قال الشيخ صادق عبد الله بن حسين الأحمر «إن الذي يحكم اليمن حالياً هو السفير الأمريكي عبر النائب عبد ربه وبقية أركان النظام». فيما شكل شباب الثورة اليمنية مجلسًا انتقاليًا من دون مشاركة أحزاب المعارضة الرئيسية (اللقاء المشترك)، في وقت دعت فيه المنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى عدم معاقبة الشعب اليمني على ثورته السلمية. وأكد زعيم قبيلة حاشد، كبري القبائل اليمنية، أن السفير الأمريكي بصنعاء هو من يحكم اليمن في الظروف الراهنة، معتبراً أن تقاعس نائب الرئيس الفريق عبدربه منصور هادي في نقل السلطة وممارسة الصلاحيات الكاملة للرئيس بموجب ما يخوله الدستور المعتمد، أسهم في تحويل السفير الأمريكي إلى حاكم فعلي لليمن، قائلاً إن الأخير يسير شؤون البلاد عبر استخدام هادي والعميد أحمد النجل الأكبر للرئيس صالح قائد الحرس الجمهوري، كأدوات لتنفيذ التوجيهات الصادرة من واشنطن. واتهم الشيخ صادق الأحمر، في مقابلة متلفزة بثتها فضائية “سهيل” المعارضة، الرئيس علي عبد الله صالح بالوقوف وراء ما أسماه “تفريخ” تنظيم القاعدة في اليمن، وأشار إلى أن عناصر من تنظيم القاعدة توجد في مجمع دار الرئاسة ومنخرطة ضمن قوات مكافحة الإرهاب، وأن 16 من أصل ال 32 من أعضاء القاعدة الذين فروا من سجن تابع لجهاز الأمن السياسي (المخابرات اليمنية) بصنعاء في عام 2003 يقطنون حالياً في عدد من الفيلات المملوكة لمؤسسة الرئاسة في الحي السياسي بصنعاء . وأشار الأحمر إلى أن “نظام الرئيس علي صالح ينازع الرمق الأخير، وأن تكريس صالح للمال العام في توظيف البلاطجة لمناهضة الثوار الشباب والثورة، إلى جانب المواقف السلبية للشرائح الاجتماعية والشعبية المحايدة من دعم الثورة، تسببا في إطالة بقاء النظام وتأخير الحسم”. وشن شيخ مشائخ قبيلة حاشد هجوماً حاداً على شخص الرئيس صالح واصفاِ إياه ب“العميل” للولايات المتحدة، وبممارسة الابتزاز المادي والسياسي لدول الخليج والغرب، وأنه انتهج خلال سنوات حكمه الطويلة الماضية سياسات ترتكز على تجويع الشعب اليمني وامتهانه وتبديد موارده وثرواته، مما أدى إلى تلاشي الطبقة المتوسطة من المجتمع اليمني. كما اعتبر الإصابات التي لحقت بالرئيس جراء تعرضه لمحاولة اغتيال بمقره الرئاسي في الثالث من يونيو المنصرم بأنها “عقاب إلهي” على مجزرة جمعة الكرامة والمجازر الأخرى في تعز وعدد من المدن اليمنية. واستبعد أن يطرأ تغير على مواقف الرئيس صالح في حال عودته من السعودية إلى اليمن قائلاً إن “الرئيس لن يتغير حتى ولو بُعث مجدداً من القبر”. واعتبر الشيخ الأحمر أن “الولايات المتحدة تدرك جيداً أن تنظيم القاعدة في اليمن هو من صنيعة الرئيس صالح”، لكنها مع ذلك واصلت ولا تزال تدعم وجوده على رأس السلطة في اليمن لاعتبارات تتعلق بارتهان الرئيس اليمن لدعم وتأمين المصالح الأمريكية”. وحمل الشيخ الأحمر نائب الرئيس مسؤولية قتل المدنيين في مناطق أرحب ونهم والحيمتين الداخلية والخارجية وتعز وزنجبار. واعتبر زعيم حاشد المبادرة الخليجية أنها لا تزال تمثل أرضية لتسوية وإنهاء الأزمة السياسية القائمة في البلاد، وجدد التزامه باستمرار وقف إطلاق النار من جانب أتباعه في منطقة الحصبة بصنعاء، كما توعد القوات الحكومية الموالية للرئيس صالح في حال استمرارها في استخدام الرصاص الحي لقتل المدنيين والمعتصمين سلمياً، قائلاً إن الرد على رصاصاتهم لن يكون إلا برصاص مماثل. مجلس انتقالي للثوار سياسيا، وعلى صعيد تحركات ثوار اليمن في محاولاتهم لانتزاع المشروعية لنضالاتهم، أعلن ائتلاف الثورة اليمنية أول أمس تشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد بعضوية 17 شخصياً. وذكر موقع “يمن نيوز” الإخباري أن المجلس يتكون من 17 شخصية إضافة إلى اختيار قائد للقوات المسلحة ورئيس لمجلس القضاء الأعلى لإدارة شؤون البلاد في المرحلة المقبلة. واختير اللواء عليوه قائدا عاما للقوات المسلحة، والقاضي فهيم عبدالله محسن رئيساً لمجلس القضاء الأعلى. ويضم المجلس شخصيات من أحزاب معارضة بينها الرئيس السابق لليمن الجنوبي علي ناصر محمد، ورئيس الوزراء السابق في اليمن الجنوبي أيضاً حيدر أبوبكر العطاس، والمعارض في المنفى عبدالله الحاكمي. وقالت توكل كرمان إحدى الناشطات