيارتهم له، لأنه «جرى إخطار كل الأطراف مسبقا» بهذه الزيارة. وأكد خضراوي أن المستشفى يفتقر إلى المياه لان خزان الماء فيه تضرر جراء المعارك، مشيرا إلى أن طاقم المستشفى ابلغ الوفد أن «الناس يموتون بسبب النقص في الاوكسيجين وفي الوقود اللازم لتشغيل مولد الكهرباء». كما أن العديد من الجرحى والمرضى لا يتمكنون من الوصول إلى المستشفى بسبب المعارك والغارات التي تنفذها طائرات حلف شمال الأطلسي، كما قال. وتواصلت حركة النزوح الأحد من سرت في سيارات وشاحنات اكتظت بالهاربين من المعارك. وقال علي فرج الخارج من المدينة مع عائلته فيما كان احد المقاتلين يدقق في هويته «هناك الكثير من الصواريخ، بالأمس كانت المعارك عنيفة، لذا لا نستطيع البقاء هنا». وكان مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الذي أطاح بنظام معمر القذافي في طرابلس، أمهلوا المدنيين في سرت يومين لمغادرة المدينة، وهي مهلة تنتهي الأحد. وقال رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل خلال مؤتمر صحافي في بنغازي السبت «أعطى الثوار المدنيين في سرت فرصة من يومين للخروج من المدينة»، مشيرا إلى أن هذه المهلة «بدأت الجمعة». ومع أن هجومهم على سرت بدأ قبل أسبوعين، إلا أن مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي لم ينجحوا حتى الساعة في السيطرة على مسقط رأس العقيد القذافي حيث يواجهون مقاومة شرسة من القوات الموالية له والتي لا تزال تدافع عن هذه المدينة الساحلية الواقعة على بعد 360 كلم شرق طرابلس. وتسيطر قوات المجلس الوطني الانتقالي على مرفأ سرت ومطارها لكنها لم تتمكن من السيطرة بصورة دائمة على بقية أنحاء المدينة. ونفى شخص قدم نفسه على انه موسى إبراهيم المتحدث باسم النظام الليبي السابق مساء السبت خبر اعتقاله من جانب مقاتلي النظام الليبي الجديد، وذلك في مداخلة مباشرة عبر الهاتف بثتها قناة الرأي التي تبث من سوريا. وأكد المتحدث أن «هذا الخبر كاذب وعار عن الصحة»، وأضاف «كنت قرب جبهة سرت مع 23 من المجاهدين وتعرضنا لهجوم» استمر يوما ونصف يوم «من جانب عصابات الناتو لكننا خرجنا بسلام وانتقلنا إلى جبهة أخرى». وفي بني وليد (170 كلم جنوب شرق طرابلس)، منع المقاتلون التابعون للمجلس الانتقالي العديد من الصحافيين من التوجه إلى مناطق المواجهات، بحسب ما أفاد مصور فرانس برس. وبعد ثلاثة أسابيع على انطلاق المعارك للسيطرة على المدينة، لا يزال الثوار عند هذه الجبهة يواجهون مقاومة عنيفة من قبل قوات القذافي، ويسعون للمحافظة على المواقع الأمامية داخل بني وليد التي سبق وان سيطروا عليها. ويتعرض هؤلاء يوميا إلى رشقات من صواريخ غراد والقذائف التي يطلقها الموالون للقذافي من المدينة، فيما يرد المقاتلون على مصادر النيران مستخدمين القذائف. واستقدم الثوار في بني وليد مجموعة من الدبابات والمدافع لاستخدامها في المعارك، فيما أعلن حلف شمال الأطلسي أن طائراته قصفت السبت مخزنا للاسحة وقاذفة للصواريخ في بني وليد.