عودة مفاجئة لصالح إلى اليمن وتوقعات بمعارك ضارية في الأيام القليلة القادمة عاد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى بلاده صباح أمس الجمعة بشكل مفاجئ بعد رحلة علاج في السعودية استمرت نحو أربعة أشهر إثر محاولة اغتياله أثناء صلاة الجمعة أوائل يونيو الماضي. وتأتي عودته رغم توقيعه مرسوما خوّل بموجبه نائبه عبد ربه منصور هادي التوصل إلى اتفاق لنقل السلطة في البلاد. وفي أول رد فعل على عودته توقع شباب الثورة تصاعد وتيرة الاحتجاجات المطالبة برحيله عن الحكم الذي قضى فيه 33 عاما. وقال التلفزيون الرسمي اليمني في خبر عاجل إن الرئيس صالح «عاد صباح أمس إلى أرض الوطن سالما بعد رحلة علاج في الرياض استمرت أكثر من ثلاثة أشهر». وكان صالح (69 عاما) قد نقل إلى الرياض يوم 4 يونيو الماضي بعد يوم من إصابته بحروق بليغة كادت تودي بحياته إثر تعرضه لهجوم أثناء صلاة الجمعة في مسجد بالقصر الرئاسي في العاصمة صنعاء. وخلال فترة وجوده في السعودية دارت تكهنات عدة بشأن عودته إلى اليمن أو بقائه خارج البلاد، وظهر صالح عدة مرات أمام عدسات التصوير أثناء علاجه ووجه ثلاثة خطابات إلى الشعب اليمني. وقبل أكثر من أسبوع من عودته قرر صالح يوم 13 سبتمبر الجاري تفويض نائبه منصور هادي إجراء حوار مع الأطراف المعنية بشأن المبادرة الخليجية، بغية وضع آلية لتنفيذ بنود المبادرة والتوقيع عليها في إطار زمني محدد، وبما يفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يتفق على موعدها وضمان انتقال سلمي وديمقراطي للسلطة. وفوض المرسوم الرئاسي «على نحو لا يجوز نقضه» النائب هادي في التوقيع على خطة مجلس التعاون الخليجي لنقل السلطة التي كان وافق عليها لكنه تراجع عنها مرارا. وفي أول خطاب له لليمنيين بعد تلقيه العلاج، بث التلفزيون الرسمي كلمة له مساء 7 يوليوز الماضي دعا فيها إلى تقاسم السلطة في إطار الدستور. وفي ثاني كلمة يوجهها عبر التلفاز لليمنيين، تعهد الرئيس صالح يوم 17 غشت الماضي بالعودة إلى اليمن قريبا، وتساءل: لماذا لا يلجأ اليمنيون إلى الحوار وصناديق الاقتراع للوصول إلى حل للأزمة التي يعانيها اليمن؟ وهاجم صالح -الذي بدا حينها في صحة أفضل بكثير مما كان عليه في ظهوره التلفزيوني الأول من مستشفى بالرياض- أحزاب المعارضة والقبائل التي انحازت إليها، ووصفهم بأنهم «قطاع طرق وانتهازيون»، وأبلغ المحتجين بأن حركتهم سُرقت. وعاد صالح إلى الظهور مجددا في خطاب وجهه يوم 30 غشت الماضي بمناسبة حلول عيد الفطر، أعلن فيه التزامه بإجراء انتخابات رئاسية وبالمبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن. وفي أول رد فعل على عودة صالح المفاجئة إلى صنعاء، قال الناشط في الثورة الشبابية محمد المقبلي للجزيرة إن رجوع الرئيس اليمني سيضاعف الاحتقان في الشارع «لأنه أساس المشكلة». وأشار إلى أن عودة صالح ستساهم في رفع وتيرة وتصعيد الاحتجاجات السلمية في الميادين، موضحا أن العودة تأتي بعد رسالة تصعيد من طرف النظام راح ضحيتها عشرات المتظاهرين. واعتبر الصحفي خالد الحمادي أن عودة الرئيس ستعيد الأزمة إلى المربع الأول، وأشار للجزيرة إلى أن رجوعه سيثير حالة استياء كبيرة جدا بين الثوار الذي سيسعون للتصعيد، باعتبار عودته محاولة لإعادة خلط الأوراق وإشغال الشارع عن الجرائم التي ارتكبت في الأيام الماضية. وفي سياق ذي صلة، أعلن أحمد الصوفي، السكرتير الصحفي للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أن الرئيس «لا يمكن أن يتنازل عن منصبه» حتى يأتي «رئيس شرعي جديد» لقيادة البلاد. وقال الصوفي في تصريحات صحفية إن «صالح هو الرئيس الشرعي الوحيد لليمن»، لافتا إلى أنه لن يتنازل عن منصبه حتى يأتي رئيس جديد إلى سدة الحكم عن طريق الانتخابات الرئاسية فقط. وأوضح أن تفويض الرئيس لنائبه هو فقط بشأن الحوار مع أحزاب اللقاء المشترك ثم التوقيع على المبادرة الخليجية. ولفت إلى أنه لا يمكن الجلوس على طاولة حوار مشتركة بشأن التوقيع على المبادرة الخليجية بين أطراف الأزمة السياسية اليمنية بسبب ما سماه تعنت أحزاب اللقاء المشترك. واعتبر الصوفي أن اللقاء المشترك لا يعد طرفا وطنيا قادرا على تحمل مسؤولياته، قائلا «ليس لدى أحزابه الشعور بالمسؤولية». كما ذكر الصوفي أن الجانبين الأميركي والأوروبي يجريان حاليا حوارا مكثفا مع أحزاب اللقاء المشترك لإقناعها بحدود التفويض على المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، مؤكدا أن هذا الجهد الدولي يسعى إلى تقريب المحددات وطرق استيعاب الشراكة بين الحزب الحاكم والمعارضة.