خلال مؤتمر صحافي إن المجلس سيكون مكلفا قيادة البلاد خلال فترة انتقالية لا تتعدى التسعة أشهر، وتشكيل حكومة تكنوقراط. وقال هاشم العبارة أحد مسؤولي تجمع شباب الثورة “قررنا الاعلان عن تشكيل المجلس الرئاسي إثر شائعات حول عودة صالح الاحد (أمس) أو الاثنين (اليوم)” . ويبدو أن تشكيل هذا المجلس لا يحظى بتأييد المكونات الأخرى في حركة الاحتجاج وخصوصاً المعارضة البرلمانية. من جانبه، وصف المتحدث الرسمي باسم الحكومة اليمنية عبده محمد الجندي المجلس الانتقالي بأنه “مجلس تصعيد الفتنة واستمرار الأزمة، وانقلاب على الشرعية الدستورية”. واعتبر من يدعون إلى مثل هذا المجلس هم من المصابين بوهم العظمة. واستبعد الجندي أن يستطيع المجلس الانتقالي الحلول محل المؤسسات الحكومية القائمة. وتَمّ تشكيل المجلس ب 17 شخصية متزامنًا مع مناسبة مرور 33 عامًا على تولي الرئيس صالح حكم اليمن الذي احتفل أمس الأحد 17 يوليوز بالمناسبة. وكانَ رئيس الدائرة الإعلامية للمؤتمر الشعبي العام الحاكم طارق الشامي اعتبر أنَّ الإعلان عن مجلس انتقالي «بمثابة دعم لتنظيم القاعدة الذي يستغل الأحوال الأمنية المتوترة ليتمدد في المحافظات اليمنية». ودعت كرمان في المؤتمر الصحفي إلى «احترام قرارات شباب الثورة والاعتراف بمؤسسات الثورة وإنهاء كافة أشكال التعاون مع بقايا نظام صالح لكونها لا تمثل البلاد». ولم تعلق أحزاب المعارضة اليمنية (اللقاء المشترك) على إعلان تشكيل شباب الثورة ولم تشر إذا كان الإعلان عن المجلس الانتقالي يتعارض مع مساعيها الإعلان عن مجلس إنقاذ لليمن. واتَّهمت وسائل إعلام قريبة من الحكومة اليمنية، أول أمس، الناشطة كرمان بأنها تعمل على تنفيذ أجندة خارجية ولها ارتباطات بدولة قطر التي يتهمها ب»إثارة الصراع» في اليمن. تنديد بمعاقبة الشعب من جانب آخر، أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان أنها تتابع «ببالغ القلق التدهور المتزايد الذي تشهده الساحة اليمنية على صلة بمحاولات إجهاض مكتسبات الثورة السلمية واستحقاقاتها المشروعة». وقالت إن القوات التابعة للرئيس علي عبد الله صالح ونجله لا تزال تواصل جرائمها «الميدانية بحق المحتجين سلمياً»، كما أن الأوضاع المعيشية لا تزال تتفاقم بشكل خطير «على نحو يعكس محاولة النظام اليمني مقايضة الشعب بالتراجع عن ثورته مقابل توفير متطلبات المعيشة اليومية للمواطنين». وأضافت المنظمة أنها تلقت تقارير ميدانية تؤكد استفحال التدهور المعيشي في البلاد على نحو يهدد بشل الحياة في مختلف مناحيها، حيث باتت الأسواق تفتقد للعديد من المواد الغذائية الأساسية، جنباً إلى جنب مع تضرر قطاعات الخدمات، والتي يتمثل أبرزها في الافتقاد لوقود السيارات وانقطاع الكهرباء شبه الدائم، وذلك على رغم دعم الطاقة الذي تلقته البلاد من جارتها السعودية. وترجح هذه المعلومات صحة التقديرات التي تذهب إلى أن النظام يهدد شعبه عملياً بشل مقومات حياتهم إذا ما استمروا في ثورتهم، وخاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك وتزايد متطلبات السكان. وشددت المنظمة على أنه «لا يمكن تفسير ما يجري في اليمن منذ إصابة الرئيس ورفاقه في اعتداء صاروخي على مقره إلا في سياق الدور السلبي الخطير للقوى الدولية صاحبة المصلحة في بقاء النظام اليمني وكذا قوى الجوار الإقليمي التي اتفقت فيما يبدو للعمل على المحافظة على النظام الديكتاتوري في اليمن وإجهاض المطالب المشروعة للثورة السلمية، في سياق جهود مكثفة لاحتواء قوة الدفع التي حظيت بها الثورة الشعبية العربية من أجل الكرامة والحرية ومحاولة وقف رياح التغيير الديمقراطي». وجددت المنظمة الحقوقية التأكيد على مشروعية مطالب الثورة الشعبية في اليمن، وعلى حتمية رضوخ النظام الحاكم لمطالب شعبه، وعلى تحمله مع القوى الدولية والإقليمية المساندة له مسؤولية الانتهاكات والفظاعات التي ارتكبها بحق مواطنيه. وتطالب المنظمة المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته لوقف منهجية العقاب الجماعي التي لجأ إليها النظام اليمني من خلال تهديد السكان في مصادر رزقهم ومعيشتهم، والعمل على وقف نزيف الدماء وضمان المحاسبة على ما شهدذته البلاد من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.